إلَاّ من حَدِيث عِيسَى بن يُونُس، وَكَذَا قَالَ الْبَزَّار، وَقَالَ الْآجُرِيّ: سَأَلت أَبَا دَاوُد عَنهُ، فَقَالَ: تفرد بوصله عِيسَى بن يُونُس، وَهُوَ عِنْد النَّاس مُرْسل.
٢١ - (بابُ الهِبَةِ لِلْولدِ وَإِذا أعْطاى بَعْضَ ولَدِه لم يَجُزْ حتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ ويُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم هبة الْوَالِد لوَلَده، وَإِذا أعْطى أَي: الْأَب بعض وَلَده شَيْئا لم يجز حَتَّى يعدل، يَعْنِي: فِي الْعَطاء للْكُلّ وَيُعْطِي الآخرين، أَي: الْأَوْلَاد الآخرين، وَهَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وَيُعْطى الآخر، بِصِيغَة الْإِفْرَاد. وَصدر التَّرْجَمَة بِالْهبةِ للْوَلَد لدفع إِشْكَال من يَأْخُذ بِظَاهِر حَدِيث: أَنْت وَمَالك لأَبِيك، فَإِن المَال إِذا كَانَ للْأَب فَلَو وهب مِنْهُ شَيْئا لوَلَده كَانَ كَأَنَّهُ وهب مَال نَفسه لنَفسِهِ، وَقَالَ بَعضهم: فَفِي التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى ضعف هَذَا الحَدِيث أَو إِلَى تَأْوِيله. قلت: بِأَيّ وَجه تدل هَذِه التَّرْجَمَة على ضعف هَذَا الحَدِيث؟ فَلَا وَجه لذَلِك أصلا على أَن الحَدِيث الْمَذْكُور صَحِيح، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي (سنَنه) : حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس حَدثنَا يُوسُف بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله {إِن لي مَالا وَولدا. وَإِن أبي يُرِيد أَن يجتاح مَال. قَالَ: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) . قَالَ ابْن الْقطَّان: إِسْنَاده صَحِيح. وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: رِجَاله ثِقَات، وَقَالَ فِي (التَّنْقِيح) : ويوسف بن إِسْحَاق من الثِّقَات الْمخْرج لَهُم فِي (الصَّحِيحَيْنِ) قَالَ: وَقَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: غَرِيب، تفرد بِهِ عِيسَى عَن يُوسُف، لَا يضرّهُ، فَإِن غرابة الحَدِيث والتفرد بِهِ لَا يُخرجهُ عَن الصِّحَّة. وَطَرِيق آخر أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الصَّغِير) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (دَلَائِل النُّبُوَّة) فِي حَدِيث جَابر، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله} إِن أَبِيه يُرِيد أَن يَأْخُذ ماليه ... الحَدِيث، بِطُولِهِ، وَفِي آخِره: قَالَ: بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أَخذ بتلابيب ابْنه، وَقَالَ لَهُ: (إذهب، فَأَنت وَمَالك لأَبِيك) . وَفِيه: عَن عَائِشَة أَيْضا، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) : أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَاصم أَبَاهُ فِي دين لَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) . وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) ، فَذكره بِلَفْظ ابْن مَاجَه. وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن مَاجَه، وَفِي سَنَده مقَال. وَعَن ابْن مَسْعُود أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) : أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: (أَنْت وَمَالك لأَبِيك) ، وَفِيه مقَال، وَعَن ابْن عمر أخرجه أَبُو يعلى فِي (مُسْنده) عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن مَسْعُود.
قَوْله: (وَإِذا أعْطى بعض وَلَده) إِلَى قَوْله: (مثله) . وَاخْتلف الْعلمَاء من التَّابِعين وَغَيرهم فِيهِ، فَقَالَ طَاوُوس وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد وَعُرْوَة وَابْن جريج وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَابْن شبْرمَة وَأحمد وَإِسْحَاق وَسَائِر الظَّاهِرِيَّة: أَن الرجل إِذا نحل بعض بنيه دون بعض فَهُوَ بَاطِل. وَقَالَ أَبُو عمر: اخْتلف فِي ذَلِك عَن أَحْمد، وَأَصَح شَيْء عَنهُ فِي ذَلِك مَا ذكره الخرفي فِي (مُخْتَصره) عَنهُ، قَالَ: وَإِذا فضل بعض وَلَده فِي الْعَطِيَّة أَمر برده، فَإِن مَاتَ وَلم يردهُ فقد ثَبت لمن وهب لَهُ، إِذا كَانَ ذَلِك فِي صِحَّته، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث النُّعْمَان ابْن بشير، يَقُول: نَحَلَنِي أبي غُلَاما، فأمرتني أُمِّي أَن أذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأشهده على ذَلِك، فَقَالَ: أكل ولدك أَعْطيته؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: فاردده، أخرجه الجماهير غير أبي دَاوُد، وَقَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث بن سعد وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي رِوَايَة: يجوز أَن ينْحل لبَعض وَلَده دون بعض، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ مفصلا. قَوْله: (وَلَا يشْهد عَلَيْهِ) ، أَي: على الْأَب، و: لَا يشْهد، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ عطف على قَوْله: لم يجز، وَقَالَ أَيْضا: وَفِي بعض الرِّوَايَات: و: يشْهد، بِدُونِ كلمة: لَا، وَالْأولَى هِيَ الْمُنَاسبَة لحَدِيث عمر، وَقَالَ ابْن بطال: مَعْنَاهُ الرَّد لفعل الْأَب إِذا فضل بعض بنيه، وَأَنه لَا يسع الشُّهُود أَن يشْهدُوا على ذَلِك.
وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْدِلوا بَيْنَ أوْلَادِكُمْ فِي العطِيَّةِ
هَذَا التَّعْلِيق يَأْتِي مَوْصُولا فِي الْبَاب الثَّانِي من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِدُونِ قَوْله: فِي الْعَطِيَّة، وروى الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا آدم، قَالَ: حَدثنَا وَرْقَاء عَن الْمُغيرَة عَن الشّعبِيّ، قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute