قَالَ هُنَا: فرسا لنا، لِأَن أنسا كَانَ فِي حجر أبي طَلْحَة، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة قَالَ أنس: لنا. وَالله أعلم.
٧٤ - (بابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الفَرَسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يذكر فِي الْأَحَادِيث من شُؤْم الْفرس، هَل هُوَ عَام فِي جَمِيع الْخَيل أَو مَخْصُوص بِبَعْضِهَا؟ وَهل هُوَ على ظَاهره أَو مؤول؟ وذِكر فِي الْبَاب حَدِيث عمر وَحَدِيث سهل بن سعد يدل على أَنه لَيْسَ على ظَاهره كَمَا سنبينه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. ثمَّ ذكره الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَاب يدل على خُصُوص الشؤم بِبَعْض الْخَيل دون كلهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه أَن شَاءَ الله تَعَالَى والشؤم ضد الْيمن، يُقَال: تشَاء مت بالشَّيْء وتيمنت بِهِ، وَالْوَاو فِي: الشؤم، همزَة وَلكنهَا خففت فَصَارَت واواً، وَغلب عَلَيْهَا التَّخْفِيف حَتَّى لم ينْطق بهَا مَهْمُوزَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال: رجل مشوم ومشؤم، وَيُقَال مَا أشأم فلَانا، والعامة تَقول مَا أيشمه. قلت: الْعَامَّة أَيْضا تَقول: ميشوم، وَهُوَ من تصحيفاتهم.
٨٥٨٢ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ قَالَ أخْبرنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أخبرَني سالِمُ بنُ عبْدِ الله أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إنَّمَا الشؤمُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الفَرَسِ والمَرْأةِ والدَّارِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(فِي الْفرس) وَهَذَا السَّنَد بهؤلاء الرِّجَال قد مر غير مرّة. وَأَبُو الْيَمَان، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف: الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب بن أبي حمرَة الْحِمصِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الْيَمَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عِشرة النِّسَاء عَن مُحَمَّد بن خَالِد بن خلي عَن بشر بن شُعَيْب عَن أبي حَمْزَة عَن أَبِيه بِهِ.
قَوْله:(أَخْبرنِي سَالم) ، كَذَا صرح شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ بِإِخْبَار سَالم لَهُ، لَا وشذ ابْن أبي ذِئْب فَأدْخل بَين الزُّهْرِيّ وَسَالم مُحَمَّد بن زيد بن قنفذ، وَاقْتصر شُعَيْب على سَالم، وَتَابعه ابْن جريج عَن ابْن شهَاب عِنْد أبي عوَانَة، وَكَذَا روى البُخَارِيّ فِي كتاب الطِّبّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد، أخبرنَا عُثْمَان بن عمر أخبرنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر ... الحَدِيث. وَنقل التِّرْمِذِيّ عَن ابْن الْمَدِينِيّ والْحميدِي أَن سُفْيَان كَانَ يَقُول: لم يرو الزُّهْرِيّ هَذَا الحَدِيث إلَاّ عَن سَالم. قلت: هَذَا مَمْنُوع، وَقد روى الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس وَمَالك عَن ابْن شهَاب عَن حَمْزَة وَسَالم ابْني عبد الله بن عمر عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:(إِنَّمَا الشوم فِي ثَلَاثَة: فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالْفرس) . وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر وحرملة عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن حَمْزَة وَسَالم ابْني عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، (قَالَ: لَا عدوى وَلَا طيرة، وَإِنَّمَا الشؤم فِي ثَلَاثَة: الْمَرْأَة وَالْفرس وَالدَّار) . وَقَالَ مُسلم أَيْضا: حَدثنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق، قَالَ: أخبرنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، قَالَ: حَدثنَا عتبَة ابْن مُسلم عَن حَمْزَة بن عبد الله عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء فَفِي الْفرس والمسكن وَالْمَرْأَة) . قَوْله:(إِنَّمَا الشؤم فِي ثَلَاثَة) ، أَي: كَانَ فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء، وَجَاء فِي رِوَايَة مَالك وسُفْيَان، وَسَائِر الروَاة بِحَذْف أَدَاة الْحصْر، قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: الْحصْر فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَادة لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخلقَة، وَقيل: إِنَّمَا خصت هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة بِالذكر لطول ملازمتها، لِأَن غَالب أَحْوَال الْإِنْسَان لَا يَسْتَغْنِي عَن دَار يسكنهَا، وَزَوْجَة يعاشرها، وَفرس مرتبطة. واتفقت الطّرق كلهَا على الِاقْتِصَار على الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة، وَوَقع عِنْد إِسْحَاق فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق، قَالَ معمر، قَالَت أم سَلمَة: وَالسيف. قَالَ أَبُو عمر: رَوَاهُ جوَيْرِية عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن بعض أهل أم سَلمَة عَن أم سَلمَة، والمبهم الْمَذْكُور هُوَ أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن زَمعَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه مَوْصُولا عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن زَمعَة عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة عَن أم سَلمَة: أَنَّهَا حدثت بِهَذَا الحَدِيث، وزادت: فِيهِنَّ السَّيْف. وَأَبُو عبيد الْمَذْكُور هُوَ ابْن بنت أم سَلمَة، وَأمه زَيْنَب بنت سَلمَة. قلت: التَّحْقِيق فِي هَذَا الْموضع أَن هَذَا الْحصْر لَيْسَ على ظَاهره، وَكَانَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَقُول: إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء فَهُوَ فِيمَا بَين اللحيين مَعَ اللِّسَان، وَمَا شَيْء أحْوج إِلَى سجن