رمى سبع حَصَيَات فِي كل مرّة وَاحِدَة. فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يجْزِيه إلَاّ عَن حَصَاة وَاحِدَة وَيَرْمِي بعْدهَا سِتا. وَقَالَ عَطاء: تجزيه عَن السَّبع، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة كَمَا فِي سياط الْحَد سَوْطًا سَوْطًا، ومجتمعة إِذا علم وُصُول الْكل إِلَى بدنه، هَذَا الَّذِي ذكر عَن أبي حنيفَة ذكره صَاحب (التَّوْضِيح) . وَذكر فِي (الْمُحِيط) : وَلَو رمى إِحْدَى الْجمار بِسبع حَصَيَات رمية وَاحِدَة فَهِيَ بِمَنْزِلَة حَصَاة، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يَرْمِي سِتّ مَرَّات. قلت: الْعُمْدَة فِي النَّقْل عَن صَاحب مَذْهَب من الْمذَاهب على نقل صَاحب من أَصْحَاب ذَلِك الْمَذْهَب.
وَمن فَوَائده: أَنه يَرْمِي الْجَمْرَة وَهُوَ يَجْعَل الْبَيْت عَن يسَاره وَمنى عَن يَمِينه، وَهُوَ أحد الْوُجُوه للشَّافِعِيَّة. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ الصَّحِيح من مَذْهَبنَا، قَالَ: وَبِه قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء، وَفِي وَجه: أَنه يستدبر الْقبْلَة وَيسْتَقْبل الْجَمْرَة مِمَّا يَلِي مَكَّة، وَتَكون منى أَيْضا أَمَامه، وَبِه قطع الشَّيْخ أَبُو حَامِد، وَفِي وَجه: يسْتَقْبل الْقبْلَة وَيجْعَل الْجَمْرَة على يَمِينه وَمنى خلف ظَهره. وَمِنْهَا: أَنه لَا بُد من مُسَمّى الرَّمْي وَأَنه لَا يَكْفِي الْوَضع، وَهُوَ كَذَلِك عِنْد الْجُمْهُور، وَحكى القَاضِي عِيَاض عَن الْمَالِكِيَّة: أَن الطرح والوضع لَا يجزىء. قَالَ: وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي يجزىء الطرح وَلَا يجزء الْوَضع. قَالَ: ووافقنا أَبُو ثَوْر إلَاّ أَنه قَالَ: إِن كَانَ يُسَمِّي الطرح رميا أَجزَأَهُ، وَحكى إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَيْضا عَن بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي أَنه يَكْفِي الْوَضع. قلت: قَالَ صَاحب (الْمُحِيط) : وضع الْحَصَاة لَا يجْزِيه عَن الرَّمْي ويجزيه طرحها لِأَنَّهُ رمى حَقِيقَة. وَمِنْهَا: أَن المُرَاد بِسبع جمرات وَهِي الحصيات. وَقَالَ أَصْحَابنَا: يجوز الرَّمْي بِكُل مَا كَانَ من جنس الأَرْض: كالحجر والمدر، وَالْمرَاد السبج وَكسر الآحر، وَلَا يجوز بِمَا لَيْسَ من جنس الأَرْض: كالذهب وَالْفِضَّة واللؤلؤ والعنبر، وَذهب دَاوُد إِلَى جَوَازه بِكُل شَيْء حَتَّى بالبعرة والعصفور الْمَيِّت، وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: لَا يجوز إلَاّ بالحصى، وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز بِالْحجرِ الْكَبِير.
٧٣١ - (بابُ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ فجَعَلَ الْبَيْتَ عنْ يَسَارِهِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ من رمى جَمْرَة الْعقبَة وَهِي الْجَمْرَة الْكُبْرَى، وَجعل الْبَيْت عَن يسَاره وَجعل منى عَن يَمِينه. قَوْله: (فَجعل) ويروى: (وَجعل) بِالْوَاو.
٩٤٧١ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدثنَا الحَكَمُ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ يَزِيدَ أنَّهُ حَجَّ مَعَ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فرَآهُ يَرْمِي الجَمرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَياتٍ فجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ ومِنىً عنْ يَمِينِه ثُمَّ قَالَ هَذا مَقامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سورَةُ الْبَقَرَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. أخرجه عَن آدم ابْن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن الحجم بن عتيبة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي الحَدِيث السَّابِق.
٨٣١ - (بابٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَن الْحَاج إِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة يكبر مَعَ كل حَصَاة تَكْبِيرَة.
قالَهُ ابنُ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: قَالَ بِالتَّكْبِيرِ مَعَ كل حَصَاة عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، رَاوِيا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا ذكره البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي: بَاب إِذا رمى الْجَمْرَتَيْن، يقوم، يَأْتِي بعد هَذَا الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَاب.
٠٥٧١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ عنْ عَبْدِ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ الحَجَّاجَ يَقُولُ علَى المِنْبَرِ السُّورَةَ الَّتي يُذْكَرُ فِيها الْبَقَرةُ والسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ والسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ قَالَ فَذَكَرْتُ ذالِكَ لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ حدَّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ يَزِيدَ أنَّهُ كانَ معَ ابنِ