من الْكُوفَة نزل الْمَدَائِن، وَقد مر فِي الْوضُوء، وَفِي الأَصْل الورقاء تَأْنِيث الأورق. قَوْله: (وقمله) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (مثله) أَي: مثل الحَدِيث الْمَذْكُور.
٩ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {فَلَا رَفَثَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ من الحَدِيث فِي الرَّفَث فِي قَول الله تَعَالَى: {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفص وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج} (الْبَقَرَة: ٧٩١) .
٩١٨١ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا شعْبَةُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ أبِي حازِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ حَجَّ هَذا البَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلم يرْفث) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: سُلَيْمَان بن حَرْب، ضد الصُّلْح أَبُو أَيُّوب الواشجي، وواشج حَيّ من الأزد قَاضِي مَكَّة. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر أَبُو غياث. الرَّابِع: أَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، الْأَشْجَعِيّ، واسْمه سلمَان مولى عزة الأشجعية. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَشعْبَة واسطي وَمَنْصُور وَأَبُو حَازِم كوفيان، وَعلل بَعضهم هَذَا الْإِسْنَاد بالاختلاف على مَنْصُور لِأَن الْبَيْهَقِيّ أوردهُ من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَنْصُور عَن هِلَال بن يسَاف عَن أبي حَازِم، زَاد فِيهِ رجلا، وَأجِيب: بِأَن منصورا صرح بِسَمَاعِهِ لَهُ من أبي حَازِم الْمَذْكُور فِي رِوَايَة صَحِيحَة حَيْثُ قَالَ: عَن مَنْصُور سَمِعت أَبَا حَازِم، وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون مَنْصُور قد سَمعه أَولا من هِلَال عَن أبي حَازِم، ثمَّ لَقِي أَبَا حَازِم فَسَمعهُ مِنْهُ، فَحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن يحيى بن يحيى وَزُهَيْر بن حَرْب وَعَن سعيد بن مَنْصُور وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن ابْن الْمثنى عَن غنْدر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن ابْن عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي عمار الْمروزِي، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من حج هَذَا الْبَيْت) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور: (من أَتَى هَذَا الْبَيْت) . قيل: هُوَ أَعم من قَوْله: (من حج) . قلت: لفظ: حج، مَعْنَاهُ قصد وَهُوَ أَيْضا أَعم من أَن يكون لِلْحَجِّ أَو الْعمرَة. قَوْله: (هَذَا الْبَيْت) يدل على أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا قَالَه وَهُوَ فِي مَكَّة، لِأَن: بِهَذَا، يشار إِلَى الْحَاضِر. قَوْله: (فَلم يرْفث) ، بِضَم الْفَاء وَكسرهَا وَفتحهَا، وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة وَعند أهل اللُّغَة: يرْفث، بِضَم الْفَاء من بَاب: نصر ينصر، وَيَرْفث بِكَسْر الْفَاء حَكَاهُ صَاحب (الْمَشَارِق) ، فَيكون من بَاب: ضرب يضْرب، وَيَرْفث بِفَتْح الْفَاء يكون من بَاب: علم يعلم، وَفِيه لُغَة أُخْرَى: يرْفث، بِضَم الْيَاء وَكسر الْفَاء من: أرفث. حَكَاهُ ابْن الْقُوطِيَّة وَابْن طريف فِي (الْأَفْعَال) ، على أَنه جَاءَ على فعل وأفعل، والرفث، بِفَتْح الْفَاء الِاسْم، وَأَصله ذكر بِإِسْكَان الْفَاء، والرفث يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور فِي قَوْله تَعَالَى: {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث} (الْبَقَرَة: ٧٨١) . وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ الْفُحْش، وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ ذكر الْجِمَاع، وَقيل: المُرَاد بِهِ ذَلِك مَعَ النِّسَاء لَا مطلقه، وَقد اخْتلف فِي المُرَاد بالرفث فِي الحَدِيث على هَذِه الْأَقْوَال: قَالَ الْأَزْهَرِي: هِيَ كلمة جَامِعَة لكل مَا يُرِيد الرجل من الْمَرْأَة، وَالْفَاء فِي: (فَلم يرْفث) ، عطف على الشَّرْط، أَعنِي قَوْله: (من حج) ، وَجَوَابه قَوْله: (رَجَعَ) ، أَي: رَجَعَ إِلَى بَلَده. قَوْله: (وَلم يفسق) ، من الفسوق وَهُوَ الْخُرُوج عَن حُدُود الشَّرِيعَة، وَأَصله الْخُرُوج، يُقَال: فسقت الْخَشَبَة عَن مَكَانهَا إِذا زَالَت، فالفاسق خَارج عَن الطَّاعَة، وَقيل: لم يفسق أَي لم يذبح لغير الله تَعَالَى على الْخلاف فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا رفث وَلَا فسوق} (الْبَقَرَة: ٧٩١) . وَقيل الْفسق مَا ؤصابه من محارم الله وَقيل قَول الزُّور قيل السباب (فَإِن قلت)
لم يذكر فِيهِ الْجِدَال مَعَ أَنه مَذْكُور فِي الْقُرْآن. قلت: لِأَن المجادلة ارْتَفَعت بَين الْعَرَب وقريش فِي مَوضِع الْوُقُوف