صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأتِكَ قَالَ فَتَلاعَنا وَأَنا شاهِدٌ عِنْدَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفارَقَها فَكانَتْ سُنَّةً أنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلَاعِنَيْنِ وكانَتْ حامِلاً فأنْكَرَ حَمْلَها وكانَ ابْنَها يُدْعَى إلَيْها ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي المِيرَاثِ أنْ يَرِثَها وتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ الله لَها..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَأنْزل الله فِيهَا) . وفليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام: ابْن سُلَيْمَان أَبُو يحيى الْخُزَاعِيّ وَكَانَ اسْمه عبد الْملك ولقبه فليح.
والْحَدِيث رُوِيَ عَن سهل بطريقين: أَحدهمَا: عَن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، وَقد مر. وَالْآخر: عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي قبله، ولنذكر مَا لم يذكر فِيهِ.
فَقَوله: (أَن رجلا) هُوَ: عُوَيْمِر الْعجْلَاني. قَوْله: (قد قضي فِيك وَفِي امْرَأَتك) الْقَضَاء فيهمَا هُوَ بِآيَة اللّعان الَّتِي نزلت. قَوْله: (فَتَلَاعَنا) ، فِيهِ حذف كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث الْمَاضِي تَقْدِيره: قذف امْرَأَته وَأنْكرت هِيَ الزِّنَا وأصر كل وَاحِد مِنْهُمَا على قَوْله ثمَّ تلاعنا. قَوْله: (ففارقها) ، وَفِي رِوَايَة: فَطلقهَا ثَلَاثًا، قبل أَن يَأْمُرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففارقها عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة: لَاعن ثمَّ لاعنت ثمَّ فرق بَينهمَا، وَفِي رِوَايَة قَالَ: لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا. قَوْله: (فَكَانَت) ، أَي: الْمُلَاعنَة (سنة التَّفْرِيق بَينهمَا) وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة وَقد تَأَوَّلَه ابْن نَافِع الْمَالِكِي على أَن مَعْنَاهُ اسْتِحْبَاب ظُهُور الطَّلَاق بعد اللّعان. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ الْجُمْهُور: مَعْنَاهُ حُصُول الْفرْقَة بِنَفس اللّعان، قُلْنَا: معنى الْجَواب عَن هَذَا فِيمَا مضى أَنه لَا بُد من حكم الْحَاكِم لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعويمر بعد اللّعان: فَطلقهَا. قَوْله: (وَكَانَت حَامِلا فَأنْكر) أَي: الرجل أنكر (حملهَا) فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْمُلَاعنَة بِالْحملِ، وَإِلَيْهِ ذهب ابْن أبي ليلى وَمَالك وَأَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو يُوسُف فِي رِوَايَة، فَافْهَم. قَالُوا: من نفى حمل امْرَأَته لَا عَن بَينهمَا القَاضِي، وَألْحق الْوَلَد بِأُمِّهِ. وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَمُحَمّد وَأحمد فِي رِوَايَة، وَابْن الْمَاجشون من أَصْحَاب مَالك وزفرين الْهُذيْل: لَا تلاعن بِالْحملِ، وَسَوَاء عِنْد أبي حنيفَة وَزفر ولدت بعد النَّفْي لتَمام سِتَّة أشهر أَو قبلهَا، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد: إِن ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ نَفَاهُ وَجب عَلَيْهِ اللّعان لِأَنَّهُ حينئذٍ يتَيَقَّن بِوُجُودِهِ عِنْد النَّفْي ولأكثر مِنْهَا احْتمل أَن يكون حمل حَادث، وَبِه قَالَ مَالك، إلَاّ أَنه يشْتَرط عدم وَطئهَا بعد النَّفْي، وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث: أَن اللّعان فِيهِ كَانَ بِالْقَذْفِ لَا بِالْحملِ وَلِأَنَّهُ يجوز أَن يكون حملا لِأَن مَا يظْهر من الْمَرْأَة مِمَّا يتَوَهَّم بِهِ أَنَّهَا حَامِل لَيْسَ يعلم أَنه حمل على حَقِيقَته إِنَّمَا هُوَ توهم، فنفي المتوهم لَا يُوجب اللّعان. قَوْله: (ثمَّ جرت السّنة)
إِلَى آخِره، قد مر حَاصله فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وَقد أجمع الْعلمَاء على جَرَيَان التورات بَينه وَبَين أَصْحَاب الْفُرُوض من جِهَة أمه وهم: إخْوَته وأخواته من أمه وجداته من أمه، ثمَّ إِذا دفع إِلَى أمه فَرضهَا أَو إِلَى أَصْحَاب الْفُرُوض وَيبقى شَيْء فَهُوَ لموَالِي أمه إِن كَانَ عَلَيْهَا وَلَاء، وَإِن لم يكن يكون لبيت المَال عِنْد من لَا يرى بِالرَّدِّ وَلَا بتوريث ذَوي الْأَرْحَام، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.
٣ - (بابٌ قَوْلُهُ: {ويَدْرَأُ عَنْها العَذَابَ أنْ تَشْهَدَ أرْبَعَ شَهادَاتٍ بِاللَّه إنّهُ لَمِنَ الكاذِبِينَ} (النُّور: ٨)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب} أَي: وَيدْفَع عَن الزَّوْجَة الْحَد بِأَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه وَإنَّهُ أَي: أَن الزَّوْج.
٧٤٧٤ - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيّ عنْ هِشام بنِ حَسَّانَ حدّثنا عِكْرَمَةُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ هلَالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَرِيكِ بنِ سَحْماءَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البَيِّنَةَ أوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ يَا رسولَ الله إِذا رَأى أحَدُنا عَلَى امْرأتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ البَيِّنَةَ وإلَاّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ هِلَالٌ والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ فليُنْزِلَنَّ الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute