ِ فِي طَلَبِها، فأدْركَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فلَمَّا أتَوُا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَكَوْا ذالِكَ إلَيْهِ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ الله خَيْرا، فَوَالله مَا نَزل بك أمْرٌ قَطُّ إلاّ جَعَلَ الله لَكِ مِنْهُ مَخْرَجا وجُعلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيه بَرَكَةٌ..
قيل لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة لِأَنَّهَا اسْتِعَارَة الثِّيَاب للعروس، واستعارة عَائِشَة من أَسمَاء قلادة وَلَيْسَت بِثَوْب، وَأجِيب بِأَنَّهُ قَالَ: وَغَيرهَا، وَهُوَ يتَنَاوَل القلادة وَغَيرهَا، كَمَا ذكرنَا الْآن، وردَّ بِأَن التَّرْجَمَة فِي اسْتِعَارَة الثِّيَاب وَغَيرهَا للعروس، وَعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، حِين استعارتها لم تكن عروسا، وَقَالَ بَعضهم فِي وَجه الْمُطَابقَة: القلادة وَغَيرهَا من أَنْوَاع الملبوس الَّذِي يتزين بِهِ المزوج أَعم من أَن يكون عِنْد الْعرس أَو بعده. قلت: بَين مَا قَالَه وَبَين مَا يفهم من التَّرْجَمَة بُعد عَظِيم، وَالرَّدّ الَّذِي ذكرنَا رد أَيْضا لهَذَا، وَلَكِن إِذا أعدنا الضَّمِير فِي غَيرهَا: إِلَى الْعَرُوس، تتأتى الْمُطَابقَة على مَا لَا يخفى.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عرو بن الزبير بن الْعَوام.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب التَّيَمُّم فِي: بَاب إِذا لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن زَكَرِيَّاء بن يحيى عَن عبد الله بن نمير عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة إِلَى آخِره نَحوه وَمر الْكَلَام فِيهِ قَوْله فوَاللَّه مَا نزل بك أَمر إِلَى آخِره وَهُنَاكَ هَكَذَا فوَاللَّه نزل بك أَمر تكرهينه إِلَّا جعل الله لَك وللمسلمين فِيهِ خيرا.
٦٦ - (بابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إذَا أتَى أهْلَهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَقُول الرجل إِذا أَتَى أَهله يَعْنِي إِذا أَرَادَ الْجِمَاع.
٥٦١٥ - حدَّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا شَيْبانُ عنْ مَنْصُورُ عنْ سالِم بن أبي الجِعْدِ عنْ كُرَيْب عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأما لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ يَقُولِ حِينَ يأتِي أهْلَهُ: باسْمِ الله، أللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ مَا رزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُما فِي ذالِكَ أوْ قُضِيَ وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطانٌ أبَدا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسعد بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الطلحي الْكُوفِي، يُقَال: لَهُ الضخم، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وكريب مصغر كرب مولى ابْن عَبَّاس.
وَمضى الحَدِيث فِي الطَّهَارَة فِي: بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال. وَمضى أَيْضا فِي بَدْء الْخلق فِي: بَاب صفة إِبْلِيس وَجُنُوده، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (أما) بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم حرف استفتاح بِمَنْزِلَة: أَلَا. قَوْله: (لَو أَن أحدكُم) كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني. وَفِي رِوَايَة غَيره بِحَذْف: أَن وَفِي الَّذِي تقدم فِي: بده الْخلق، بِحَذْف أما لَو أَن أحدكُم إِذا أَتَى أَهله. قَالَ: وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره: لَو أَن أحدكُم إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي أَهله، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أما أَن أحدكُم، أَو يَقُول: حِين يُجَامع مَعَ أَهله، وَفِي رِوَايَة لَهُ: لَو أَن أحدهم إِذا جَامع امْرَأَته ذكر الله. قَوْله: (بِسم الله اللَّهُمَّ جنبني) وَفِي رِوَايَة روح: ذكر الله قَالَ: اللَّهُمَّ جنبني، وجنبني بِالْإِفْرَادِ أَيْضا فِي: بَدْء الْخلق، وَفِي رِوَايَة همام: جنبنا بِالْجمعِ. قَوْله: (أَو قضي) كَذَا بِالشَّكِّ، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور: فَإِن قضى الله بَينهمَا ولدا، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيقه، فَإِنَّهُ إِن يقدر بَينهمَا ولد فِي ذَلِك، وَفِي رِوَايَة جرير: ثمَّ قدر أَن يكون، وَالْبَاقِي مثله: وَفِي رِوَايَة همام: ثمَّ رزقا ولدا وَالْفرق بَين الْقَضَاء وَالْقدر من حَيْثُ اللُّغَة، وَأما من حَيْثُ الِاصْطِلَاح فالقضاء هُوَ الْأَمر الْكُلِّي الإجمالي الَّذِي فِي الْأَزَل، وَالْقدر هُوَ جزئيات ذَلِك الْكُلِّي وتفاصيل ذَلِك الْمُجْمل الْوَاقِعَة فِي مَا لَا يزَال، وَفِي الْقُرْآن إِشَارَة إِلَيْهِ {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} (الْحجر: ١٢) . قَوْله: (لم يضرّهُ) بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا. قَوْله: (شَيْطَان) كَذَا بالتنكير، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَأحمد لم يُسَلط عَلَيْهِ الشَّيْطَان، أَو: لم يضرّهُ الشَّيْطَان، مَعْنَاهُ: لم يُسَلط عَلَيْهِ بِحَيْثُ لم يكن لَهُ الْعَمَل الصَّالح، وَقَالَ القَاضِي: لم يحملهُ أحد على الْعُمُوم فِي جَمِيع الضَّرَر والوساوس فَقيل المُرَاد إِنَّه لَا يصرعه شَيْطَان، وَقيل: لَا يطعن فِي بَطْنه عِنْد وِلَادَته، وَفِيه نظر لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من مَوْلُود إلَاّ يمسهُ الشَّيْطَان حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مس الشَّيْطَان غير مَرْيَم وَابْنهَا، وَقيل: لم يُسَلط عَلَيْهِ من أجل بركَة التَّسْمِيَة، بل يكون من جملَة الْعباد الَّذين قيل فيهم: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان} (الْحجر: ٢٤) وَقيل: لم يضر فِي بدنه، وَقيل: لم يضرّهُ بمشاركة أَبِيه فِي جماع أمه