للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤ - (كِتابُ الْخُصوماتِ)

١ - (بَاب مَا يذكر فِي الْأَشْخَاص، وَالْخُصُومَة بَين الْمُسلم واليهودي)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان الْخُصُومَات، وَهُوَ جمع خُصُومَة، وَهِي إسم، قَالَ الْجَوْهَرِي: خاصمه مخاصمة وخصاماً، والإسم الْخُصُومَة، والخصم مَعْرُوف يَسْتَوِي فِيهِ الْجمع والمؤنث لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مصدر، وَمن الْعَرَب من يثنيه ويجمعه، فَيَقُول: خصمان وخصوم، والخصيم أَيْضا الْخصم، وَالْجمع: خصما والخصم، بِكَسْر الصَّاد: شَدِيد الْخُصُومَة، وَوَقع للأكثرين مَا يذكر فِي الْأَشْخَاص وَالْخُصُومَة بَين الْمُسلم وَالْيَهُود، وَوَقع لبَعْضهِم: واليهودي بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: مَا يذكر فِي الْخُصُومَات والملازمة والأشخاص، وَفِي بعض النّسخ، بَاب مَا يذكر فِي الْأَشْخَاص وَالْخُصُومَة بَين الْمُسلم واليهودي، قَالَ ابْن التِّين: يُقَال: شخص، بِفَتْح الْخَاء من بلد إِلَى بلد، أَي: ذهب، والمصدر شخوصاً، وأشخصه غَيره، وشخص التَّاجِر خرج من منزله، وشخص بِكَسْر الْخَاء رَجَعَ ذكره ابْن سَيّده.

٠١٤٢ - حدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ عبدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ أَخْبرنِي قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ قَالَ سَمِعْتُ عبدَ الله يقولُ سَمِعتُ رَجُلاً قرَأَ آيَةً قَالَ سَمِعْتُ مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خِلافَها فأخذْتُ بِيَدِهِ فأتَيْتُ بِهِ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كِلَاكُما مُحْسِنٌ قَالَ شُعْبَةُ أظُنُّهُ قَالَ لَا تَخْتَلِفُوا فإنَّ منْ كانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَا تختلفوا) إِلَى آخِره، لِأَن الِاخْتِلَاف الَّذِي يُورث الْهَلَاك هُوَ أَشد الْخُصُومَة، وَأَشَارَ بَعضهم إِلَى أَن التَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأخذت بِيَدِهِ فَأتيت بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ) ، إِنَّه الْمُنَاسب للتَّرْجَمَة. قلت: الَّذِي قلته هُوَ الْأَنْسَب، لِأَن فِيمَا ذكره احْتِمَال الْخُصُومَة، وَالَّذِي ذكرته فِيهِ الْخُصُومَة المحققة على مَا لَا يخفى.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: عبد الْملك بن ميسرَة الْهِلَالِي، يُقَال لَهُ: الزراد، بالزاي وَتَشْديد الرَّاء. الرَّابِع: النزال، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الزَّاي: ابْن سُبْرَة، بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: الْهِلَالِي. الْخَامِس: عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِيه: تَقْدِيم الرَّاوِي على الصِّيغَة وَهُوَ جَائِز عِنْد الْمُحدثين. وَفِيه: السماع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَشعْبَة واسطي وَعبد الْملك كُوفِي، والنزال صَحَابِيّ، فِيمَا ذكره أَبُو عمر، فَإِنَّهُ ذكره فِي جملَة الصَّحَابَة، وَغَيره ذكره فِي التَّابِعين الْكِبَار، فعلى قَول أبي عمر: فِيهِ: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ، وعَلى قَول غَيره: فِيهِ: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ، لِأَن عبد الْملك من التَّابِعين. وَفِيه: أَن النزال لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن مَسْعُود وَآخر فِي الْأَشْرِبَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي ذكر بني إِسْرَائِيل، وَفِي فضال الْقُرْآن عَن سُفْيَان بن حَرْب، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَرَأَ آيَة) وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) : عَن عبد الله: أَقْرَأَنِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سُورَة الرَّحْمَن، فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد عَشِيَّة فَجَلَست إِلَى رَهْط، فَقلت لرجل: اقْرَأ عَليّ فَإِذا هُوَ يقْرَأ أحرفاً لَا أقرؤها فَقلت: من أَقْرَأَك؟ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى وقفنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: اخْتَلَفْنَا فِي قراءتنا فَإِذا وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ تَغْيِير، وَوجد فِي نَفسه حِين ذكرت الِاخْتِلَاف، وَقَالَ: إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالاختلاف، فَأمر عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُركُمْ أَن يقْرَأ كل رجل مِنْكُم كَمَا علم، فَإِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ الِاخْتِلَاف، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا وكل رجل منا يقْرَأ حرفا لَا يقْرَأ صَاحبه. انْتهى. فَهَذَا يدل على أَن كلاًّ مِنْهُمَا مَا خرج عَن قِرَاءَة السَّبْعَة، فَلذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (كلاكما محسن) أَي: فِي الْقِرَاءَة، وإفراد الْخَبَر بِاعْتِبَار لفظ كلا، وَأما أصل السَّبْعَة فَمَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من

<<  <  ج: ص:  >  >>