الشَّهَادَات: بَاب مَا يكره من الإطناب فِي الْمَدْح.
قَوْله: (ويطريه) من الإطراء وَهُوَ مُجَاوزَة الْحَد. قَوْله: (أَو قطعْتُمْ) شكّ من الرَّاوِي وَقطع الظّهْر مجَاز عَن الإهلاك، يَعْنِي: أوقعتموه فِي الْإِعْجَاب بِنَفسِهِ الْمُوجب لهلاك دينه.
١٠٦١ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ خالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي بَكْرَةَ عَنْ أبِيهِ أنَّ رجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأثْنى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْراً، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقُ صاحِبِكَ، يَقُولُهُ مِرَاراً: إنَّ كانَ أحَدُكُمْ مادِحاً لَا مَحالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا، إِن كَانَ يُرَى أنَّهُ كَذلِكَ وَحَسِيبُهُ الله وَلَا يُزَكِّي عَلَى الله أحَداً.
وَقَالَ وُهَيْبٌ عَنْ خالِدٍ: وَيْلَكَ. (انْظُر الحَدِيث ٢٦٦٢ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق. وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وخَالِد هُوَ ابْن مهْرَان الْحذاء، وَأَبُو بكرَة هُوَ نفيع بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء ابْن الْحَارِث الثَّقَفِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الشَّهَادَات عَن مُحَمَّد بن سَلام فِي: بَاب إِذا زكى رجل رجلا كَفاهُ.
قَوْله: (ذكر) بِلَفْظ الْمَجْهُول. قَوْله: (وَيحك) كلمة ترحم وتوجع يُقَال لمن وَقع فِي هلكة لَا يَسْتَحِقهَا، وَقد يُقَال بِمَعْنى الْمَدْح والتعجب، وَهِي مَنْصُوبَة على الْمصدر، وَقد ترفع وتضاف، فَيُقَال: وَيْح زيد ويحاً لَهُ وويح لَهُ. قَوْله: (قطعت عنق صَاحبك) قطع الْعُنُق اسْتِعَارَة من قطع الْعُنُق الَّذِي هُوَ الْقَتْل لاشْتِرَاكهمَا فِي الْهَلَاك لَكِن هَذَا الْهَلَاك فِي الدّين وَذَاكَ من جِهَة الدُّنْيَا. قَوْله: (لَا محَالة) بِفَتْح الْمِيم أَي: لَا بُد وَالْمِيم زَائِدَة. قَوْله: (إِن كَانَ يُرى) بِضَم الْيَاء أَي: يظنّ، وَوَقع فِي رِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع: إِن كَانَ يعلم ذَلِك، وَكَذَا فِي رِوَايَة وهيب. قَوْله: (وحسيبه الله) بِفَتْح الْحَاء وَكسر السِّين الْمُهْملَة يَعْنِي: يحاسبه على عمله الَّذِي يعلم بِحَقِيقَة حَاله وَهِي جملَة اعتراضية. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: هِيَ من تَتِمَّة القَوْل، وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة حَال من فَاعل. (فَلْيقل) . وعَلى الله فِيهِ معنى الْوُجُوب وَالْقطع، وَالْمعْنَى: فَلْيقل: أَحسب فلَانا كَيْت وَكَيْت إِن كَانَ يحْسب ذَلِك، وَالله يعلم سره فِيمَا فعل فَهُوَ يجازيه، وَلَا يقل: أتيقن أَنه محسن وَالله شَاهد عَلَيْهِ، على الْجَزْم، وَأَن الله يجب عَلَيْهِ أَن يفعل بِهِ كَذَا وَكَذَا. قَوْله: (وَلَا يُزكي) على صِيغَة الْمَعْلُوم. و: (أحدا) مَنْصُوب بِهِ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَالضَّمِير فِي: يُزكي، للمخاطب وَعَن أبي ذَر عَن المستملى والسرخسي على صِيغَة الْمَجْهُول: وَاحِد، بِالرَّفْع وَمَعْنَاهُ: لَا يقطع على عَاقِبَة أحد وَلَا على مَا فِي ضَمِيره لِأَن ذَلِك مغيب عَنهُ. قَوْله: (وَلَا يُزكي) خبر مَعْنَاهُ النَّهْي أَي لَا يُزكي أحدا.
قَوْله: (وَقَالَ وهيب) مصغر وهب بن خَالِد الْبَصْرِيّ (عَن خَالِدا) لحذاء بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور فِيمَا سَيَأْتِي. قَوْله: (وَيلك) مَوضِع وَيحك، وَكلمَة: وَيلك، كلمة حزن وهلاك، وَقيل: وَيْح وويل بِمَعْنى وَاحِد، وَتَعْلِيق وهيب هَذَا يَأْتِي مَوْصُولا فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي قَول الرجل: وَيلك.
٥٥ - (بابُ مَنْ أثْنَى عَلَى أخِيهِ بِما يَعْلَمُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز ثَنَاء من أثنى على أَخِيه أَي: صَاحبه بِمَا يعلم فِيهِ وَلَكِن بِشَرْط أَن لَا يطري وَلَا يزِيد على مَا يعلم.
وَقَالَ سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقولُ لأحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأرْضِ: إنَّهُ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ إلَاّ لِعَبْدِ الله بنِ سَلَامٍ.
أَي: قَالَ سعد بن أبي وَقاص، هَذَا التَّعْلِيق قد مضى مَوْصُولا فِي مَنَاقِب عبد الله بن سَلام، قيل: عبد الله بن سَلام من المبشرين فَلَا ينحصرون فِي الْعشْرَة. وَأجِيب: بِأَن التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يَنْفِي الزَّائِد، أَو المُرَاد بِالْعشرَةِ الَّذين بشروا بهَا دفْعَة وَاحِدَة، وَإِلَّا فالحسن وَالْحُسَيْن وأمهما وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالِاتِّفَاقِ من أهل الْجنَّة، قيل: مَفْهُوم التَّرْكِيب أَنه منحصر فِي عبد الله فَقَط. وَأجِيب بِأَن غَايَته أَن سعد لم يسمع ذَلِك مِنْهُ، أَو لم يقل لأحد غَيره حَال الْمَشْي على الأَرْض.
٦٠٦٢ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عَنْ سالِمٍ عَنْ أبِيهِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِينَ ذَكَرَ فِي الإزَارِ مَا ذَكَرَ قَالَ أبُو بَكرٍ: يَا رسولَ الله! إنَّ إزَاري يَسْقُطُ مِنْ أحَدِ شقَّيْهِ. قَالَ: إنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ.