للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحانوت والمنزل كَالدَّارِ، وَالذَّهَب وَالْفِضَّة والعنبر واللؤلؤ يسْتَخْرج من الْبَحْر لَا خمس فِيهَا وَلَا زَكَاة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد، بل جَمِيعهَا للواجد، وَبِه قَالَ مَالك، كَذَا فِي الْجَوَاهِر لِابْنِ شَاس. وَعَن أبي يُوسُف: يجب فِيهَا الْخمس، وَعند الشَّافِعِي وَأحمد: تجب الزَّكَاة، لَكِن عِنْد الشَّافِعِي فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة خَاصَّة وَإِن وجده فِي الفلاة وَالْجِبَال والموات فَفِيهِ الْخمس وَبَاقِيه للواجد، وَإِن كَانَ فِي العامر وَكَانَ الإِمَام اختطه للغازي فَفِيهِ الْخمس وَأَرْبَعَة أَخْمَاس لصَاحب الخطة أَو لوَرثَته أَو وَرَثَة ورثته إِن عرفُوا وإلَاّ يُعْطي أقْصَى مَالك الأَرْض أَو ورثته، وَإِن لم يعرفوا، فلبيت المَال. وَقَالَ أَبُو يُوسُف: للواجد، وَهُوَ اسْتِحْسَان وَإِن لم يكن مَمْلُوكا لأحد كالجبال والمفاوز وَنَحْوهمَا فَأَرْبَعَة أخماسه للواجد اتِّفَاقًا.

الْوَجْه السَّابِع فِي الْوَاجِد، وَيَسْتَوِي عندنَا مُسلما كَانَ أَو ذِمِّيا أَو مستأمنا أَو امْرَأَة أَو مكَاتبا أَو عبدا إلَاّ الْحَرْبِيّ: قَالَ ابْن الْمُنْذر: أجمع كل من أحفظ عَنهُ على وجوب الْخمس فِيمَا وجده ذمِّي، مِنْهُم الشَّافِعِي ورده أَصْحَابه، وَالْكَافِر لَا تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة، نصوا على هَذَا فِي كتبهمْ.

الْوَجْه الثَّامِن: فِي مصرفه، ومصرفه مصرف خمس الْغَنِيمَة والفيء عندنَا، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة، والمزني وَأَبُو حَفْص بن الْوَكِيل من الشَّافِعِيَّة، وَعَن مُحَمَّد: يصرف مِنْهُ إِلَى حَملَة الْقُرْآن ودواء المرضى وكتبة الْأُمَرَاء ودواب الْبرد، وَعند الشَّافِعِي: يصرف فِي مصارف الزَّكَاة وَإِن تصدق بِنَفسِهِ أَمْضَاهُ الإِمَام لِأَنَّهُ لم يدْخل فِي جبايته، وَبِه قَالَ أَحْمد وَابْن الْمُنْذر، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: بضمنة الإِمَام لَو فعل، وللمحتاج أَن يصرفهُ إِلَى نَفسه. وَقَالَ فِي (التُّحْفَة) : إِذا لم يغنه أَرْبَعَة الْأَخْمَاس، ورده عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على واجده، رَوَاهُ أَحْمد وَابْن الْمُنْذر، وَاخْتَارَهُ القَاضِي وَابْن عقيل من الْحَنَابِلَة، وَلم يجوزه الشَّافِعِي لكَونه زَكَاة على أَصله، وَيجوز صرفه إِلَى من شَاءَ من أَوْلَاده وآبائه المحتاجين، بِخِلَاف الزَّكَاة وَالْعشر وَصدقَة الْفطر وَالْكَفَّارَات وَالنُّذُور، ذكرهَا الاسبيجابي، رَحمَه الله، وَفِي (الْمَبْسُوط) : وَلَا يسْقط عَن الرِّكَاز والمعدن وَإِن كَانَ الْوَاحِد مدنيا أَو فَقِيرا لأطلاق النَّص، وَلَا فرق بَين أَرض العنوة وَأَرْض الصُّلْح وَأَرْض الْعَرَب. وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد. وَقَالَ مَالك: الرِّكَاز فِي أَرض الْعَرَب للواجد بعد الْخمس، وَفِي أَرض الصُّلْح لأهل تِلْكَ الْبِلَاد، وَلَا شَيْء فِيهِ للواجد، وَمَا يُوجد فِي أَرض العنوة لمن افتتحها بعد الْخمس، وَأما مَا يُوجد من الْجَوْهَر وَالْحَدِيد والرصاص وَنَحْوه فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: فِيهِ الْخمس، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ فَقَالَ: لَا شَيْء فِيهِ.

٧٦ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {والعَامِلينَ عَلَيْهَا} (التَّوْبَة: ٠٦) . ومُحَاسَبَةِ المُصَّدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ)

أَي: هَذَا بَاب قَول الله تَعَالَى: {والعاملين عَلَيْهَا} (التَّوْبَة: ٠٦) . أَي: على الصَّدقَات، وَهَذَا مَذْكُور فِي آيَة الصَّدقَات. ذكره لِأَنَّهُ روى فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث أبي حميد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: محاسبة الإِمَام مَعَ الْمُصدق، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله، ومحاسبة المصدقين، بِلَفْظ الْفَاعِل جمع مُصدق بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذ الصَّدقَات، وَهُوَ السَّاعِي الَّذِي يعيّنه الإِمَام بقبضها.

٠٠٥١ - حدَّثنا يُوسُفُ بنُ مُوسى اقال حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ أخبرنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ اسْتَعْمَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلاً مِنَ الأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعى ابنَ اللُتْبِيَّةَ فلَمَّا جَاءَ حاسَبَهُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن ابْن اللتبية كَانَ عَاملا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جَاءَ من عمله أَخذ عَنهُ الْحساب وَأَبُو أُسَامَة اسْمه حَمَّاد بن أُسَامَة، وَأَبُو حميد بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة، قيل: اسْمه عبد الرَّحْمَن، وَقيل: الْمُنْذر، وَقيل: إِنَّه عَم سهل بن سعد.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب من قَالَ فِي الْخطْبَة بعد التَّشَهُّد أما بعد. حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، قَالَ: أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة (عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أخبرهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عَشِيَّة بعد الصَّلَاة فَتشهد وأثني على الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أما بعد. .) . وَأخرجه فِي الْهِبَة عَن عبد الله بن مُحَمَّد، وَفِي الْأَحْكَام عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي النذور عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، وَفِي الْجُمُعَة كَذَلِك، وَفِي ترك الْحِيَل عَن عبيد الله بن إِسْمَاعِيل وَفِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد بن عَبدة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد وَابْن أبي عمر وَعَن

<<  <  ج: ص:  >  >>