هَذَا مَوْصُول بالإسنادين الْمَذْكُورين فِي أول الْبَاب، وَمُحَمّد بن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ. قَوْله: (فَأَخْبرنِي) ، مَعْطُوف على مَحْذُوف وَالتَّقْدِير، قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بِمَا تقدم وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. قَوْله: (أَن جَابر بن عبد الله) وَهَذَا أَيْضا مُرْسل الصَّحَابِيّ لِأَن جَابِرا لم يدْرك زمَان الْقِصَّة وَلَكِن يحْتَمل أَن يكون سَمعهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من صَحَابِيّ آخر قد حضرها. قَوْله: (فَرفعت رَأْسِي) ، ويروى: فَرفعت بَصرِي. قَوْله: (فَفَزِعت مِنْهُ) ، كَذَا فِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس، وَفِي رِوَايَة ابْن وهب عِنْد مُسلم: فجئثت مِنْهُ، بِضَم الْجِيم وَكسر الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة من: جأت الرجل إِذا فزع فَهُوَ مجثوث، ويروى: فجثثت بِضَم الْجِيم وَكسر الثَّاء الْمُثَلَّثَة الأولى، ويروى: فَرُعِبْت مِنْهُ، بِضَم الرَّاء وَكسر الْعين على صِيغَة الْمَجْهُول، وَرِوَايَة الْأصيلِيّ: رعبت، بِفَتْح الرَّاء وَضم الْعين من الرعب وَهُوَ الْخَوْف، ويروى: ففرقت، بِالْفَاءِ وَالرَّاء وَالْقَاف من الْفرق بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الْخَوْف والفزع، يُقَال: فرق يفرق من بَاب علم يعلم فرقا. قَوْله: (وَهِي الْأَوْثَان) ، جمع وثن وَإِنَّمَا أنث الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الرجز بِاعْتِبَار الْجِنْس، وَقد مر فِي تَفْسِير المدثر قَوْله: (ثمَّ تتَابع الْوَحْي) أَي: اسْتمرّ.
٢ - (بَابٌ قَوْلُهُ: {خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (العلق: ٢)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {خلق الْإِنْسَان من علق} وَأَرَادَ بالإنسان بني آدم لِأَن بني آدم خلقهمْ من علق وَهُوَ جمع علقَة وَهُوَ الدَّم الجامد وَهُوَ أول مَا تتحول إِلَيْهِ النُّطْفَة فِي الرَّحِم، وَإِنَّمَا جمع الْإِنْسَان فِي معنى الْجمع، وَقيل: أَرَادَ بالإنسان آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَرَادَ بقوله: من علق من طين يعلق بالكف.
٥٥٩٤ - حدَّثنا ابنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ أوَّلُ مَا بُدِيَّ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} (العلق: ١، ٣) .
ابْن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير، وَهَذَا طرف من الحَدِيث الَّذِي قبله بِرِوَايَة عقيل عَن ابْن شهَاب. قَوْله: (الصَّالِحَة) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني الصادقة وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
٣ - (بَابٌ قَوْلُهُ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} (العلق: ٣)
هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {اقْرَأ وَرَبك الأكرم} هَذَا التكرير للتَّأْكِيد، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون الأول للْعُمُوم، وَالثَّانِي للخصوص. قَوْله: (وَرَبك الأكرم) ، أَي: الَّذِي لَهُ الْكَمَال فِي زِيَادَة كرمه على كَلَام كل كريم إِذْ ينعم على عباده بنعمه الَّتِي لَا تحصى ويحلم عَنْهُم فَلَا يعاجلهم بالعقوبة مَعَ كفرهم وجحودهم لنعمه وركوبهم المناهي وأطراحهم الْأَوَامِر.
٦٥٩٤ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني عُقَيْلٌ قَالَ مُحَمَّدٌ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا أوَّلُ مَا بُدِيَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرؤْيا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ {اقْرَأُ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (العلق: ١، ٤) .
هَذَا أَيْضا مُخْتَصر من حَدِيث عَائِشَة جدا، وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن عبد الله بن مُحَمَّد المسندي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بِفَتْح الميمين بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. وَالثَّانِي: عَن اللَّيْث عَن عقيل بن خَالِد بن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، وَهَذَا مُعَلّق وَصله فِي بَدْء الْوَحْي ثمَّ فِي الْبَاب الَّذِي قبله، ثمَّ فِي التَّعْبِير أخرجه فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث؟ .
(بَابٌ: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (العلق: ٤)