للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعْدهَا ضمير، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: لَو راجعتيه، بِإِثْبَات الْيَاء آخر الْحُرُوف بعد التَّاء، وَهِي لُغَة ضَعِيفَة، قَالَه بَعضهم قلت: إِن صَحَّ هَذَا فِي الرِّوَايَة فَهِيَ لُغَة فصيحة لِأَنَّهَا من أفْصح الْخلق، وَزَاد ابْن مَاجَه فِي رِوَايَته: فَإِنَّهُ أَبُو ولدك. قَوْله: (تَأْمُرنِي؟) وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ بعده. قَالَ: لَا قيل فِيهِ إِشْعَار بِأَن صِيغَة الْأَمر لَا تَنْحَصِر فِي لفظ: افْعَل، وَفِيه نظر، لِأَن الْأَمر هُوَ قَول الْقَائِل إفعل، وَإِنَّمَا معنى قَوْلهَا: أتأمرني؟ أَشَيْء وَاجِب عَليّ؟ كَمَا وَقع هَكَذَا فِي مُرْسل ابْن سِيرِين فَقَالَ: يَا رَسُول الله! أَشَيْء وَاجِب عَليّ؟ قَالَ: لَا.

وَيُسْتَفَاد مِنْهُ فَوَائِد الأولى: استشفاع الإِمَام والعالم والخليفة فِي حوائج الرّعية، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اشفعوا تؤجروا وَيَقْضِي الله على لِسَان نبيه مَا شَاءَ) ، والساعي فِيهِ مأجور وَإِن لم تنقض الْحَاجة. الثَّانِيَة: أَنه لَا حرج على الإِمَام وَالْحَاكِم إِذا ثَبت الْحق على أحد الْخَصْمَيْنِ إِذا سَأَلَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق أَن يسْأَل من الَّذِي ثَبت لَهُ تَأْخِير حَقه، أَو وَضعه عَنهُ. الثَّالِثَة: أَن من يسْأَل من الْأُمُور مِمَّا هُوَ غير واحب عَلَيْهِ فعله فَلهُ رد سائله وَترك قَضَاء حَاجته، وَإِن كَانَ الشَّفِيع سُلْطَانا أَو عَالما أَو شريفا، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُنكر على بَرِيرَة ردهَا إِيَّاه فِيمَا شفع فِيهِ. الرَّابِعَة: أَن بغض الرجل للرجل الْمُسلم لَا على وَجه الْعَدَاوَة لَهُ، وَلمن لاختيار الْبعد عَنهُ لسوء خلقه وخبث عشرته، أَو لأجل شَيْء يكرههُ النَّاس جَائِز كَمَا فِي قصَّة امْرَأَة ثَابت بن قيس بن شماس، فَإِنَّهَا بغضته مَعَ مكانته مَعَ الدّين وَالْفضل لغير بَأْس لأجل دمامته وَسُوء خلقه، حَتَّى افتدت مِنْهُ. الْخَامِسَة: أَنه لَا حرج على مُسلم فِي هوى امْرَأَة مسلمة وحبه لَهَا، ظهر ذَلِك أَو خَفِي، لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي ذَلِك؟ وَإِن أفرط مَا لم بَات محرما وَلم يغش إِثْمًا.

٧١ - (بابٌ)

أَي: هَذَا بَاب ذكره مُجَردا لِأَنَّهُ كالفصل لما قبله وَقد جرت عَادَته بذلك كَمَا يذكر الْفُقَهَاء فِي كتبهمْ فصل، بعد ذكر لَفظه: كتاب أَو بَاب.

٤٨٢٥ - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ رَجاءِ أخبرنَا شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ عنْ إبْرَاهِيمَ عنِ الأسْوَدِ أنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فأبَى مَوَالِيها إلاّ أنْ يَشْتَرِطوا الْوَلَاءَ، فَذَكَرَتْ للِنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اشتَرِيها وأعْتِقِيها فإنَّما الْوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ، وَأُتِيَ النبيُّ بِلَحْمِ فَقِيلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ هاذا مَا تُصُدِّقَ بِهِ علَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: هُو لَهَا صَدَقَةٌ ولَنا هَدِيّةٌ.

مَا ذكر هَذَا هُنَا، لِأَنَّهُ من تعلقات قصَّة بَرِيرَة الَّتِي ذكرت مرَارًا عديدة. أخرجه عَن عبد الله بن رَجَاء ضد الْإِيَاس، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ضد الْخَوْف، وَلَيْسَ كَذَلِك الغداني الْبَصْرِيّ، وروى مُسلم عَنهُ بِوَاسِطَة. . وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَالْأسود بن يزِيد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ غير مرّة.

قَوْله: (ومواليها) ، أَي: ملاكها الَّذين باعوها، قَالُوا: لَا نبيعها إلاّ بِشَرْط أَن يكونَ ولاؤها لنا.

حدّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ، وزَادَ: فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجها.

هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة وَلم يسق لَفظه لَكِن قَالَ: (وَزَاد فخيرت من زَوجهَا) وَقد أخرجه فِي الزَّكَاة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلم يذكر هَذِه الزِّيَادَة. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن آدم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، فَجعل هَذِه الزِّيَادَة من قَول إِبْرَاهِيم وَلَفظه فِي آخِره: قَالَ الحكم: قَالَ إِبْرَاهِيم: وَكَانَ زَوجهَا حرا فخيرت من زَوجهَا، فَظهر أَن هَذِه الزِّيَادَة مدرجة، لم يذكرهَا فِي الزَّكَاة.

٨١ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { (٢) وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن وَلأمة مؤمونة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم} )

قَالَ: فحجز النَّاس عَنْهُن حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا:؛ وَالْمُحصنَات الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} وَهَذَا الْمِقْدَار فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة إِلَى قَوْله: {وَلَو أَعجبتكُم} وَإِنَّمَا ذكر هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة تَوْطِئَة للأحاديث الَّتِي ذكرهَا فِي هَذَا الْبَاب وَفِي الْبَابَيْنِ اللَّذين بعده، وَإِنَّمَا لم يُنَبه على الْمَقْصُود من إيرادها للِاخْتِلَاف الْقَائِم فِيهَا، وَقد أَخذ ابْن عمر بِعُمُوم قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} حَتَّى كره نِكَاح

<<  <  ج: ص:  >  >>