بِأَنَّهُ لَا يكسرها بالكافور وَنَحْوه، وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الْمَالِكِيَّة على تَحْرِيم الاستمناء، وَقد ذكر أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَنه يُبَاح عِنْد الْعَجز لأجل تسكين الشَّهْوَة.
٤ - (بابُ كَثْرَةِ النِّساءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَثْرَة النِّسَاء لمن قدر على الْعدْل بَينهُنَّ.
٧٦٠٥ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسى اأخبرَنا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ أنَّ جُرَيْجٍ أخبرهُمْ قَالَ: أخبَرَني عَطاءٌ قَالَ: حضَرْنَا مَعَ ابنِ عَبّاس جَنازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ: هاذِهِ زَوْجَةُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فإِذا رَفَعْتُمْ نَعْشَها فَلا تُزَعْزِعُوها وَلَا تُزَلْزِلُوها وَارْفُقُوا فإِنّهُ كانَ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعٌ كانَ يَقْسِمُ لِثَمانٍ وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (تسع) هَذِه كَثْرَة النِّسَاء، وَلَكِن هَذَا الْعدَد فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي حق غَيره أَربع أَو ثَلَاث أَو ثِنْتَانِ، وَيُطلق عَلَيْهَا الْكَثْرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُلَيْمَان بن يُوسُف وَفِي عشرَة النِّسَاء عَن يُوسُف بن سعيد.
قَوْله: (مَيْمُونَة) هِيَ بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة، تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة سِتّ من الْهِجْرَة وَتوفيت بسرف، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وبالفاء: وَهُوَ مَكَان مَعْرُوف بِظَاهِر مَكَّة بَينهَا وَبَين مَكَّة اثْنَا عشر ميلًا، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنى بهَا فِيهَا، وَكَانَت وفاتها سنة إِحْدَى وَخمسين، وَقيل: ثَلَاث وَخمسين، وَقيل: سنة سِتّ وَسِتِّينَ، وَصلى عَلَيْهَا ابْن عَبَّاس، ونزول فِي قبرها، وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد وَهِي خَالَة أَبِيه. قَوْله: (نعشها) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْعين وبالشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ السرير الَّذِي يوع عَلَيْهِ الْمَيِّت. قَوْله: (فَلَا تزعزعوها) من الزعزعة بزاءين معجمتين وعينين مهملتين، وَهِي تَحْرِيك الشَّيْء الَّذِي يرفع. قَوْله: (لَا تزلزلوها) من الزلزلة وَهِي الِاضْطِرَاب. قَوْله: (وارفقوا بهَا) من الرِّفْق. وَأَرَادَ بِهِ السّير الْوسط المعتدل. وَالْمَقْصُود مِنْهُ حُرْمَة الْمُؤمن بعد مَوته فَإِن حرمته بَاقِيَة كَمَا كَانَت فِي حَيَاته وَلَا سِيمَا هِيَ زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الشان (كَانَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تسع) أَي: تسع نسْوَة، أَي عِنْد مَوته، وَهن: سَوْدَة وَعَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة وَزَيْنَب بنت جحش وَأم حَبِيبَة وَجُوَيْرِية وَصفِيَّة ومَيْمُونَة، هَذَا تَرْتِيب تَزْوِيجه، إياهن. وَمَات وَهن فِي عصمته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (كَانَ يقسم) من الْقسم، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون السِّين: مصدر قسمت الشَّيْء فانقسم، وبالكسر وَاحِد الْأَقْسَام وَبِمَعْنى النَّصِيب، يُقَال: كِلَاهُمَا بِمَعْنى النَّصِيب وَلَكِن الأول يسْتَعْمل فِي مَوضِع خَاص بِخِلَاف الثَّانِي، وَالْقسم بِفتْحَتَيْنِ الْيَمين قَوْله: (لثمان) أَي: لثمان نسْوَة (وَلَا يقسم لوَاحِدَة) أَي: لامْرَأَة وَاحِدَة، وَهِي: سَوْدَة بنت زَمعَة بن قيس القرشية العامرية، توفيت فِي آخر خلَافَة عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَت قد أَسِنَت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهم بِطَلَاقِهَا، فَقَالَت لَهُ: لَا تُطَلِّقنِي وَأَنت فِي حل من شأني، فَإِنَّمَا أريدأن أحْشر فِي أَزوَاجك، وَإِنِّي قد وهبت يومي لعَائِشَة، وَإِنِّي لَا أُرِيد مَا تُرِيدُ النِّسَاء؛ فَأَمْسكهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى توفّي عَنْهَا مَعَ سَائِر من توفّي عَنْهُن من أَزوَاجه. فَإِن قلت: رُوِيَ مُسلم الحَدِيث الْمَذْكُور من طَرِيق عَطاء، ثمَّ قَالَ فِي آخِره: قَالَ عَطاء الَّتِي لَا يقسم لَهَا صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب قلت: حكى عِيَاض عَن الطَّحَاوِيّ أَن هَذَا وهم وَصَوَابه سَوْدَة، وَإِنَّمَا غلط فِيهِ ابْن جريج راوية عَن عَطاء، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا وهم من ابْن جريج الرَّاوِي عَن عَطاء، وَإِنَّمَا الصَّوَاب سَوْدَة، كَمَا فِي الْأَحَادِيث فَإِن قلت: يحْتَمل أَن تكون رِوَايَة ابْن جريج صَحِيحَة وَيكون ذَلِك فِي آخر أمره حَيْثُ رُوِيَ الْجَمِيع، فَكَانَ يقسم لجميعهن إلَاّ لصفية. قلت: قد أخرج ابْن سعد من ثَلَاثَة طرق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقسم لصفية كَمَا يقسم لنسائه. فَإِن قلت: قد أخرج ابْن سعد هَذِه الطّرق كلهَا من رِوَايَة الْوَاقِدِيّ، وَهُوَ لَيْسَ بِحجَّة قلت: مَا لِلْوَاقِدِي وَقد رُوِيَ عَنهُ الشَّافِعِي وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو عبيد وَأَبُو خَيْثَمَة، وَعَن مُصعب الزبيرِي ثِقَة مَأْمُون، وَكَذَا قَالَ الْمسَيبِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute