للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّحْمَن لِأَن فِيهَا أسماءه وَصِفَاته، وأسماؤه مُشْتَقَّة من صِفَاته. قَوْله: أَخْبرُوهُ أَن الله يُحِبهُ أَي: يُرِيد ثَوَابه لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُوصف بالمحبة الْمَوْجُودَة فِي الْعباد.

٢ - (بابُ قَوْلِ الله تبارَكَ وَتَعَالَى: {قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَانَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الَاْسْمَآءَ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذاَلِكَ سَبِيلاً} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تبَارك وَتَعَالَى، وَقَالَ ابْن بطال: غَرَضه فِي هَذَا الْبَاب إِثْبَات الرَّحْمَة وَهِي صِفَات الذَّات فالرحمن وصفٌ وصفَ الله بِهِ نَفسه وَهُوَ مُتَضَمّن لِمَعْنى الرَّحْمَة، فالرحامن بِمَعْنى المترحم، والرحيم بِمَعْنى المتعطف، وَقيل: الرَّحْمَن فِي الدُّنْيَا والرحيم فِي الْآخِرَة وَلما نزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا: اندعوا اثْنَيْنِ، فَأعْلم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن لَا يدعى غَيره. فَقَالَ: {قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَانَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الَاْسْمَآءَ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذاَلِكَ سَبِيلاً} وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالَاْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} قَالَ: هَل تعلم أحدا اسْمه الرحمان سواهُ؟ قَوْله: أيّاً كلمة أَي: بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء تَأتي لمعان. أَحدهَا أَن يكون شرطا وَهِي أَي هَذِه، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن النَّبِي تهجد لَيْلَة بِمَكَّة فَجعل يكثر فِي سُجُوده: يَا الله يَا رحمان، فَقَالَ الْمُشْركُونَ: كَاد مُحَمَّد يَدْعُو إلاهنا فيدعو إلاهين وَمَا نَعْرِف رحماناً إلَاّ رحمان الْيَمَامَة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الدُّعَاء بِمَعْنى التَّسْمِيَة لَا بِمَعْنى النداء، وَهُوَ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين نقُول: دَعوته زيدا، ثمَّ تتْرك أَحدهمَا اسْتغْنَاء عَنهُ فَيُقَال: دَعَوْت زيدا. وَالله والرحمان المُرَاد بهما الِاسْم لَا الْمُسَمّى وأو للتَّخْيِير يَعْنِي: {اذعوا الله أَو ادعوا الرحمان} يَعْنِي: سموا بِهَذَا الِاسْم أَو بِهَذَا الِاسْم واذْكُرُوا إِمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا، والتنوين فِي: أَيَّامًا، عوض عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ و: مَا، صلَة للإبهام الْمُؤَكّد لما فِي: أَي، أَي: أَي هذَيْن الاسمين سميتم أَو ذكرْتُمْ فَلهُ أَسمَاء وَمعنى كَونهَا أحسن الْأَسْمَاء أَنَّهَا مُسْتَقلَّة بِمَعْنى التمجيد وَالتَّقْدِيس والتعظيم.

٧٣٧٦ - حدّثنا مُحَمَّدٌ، أخبرنَا أبُو مُعاوِيَةَ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ زَيْد بنِ وهْبٍ وَأبي ظَبْيانَ، عنْ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرْحَمُ الله مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ

انْظُر الحَدِيث ٦٠١٣

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من لفظ: الرحمان وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ قَالَ الْكرْمَانِي: مُحَمَّد إِمَّا ابْن سَلام وَإِمَّا ابْن الْمثنى، وَقَالَ بَعضهم: قَالَ الْكرْمَانِي تبعا لأبي عَليّ الجياني: هُوَ إِمَّا ابْن سَلام وَإِمَّا ابْن الْمثنى. قلت: لم يذكر الْكرْمَانِي أَبَا عَليّ الجياني أصلا وَالْأَمَانَة مَطْلُوبَة فِي النَّقْل قَالَ: وَقد وَقع التَّصْرِيح بِالثَّانِي فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن شُيُوخه فَتعين الْجَزْم. قلت: دَعْوَى الْجَزْم مَرْدُودَة على مَا لَا يخفى، فَافْهَم. وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي يروي عَن سلميان الْأَعْمَش عَن زيد بن وهب الْهَمدَانِي الْكُوفِي من قضاعة خرج إِلَى النَّبِي، فَقبض النَّبِي، وَهُوَ فِي الطَّرِيق، وَأَبُو ظبْيَان بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَكسرهَا وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالياء آخر الْحُرُوف واسْمه حُصَيْن مصغر الْحصن بالمهملتين ابْن جُنْدُب الْكُوفِي.

والْحَدِيث مضى فِي الْأَدَب عَن عمر بن حَفْص. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.

٧٣٧٧ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ عاصِمٍ الأحْوَلِ، عنْ أبي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ، عنْ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ إذْ جاءَهُ رسولُ إحْدَى بَناتِهِ يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِها فِي المَوْتِ، فَقَالَ النبيُّ ارْجِعْ فأخْبِرْها أنَّ لله مَا أخَذَ، ولهُ مَا أعْطَى وكلُّ شَيْءٍ عِنْدهُ بأجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْها فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِبْ فأعادَتِ الرَّسولَ أَنَّهَا أقْسَمَتْ لَيَأْتِيَنَّها، فقامَ النبيُّ وقامَ مَعَهُ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ ومُعاذُ بنُ جَبَلٍ فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إلَيْهِ ونَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>