بِيَدِهَا عَلَيْهِ وعَلى ظَهره، وَقيل: مَعْنَاهُ تمسح بِهِ ثمَّ تفتض أَي: تَغْتَسِل بِالْمَاءِ العذب حَتَّى تصير بَيْضَاء نقية كالفضة، وَقَالَ الْخَلِيل: الفضض المَاء العذب يُقَال: افتضضت بِهِ أَي: اغْتَسَلت بِهِ. وَقيل: تفتض أَي تفارق مَا كَانَت عَلَيْهِ، وَذكر الْأَزْهَرِي أَن الشَّافِعِي، رَحمَه الله تَعَالَى، رَوَاهُ: تقبص، بِالْقَافِ وبالياء الْمُوَحدَة وَالصَّاد الْمُهْملَة. وَهُوَ الْأَخْذ بأطراف الْأَصَابِع، وَقِرَاءَة الْحسن: فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول، وَالْمَعْرُوف الأول. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يكون الْبَاء فِي تفتض بِهِ للتعدية أَو زَائِدَة يَعْنِي: تفتض الطَّائِر بِأَن تكسر بعض أعضاءه، وَلَعَلَّ غرضهن مِنْهُ الْإِشْعَار بإهلاك مَا كن فِيهِ، وَمن الرَّمْي الِانْفِصَال مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ. قَوْله: (فتعطى) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بَعرَة) بِفَتْح النُّون وسكونها. قَوْله: (فترمى بهَا) أَي: بِتِلْكَ البعرة وَفِي رِوَايَة مطرف وَابْن الْمَاجشون عَن مَالك: ترمي ببعرة من بعر الْغنم أَو الْإِبِل فترمي بهَا أمامها فَيكون ذَلِك إحلالاً لَهَا، وَفِي رِوَايَة ابْن وهب: ترمي ببعرة من بعر الْغنم من وَرَاء ظهرهَا، ثمَّ قيل: المُرَاد برمي البعرة إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا رمت الْعدة رمي البعرة. وَقيل: إِشَارَة إِلَى أَن الْفِعْل الَّذِي فعلته من التَّرَبُّص وَالصَّبْر على الْبلَاء الَّذِي كَانَت فِيهِ لما انْقَضى، كَانَ عِنْدهَا بِمَنْزِلَة البعرة الَّتِي رمتها اسْتِخْفَافًا واستحقارا وتعظيما لحقِّ زَوجهَا وَقيل: بل ترميها على سَبِيل التفاؤل لعدم عودهَا إِلَى ذَلِك.
قَوْله: (سُئِلَ مَالك: مَا تفتض) أَي: مَا مَعْنَاهُ.
٤٧ - (بَابُ: {الكُحْلِ لِلْحَادَّةِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اسْتِعْمَال الْكحل للْمَرْأَة الحادة أَي: الَّتِي تحد، بِفَتْح التَّاء وَضم الْحَاء، وَأما المحدة فَمن أحدت كَمَا بَيناهُ عَن قريب، وَقَالَ ابْن التِّين الصَّوَاب الحاد بِلَا هَاء لِأَنَّهُ نبت للمؤنث كطالق: حَائِض، وَقَالَ بَعضهم: لكنه جَائِز فَلَيْسَ بخطأ. قلت: إِن كَانَ يُقَال فِي طَالِق طالقة وَفِي حَائِض حائضة يُقَال: أَيْضا حادة وَإِن كَانَ لَا يُقَال طالقة وَلَا حائضة فَلَا يُقَال حادة، وَالصَّوَاب مَعَ ابْن التِّين، وَالَّذِي ادّعى جَوَازه فِيهِ نظر لَا يخفى.
٥٣٣٨ - حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إياسٍ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا حُمَيْدُ بنُ نَافعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّها أنَّ امْرَأةً تُوُفِّيَ زَوْجُها فَحَشُوا عَيْنَيْها. فَأتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاستأذَنُوهُ فِي الكُحْلِ فَقَال: لَا تَكْحُلُ، قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أحْلاسها. أَو شَرِّ بَيْتها. فَإِذا كانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ، فَلا حَتَّى تَمْضِيَ أرْبَعَةُ أشْهُر وَعَشْرٌ.
٥٣٣٩ - وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُُمِّ حَبِيبَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يَحِلُّ لامْرَأةٍ مُسْلِمَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أيَامٍ إلَاّ عَلَى زَوْجها أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَهَذَا الحَدِيث هُوَ الحَدِيث الْمَذْكُور فِيمَا قبل هَذَا الْبَاب وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (فحشوا عينيها) ويروى: على عينيها، وحشوا بِفَتْح الْحَاء وَضم الشين وَأَصله: حشيوا، بِضَم الْيَاء: استثقلت الضمة على الْيَاء فنقلت إِلَى مَا قبلهَا بعد سلب حركتها فَالتقى ساكنان الْيَاء وَالْوَاو فحذفت الْيَاء وَلم تحذف الْوَاو لِأَنَّهَا عَلامَة الْجمع فَصَارَت: حَشْو على وزن: فعو. فَافْهَم. قَوْله: (لَا تكحل) بِفَتْح التَّاء وَتَشْديد الْحَاء وَضم اللَّام، وَأَصله: لَا تتكحل، بتاءين فحذفت إِحْدَاهمَا، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: لَا تكحل، بِسُكُون الْكَاف وَضم الْحَاء وَاللَّام، ويروى: لَا تكتحل من الاكتحال من بَاب الافتعال. قَوْله: (أحلاسها) جمع حلْس بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ الثَّوْب أَو الكساء الرَّقِيق يكون تَحت البردعة. قَوْله: (أَو شرِّ بَيتهَا) شكّ من الرَّاوِي، وَذكر وصف ثِيَابهَا وَوصف مَكَانهَا. قَوْله: (فَلَا حَتَّى تمْضِي) أَي: فَلَا تكتحل حَتَّى تمْضِي أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام.
قَوْله: (وَسمعت) الْقَائِل بِهَذَا هُوَ حميد ابْن نَافِع الرَّاوِي، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم. قَوْله: (عَن أم حَبِيبَة) هِيَ أم الْمُؤمنِينَ بنت أبي سُفْيَان أُخْت مُعَاوِيَة، وَاسْمهَا رَملَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز بأتم مِنْهُ.
قَوْله: (وَعشرا) بِالنّصب إتباعا للفظ الْقُرْآن.