هَذَا تَعْلِيق يَعْنِي: زَاد أَسْبَاط عَن مَنْصُور بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور قبله إِلَى ابْن مَسْعُود، وَقد وَصله الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة عَليّ بن ثَابت عَن أَسْبَاط بن نصر عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق (عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّاس إدبارا) فَذكر نَحْو الَّذِي قبله، وَزَاد: (فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَان وأناس من أهل مَكَّة، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِنَّك تزْعم أَنَّك بعثت رَحْمَة، وَأَن قَوْمك هَلَكُوا فَادع الله لَهُم، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسقوا الْغَيْث) الحَدِيث، وأسباط، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة بعْدهَا الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره طاء مُهْملَة، قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : أَسْبَاط هَذَا هُوَ ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْقَاص أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي مَوْلَاهُم الْكُوفِي، ضعفه الْكُوفِيُّونَ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين، مَاتَ فِي الْمحرم سنة مِائَتَيْنِ قلت: ذكر فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ أَنه أَسْبَاط بن نصر، وَهُوَ الصَّحِيح، وَهُوَ أَسْبَاط بن نصر الْهَمدَانِي أَبُو يُوسُف، وَيُقَال: أَبُو نصر الْكُوفِي، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَتوقف فِيهِ أَحْمد، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَاعْترض على البُخَارِيّ بِزِيَادَة أَسْبَاط هَذَا، فَقَالَ الدَّاودِيّ: أَدخل قصَّة الْمَدِينَة فِي قصَّة قُرَيْش وَهُوَ غلط، وَقَالَ أَبُو عبد الْملك: الَّذِي زَاده أَسْبَاط وهم واختلاط لِأَنَّهُ ركب سَنَد عبد الله ابْن مَسْعُود على متن حَدِيث أنس بن مَالك، وَهُوَ قَوْله: (فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسقوا الْغَيْث) إِلَى آخِره، وَكَذَا قَالَ الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي، وَقَالَ: وَحَدِيث عبد الله بن مَسْعُود كَانَ بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا، وَالْعجب من البُخَارِيّ كَيفَ أورد هَذَا وَكَانَ مُخَالفا لما رَوَاهُ الثِّقَات، وَقد ساعد بَعضهم البُخَارِيّ بقوله: لَا مَانع أَن يَقع ذَلِك مرَّتَيْنِ وَفِيه نظر لَا يخفى، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قصَّة قُرَيْش والتماس أبي سُفْيَان كَانَت فِي مَكَّة لَا فِي الْمَدِينَة؟ قلت: الْقِصَّة مَكِّيَّة إلاّ الْقدر الَّذِي زَاد أَسْبَاط، فَإِنَّهُ وَقع فِي الْمَدِينَة. قَوْله: (فسقوا) ، بِضَم السِّين وَالْقَاف على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَصله: سقيوا، استثقلت الضمة على الْيَاء بعد سلب حَرَكَة مَا قبلهَا فَصَارَ: سقوا، على وزن فعوا. قَوْله: (الْغَيْث) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول ثَان. قَوْله: (فسقوا النَّاس حَولهمْ) الْكَلَام فِي: سقوا، قد مر الْآن، و: النَّاس، مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص أَي: أَعنِي النَّاس الَّذين حول الْمَدِينَة وَأَهْلهَا، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: (فاسقى النَّاس حَولهمْ) ، وَزَاد بعد هَذَا: قَالَ يَعْنِي ابْن مَسْعُود لقد مرت آيَة الدُّخان.
٤١ - (بابُ الدعاءِ إذَا كَثُرَ المَطَرُ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء عِنْد كَثْرَة الْمَطَر بقوله: (أللهم حوالينا وَلَا علينا) هَذَا إِذا أضيف الْبَاب إِلَى الدُّعَاء، وَيجوز قطع الْإِضَافَة، فَحِينَئِذٍ يكون الدُّعَاء مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ. وَقَوله: (حوالينا) خَبره، وَيكون التَّقْدِير: هَذَا بَاب تَرْجَمته الدُّعَاء إِذا كثر الْمَطَر حوالينا، يَعْنِي بِلَفْظ: حوالينا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يكون الدُّعَاء عَاملا فِي: حوالينا، وَإِن كَانَ عمل الْمصدر الْمُعَرّف بِاللَّامِ قَلِيلا، لَكِن بِشَرْط كَون الدُّعَاء مجرورا بِإِضَافَة الْبَاب إِلَيْهِ، إِذْ لَو كَانَ مُبْتَدأ: و (إِذا كثر الْمَطَر) خَبره، لزم الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله بأجنبي، هُوَ الْخَبَر، وَأَن يكون، حوالينا، بَيَانا للدُّعَاء أَو بَدَلا.
١٢٠١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْرٍ قَالَ حدَّثنا مُعْتَمِرٌ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ ثَابِتٍ عنْ أنَسٍ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا فقَالُوا يَا رسُولَ الله قَحَطَ المَطَرُ واحْمَرَّتِ الشَّجَرُ وهَلَكَتِ البَهَائِمُ فادْعُ الله يَسْقِينَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا مَرَّتَيْنِ وايْمُ الله مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحابٍ فَنَشَأتْ سَحَابَةٌ وأمْطَرَتْ ونَزَلَ عنِ المِنْبَرِ فَصلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمَّا قامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبُ صاحُوا إلَيْهِ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ وانْقَطَعَتِ السُّبخلُ فادْعُ الله يَحْبِسْهَا عَنَّا فَتَبَسَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولَا عَلَيْنَا فكَشَطَتِ المَدِينَةُ فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا وَلَا تُمْطِرُ بِالمَدِينَةِ قَطْرَةً فنَظَرْتُ إلَى المَدِينَةِ وَإنَّهَا لَفِي مِثْلَ الإكْلِيلِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأعَاد حَدِيث أنس أَيْضا من طَرِيق ثَابت عَنهُ لأجل هَذِه التَّرْجَمَة، وَلأَجل مُغَايرَة الروَاة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute