للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: هُوَ مُحَمَّد بن بشار، وَقَالَ الكلاباذي: هُوَ مُحَمَّد بن بشار أَو مُحَمَّد بن الْمثنى. قَالَ: وروى البُخَارِيّ أَيْضا فِي (جَامعه) عَن مُحَمَّد بن عبد الله الذهلي، وَقَالَ بَعضهم: وَجزم غَيره بِأَنَّهُ الْهُذلِيّ. قلت: لم أر أحدا جزم بِهِ، وَإِنَّمَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي هَؤُلَاءِ المحمدين، فَقَالَ ابْن السكن: هُوَ مُحَمَّد بن بشار وَلم يجْزم بِهِ، وَقَالَ الكلاباذي بِالشَّكِّ بَين مُحَمَّد بن بشار وَبَين مُحَمَّد ابْن الْمثنى. قَالَ: وروى البُخَارِيّ فِي (جَامعه) أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عبد الله الذهلي وَلم يجْزم بِأحد مِنْهُم. الثَّانِي: عُثْمَان بن عمر بن فَارس الْعَبْدي الْبَصْرِيّ. الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. فَإِن قلت: مَا تَقول فِي هَذَا الحَدِيث؟ هَل هُوَ مُسْند أم مُرْسل؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا من مَرَاسِيل الزُّهْرِيّ، وَلَا يصير مُسْندًا بِمَا ذكره آخرا لِأَنَّهُ قَالَ: يحدث بِمثلِهِ لَا بِنَفسِهِ. انْتهى. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمصدر بِهِ الْبَاب، وَلَا اخْتِلَاف بَين أهل الحَدِيث بِأَن الْإِسْنَاد بِمثل هَذَا السِّيَاق مَوْصُول، وغايته أَنه من تَقْدِيم الْمَتْن على بعض السَّنَد، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي جَوَاز ذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَأغْرب الْكرْمَانِي، فَقَالَ: وَنقل مَا قَالَه الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَنهُ، ثمَّ قَالَ: وَلَيْسَ مُرَاد الْمُحدث بقوله: فِي هَذَا بِمثلِهِ إلَاّ نَفسه، ثمَّ احْتج فِي دَعْوَاهُ بِمَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن نَاجِية عَن ابْن الْمثنى وَغَيره عَن عُثْمَان بن عمر، وَقَالَ فِي آخِره: قَالَ الزُّهْرِيّ: سَمِعت سالما يحدث بِهَذَا عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَعرف أَن المُرَاد بقوله: بِمثلِهِ: نَفسه. انْتهى. قلت: لَيْت شعري من أَيْن هَذَا التَّصَرُّف، وَكَيف يَصح احتجاجه فِي دَعْوَاهُ بِحَدِيث الْإِسْمَاعِيلِيّ، فَإِن الزُّهْرِيّ فِيهِ صرح بِالسَّمَاعِ عَن سَالم، وَسَالم صرح بِالتَّحْدِيثِ عَن أَبِيه، وَأَبوهُ صرح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكيف يدل هَذَا على أَن المُرَاد بقوله بِمثلِهِ نَفسه؟ وَهَذَا شَيْء عَجِيب، لِأَن بَين قَوْله: يحدث بِهَذَا عَن أَبِيه، وَبَين قَوْله: يحدث مثل هَذَا عَن أَبِيه، فرقا عَظِيما لِأَن مثل الشَّيْء غَيره، فَكيف يكون نَفسه؟ تيقظ فَأَنَّهُ مَوضِع التَّأَمُّل. قَوْله: (رَافعا يَدَيْهِ) ، نصب على الْحَال. قَوْله: (يَدْعُو) جملَة وَقعت حَالا أَيْضا إِمَّا من الْأَحْوَال المتداخلة أَو المترادفة. وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت آنِفا.

٣٤١ - (بابُ الطِّيبِ بَعْدَ رَمْيِ الجِمَارِ والحَلْقِ قَبْلَ الإفَاضَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِعْمَال الطّيب بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة وَبعد الْحلق قبل الْإِفَاضَة أَي: قبل طواف الزِّيَارَة وَهُوَ طواف الرُّكْن، وَإِنَّمَا لم يشر إِلَى الحكم فِي ذَلِك فِي التَّرْجَمَة لأجل الْخلاف فِيهِ. قَالَ ابْن الْمُنْذر: اخْتلف الْعلمَاء فِيمَا أُبِيح للْحَاج بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة قبل الطّواف بِالْبَيْتِ، فروى عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَابْن الزبير وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أَنه يحل لَهُ كل شَيْء إلَاّ النِّسَاء، وَهُوَ قَول سَالم وطاووس وَالنَّخَعِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِحَدِيث الْبَاب، وروى عَن ابْن عمر وَابْنه: أَنه يحل لَهُ كل شَيْء إلَاّ النِّسَاء وَالطّيب وَقَالَ مَالك يحل لَهُ كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء وَالصَّيْد. وَفِي (الْمُدَوَّنَة) : أكره لمن رمى جَمْرَة الْعقبَة أَن يتطيب حَتَّى يفِيض فَإِن فعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ. قلت: مَذْهَب عُرْوَة بن الزبير وَجَمَاعَة من السّلف، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، أَنه لَا يحل للْحَاج اللبَاس وَالطّيب يَوْم النَّحْر وَإِن رمى جَمْرَة الْعقبَة وَحلق وَذبح حَتَّى تحل لَهُ النِّسَاء، وَلَا تحل لَهُ النِّسَاء حَتَّى يطوف طواف الزِّيَارَة. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة عَن أم قيس بنت مُحصن، قَالَت: دخل عَليّ عكاشة بن مُحصن وَآخر فِي منى مسَاء يَوْم الْأَضْحَى، فَنَزَعَا ثيابهما وتركا الطّيب. فَقلت: مَا لَكمَا؟ فَقَالَا: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنا: من لم يفضِ إِلَى الْبَيْت من عَشِيَّة هَذِه فَليدع الثِّيَاب وَالطّيب. وَقَالَ عَلْقَمَة وَسَالم وطاووس وَعبيد الله بن الْحسن وخارجة بن زيد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي (الصَّحِيح) وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق: إِذا رمى الْمحرم جَمْرَة الْعقبَة ثمَّ حلق حل لَهُ كل شَيْء كَانَ مَحْظُورًا بِالْإِحْرَامِ إلَاّ النِّسَاء.

وَاخْتلفُوا فِي حكم الطّيب. فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَأحمد فِي رِوَايَة: حكم الطّيب حكم اللبَاس فَيحل كَمَا يحل اللبَاس. وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة: حكم الطّيب حكم الْجِمَاع فَلَا يحل لَهُ حَتَّى يحل الْجِمَاع. وَاحْتج أَبُو حنيفَة وَمن مَعَه بِحَدِيث الْبَاب. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَاحْتج الطَّحَاوِيّ لأَصْحَابه بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مَرْفُوعا: (إِذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطّيب وَالثيَاب وكل شَيْء إلَاّ النِّسَاء) . وَفِيه الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، وَبِحَدِيث الْحسن الْبَصْرِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَلم يسمع مِنْهُ، (قَالَ: إِذا رميتم الْجَمْرَة فقد حل لكم

<<  <  ج: ص:  >  >>