العر. وَفِي (الْمغرب) المعرة المساءة والأذى، مفعلة من العر وَهُوَ الْحَرْب أَو من عره إِذا لطخه بالعرة وَهِي السرقين، والتوثق الإحكام، يُقَال: عقد وثيق أَي: مُحكم، ووثق بِهِ وثاقة أَي: ايتمنه وأوثقه وَوَثَّقَهُ بِالتَّشْدِيدِ أَي: أحكمه، وشده بِالْوَثَاقِ، أَي: بالقيد، وَهُوَ بِفَتْح الْوَاو وَالْكَسْر فِيهِ لُغَة، ثمَّ التَّوَثُّق تَارَة يكون بالقيد وَتارَة يكون بِالْحَبْسِ، على مَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وقَيَّدَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ والسُّنُنِ والفَرَائِضِ
عِكْرِمَة هُوَ مولى عبد الله بن عَبَّاس، أَصله من البربر من أهل الغرب كَانَ لحصين بن أبي الْحر الْعَنْبَري، فوهبه لعبد الله ابْن عَبَّاس حِين جَاءَ والياً على الْبَصْرَة لعَلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَأكْثر عَن مَوْلَاهُ، وروى عَنهُ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَمَات قبله، وَالْأَعْمَش وَقَتَادَة وَالْإِمَام أَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَعَن عبد الرَّحْمَن ابْن حسان: سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول: طلبت الْعلم أَرْبَعِينَ سنة وَكنت أُفْتِي بِالْبَابِ وَابْن عَبَّاس فِي الدَّار، وَعَن الشّعبِيّ: مَا بَقِي أحد أعلم بِكِتَاب الله من عِكْرِمَة، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة خمس وَمِائَة، وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة. وَالتَّعْلِيق الْمَذْكُور وَصله ابْن سعد عَن أَحْمد ابْن عبد الله بن يُونُس وعارم بن الْفضل، قَالَا: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن الزبير بن الخريت، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء، عَن عِكْرِمَة، قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَجْعَل فِي رجْلي الكبل يعلمني الْقُرْآن ويعلمني السّنة، والكبل: بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره لَام: وَهُوَ الْقَيْد.
٢٢٤٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ سَعِيدِ بنِ أبِي سعِيدٍ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقولُ بعَثَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنيفَةَ يُقالُ لَهُ ثُمامَةُ بنُ أُثالٍ سَيِّدُ أهْلِ الْيَمامَةِ فرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إلَيْهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثمامَةُ قَالَ عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ فذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أطْلقوا ثَمامَةَ. .
أَي: مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فربطوه فِي سَارِيَة) ، وَذَلِكَ كَانَ للتوثق خوفًا من معرته، والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الِاغْتِسَال إِذا أسلم، وربط الْأَسير أَيْضا فِي الْمَسْجِد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث عَن سعيد بن أبي سعيد أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره. وَأخرجه أَيْضا هُنَاكَ فِي: بَاب دُخُول الْمُشرك الْمَسْجِد، بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن سعيد بن أبي سعيد هُوَ المَقْبُري.
قَوْله: (خيلاً) ، أَي: ركبانا. قَوْله: (قبل نجد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: جِهَة نجد، ومقابلها. قَوْله: (ثُمَامَة) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الميمين. و: (أَثَال) بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبلام مصروفاً. قَوْله: (الْيَمَامَة) ، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف الميمين: مَدِينَة من الْيمن على مرحلَتَيْنِ من الطَّائِف. قَوْله: (فَذكر الحَدِيث) أَي: بِتَمَامِهِ وَطوله، وَسَيَأْتِي فِي كتاب الْمَغَازِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله: (أطْلقُوا) أَمر من الْإِطْلَاق.
وَفِيه: الْأَمر بالتوثق بالقيدو بِالْحَبْسِ أَيْضا، وَقد رُوِيَ أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يحبس فِي الدّين، وروى معمر عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين، قَالَ: كَانَ شُرَيْح إِذا قضى على رجل أَمر بحبسه فِي الْمَسْجِد إِلَى أَن يقوم، فَإِن أعطي حَقه، وَإِلَّا أَمر بِهِ إِلَى السجْن، وَقَالَ طَاوُوس: إِذا لم يقر الرجل بالحكم حبس، وروى معمر عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبس رجلا فِي تُهْمَة، وَحَدِيث ثُمَامَة أصل فِي هَذَا الْبَاب، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
٨ - (بابُ الرَّبْطِ والْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة ربط الْغَرِيم وحبسه فِي الْحرم، وَفِيه رد على طَاوُوس حَيْثُ كره السجْن بِمَكَّة، فروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق قيس بن سعد عَن طَاوُوس: أَنه كَانَ يكره السجْن بِمَكَّة وَيَقُول: لَا يَنْبَغِي لبيت عَذَاب أَن يكون فِي بَيت رَحْمَة. قلت: هَذَا نظر مليح، وَلَكِن الْعَمَل على خِلَافه.