مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن رَاوِي الحَدِيث، وَهُوَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، كَانَ حسن الصَّوْت جدا. وَلِهَذَا قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد أُوتيت مِزْمَارًا أَي: صَوتا حسنا، وَأَصله الْآلَة أطلق اسْمهَا على الصَّوْت الْحسن للمشابهة بَينهمَا.
وَمُحَمّد بن خلف أَبُو بكر الْمقري الْبَغْدَادِيّ الحدادي، بالمهملات وَفتح أَوله وَتَشْديد الدَّال الأولى، من صغَار شُيُوخ البُخَارِيّ، وعاش بعد البُخَارِيّ خمس سِنِين وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لشيخه فِي البُخَارِيّ إلَاّ فِي هَذَا الْموضع، وَأَبُو يحيى اسْمه عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الملقب ببشمين، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَكسر المم وبالنون بعد الْيَاء آخر الْحُرُوف. فَارسي مَعْنَاهُ: الصُّوفِي، الْحمانِي، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم وبالنون: نِسْبَة إِلَى حمان قَبيلَة من تَمِيم، الْكُوفِي أَصله من خوارزم، مَاتَ سنة ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء ابْن عبد الله بن أبي بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء: واسْمه عَامر، يروي بريد الْمَذْكُور عَن جده عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس، ويروي أَبُو يحيى الْحمانِي: سَمِعت بريد بن عبد الله بدل حَدثنَا بريد بن عبد الله.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ.
قَوْله: (مِزْمَارًا) ، بِكَسْر الْمِيم، قد مر تَفْسِيره الْآن قَوْله: (آل دَاوُد) ، لَفظه آل مقحمة وَالْمرَاد نفس دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَنَّهُ لم يذكر أَن أحدا من آل دَاوُد قد أعطي من حسن الصَّوْت مَا أعطي دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
٢٣ - (بابُ مَنْ أحَبَّ أنْ يَسْمَعَ القُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من أحب أَن يسمع الْقُرْآن من غَيره، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الْقِرَاءَة.
٩٤٠٥ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ حدَّثنا أبي عنِ الأعْمَشِ قَالَ: حدَّثني إِبْرَاهِيمُ عنْ عبِيدَةَ عنْ عبْده الله، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ لِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأُ عَليَّ القُرْآنَ. قُلْتُ: اقْرَأُ عَليْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ منْ غَيْرِي..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب أَن يسمع الْقُرْآن من غَيره ليَكُون عرض الْقُرْآن سنة، وَيحْتَمل أَن يكون لأجل تدبره وَزِيَادَة تفهمه، لِأَن المستمع أقوى على ذَلِك وَأنْشط من القارىء لاشتغاله بِالْقِرَاءَةِ، بِخِلَاف قِرَاءَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي بن كَعْب، فَإِنَّهُ كَانَ لإِرَادَة تَعْلِيمه كَيْفيَّة أَدَاء الْقِرَاءَة ومخارج الْحُرُوف وَنَحْو ذَلِك، وَهَذَا أخرجه مُخْتَصرا، والذييأتي عَقِيبه بأتم مِنْهُ، وَنَذْكُر رِجَاله فِيهِ لِأَنَّهُمَا حَدِيث وَاحِد.
٣٣ - (بابُ قَوْل المُقْرِىء لِلقارِىء: حَسْبُكَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول المقرىء وَهُوَ الَّذِي يقرىء غَيره للقارىء الَّذِي يقْرَأ: حَسبك أَي: يَكْفِيك.
٠٥٠٥ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُف حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبرَاهيمَ عنْ عَبِيدَةَ عنْ عبْدِ الله ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ علَيَّ. قُلْتُ: يَا رسولَ الله! اقْرَأُ عَليْكَ وعَليْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: نعَمْ فَقَرأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتيْتُ إِلَى هاذِه الآيَةَ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَاؤُلاءِ شَهِيداً} (النِّسَاء: ١٤) قَالَ: حَسْبُكَ الآنَ، فالْتَفَتُّ إِلَيْه فإِذَا عَيْناهُ تَذْرِفانِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ مَسْعُود: (حَسبك) وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَسليمَان، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَعبيدَة، بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: السَّلمَانِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
والْحَدِيث مر فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (تَذْرِفَانِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وبالفاء أَي: تسيلان دمعا، من ذرفت الْعين تذرف إِذا سَالَ دمعها. فَإِن قلت: مَا وَجه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ مَسْعُود: (حَسبك) عِنْد وُصُوله إِلَى الْآيَة الْمَذْكُورَة؟ قلت: تَنْبِيها على الموعظة وَالِاعْتِبَار فِي هَذِه الْآيَة، وَلِهَذَا