للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: تَابع سُفْيَان سُلَيْمَان بن كثير الْعَبْدي الوَاسِطِيّ، وَيُقَال الْبَصْرِيّ فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَقَالَ بَعضهم: وَصله الذهلي فِي الزهريات. وَلم يزدْ عَلَيْهِ شَيْئا، وَالظَّاهِر أَنه لم يُورد فِيهَا.

٢ - (بابُ الْتِماسِ لَيْلَةِ القَدْرِ فِي السَّبْعِ الأوَاخِرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن التمَاس أَي طلب لَيْلَة الْقدر يَنْبَغِي أَن يكون فِي السَّبع الْأَوَاخِر، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بَاب التمسوا لَيْلَة الْقدر، بِصِيغَة الْأَمر، وَلَفظ: بَاب، فِيهِ منون تَقْدِيره: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ التمسوا، وَهَهُنَا ثَلَاثَة أَسْبَاع: السَّبع الْأَوَائِل فِي الْعشْر الأول من الشَّهْر، والسبع الأواسط فِي الْعشْر الثَّانِي، والسبع الْأَوَاخِر فِي الْعشْر الْأَخير مِنْهُ، وَيكون طلبَهَا فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين، وَالثَّالِث وَالْعِشْرين، وَالْخَامِس وَالْعِشْرين، وَالسَّابِع وَالْعِشْرين. وَجَاء: (اطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر) فَتدخل فِيهَا لَيْلَة التَّاسِع وَالْعِشْرين.

٥١٠٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرَنَا مالِكٌ عنْ نافَعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رِجَالاً مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنامِ فِي السَّبْعِ الأواخِرِ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ فِي السَّبْعِ الأوَاخِرِ فَمَنْ كانَ مُتَحَرِّيهَا فلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأوَاخِرِ. (انْظُر الحَدِيث ٨٥١١ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر) .

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّوْم أَيْضا عَن يحيى بن يحيى، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ.

قَوْله: (أروا) بِضَم الْهمزَة، مَجْهُول فعل مَاض من الإراءة، وَقَالَ بَعضهم: أَي: قيل لَهُم فِي الْمَنَام: فِي السَّبع الْأَوَاخِر. قلت: هَذَا التَّفْسِير لَيْسَ بِصَحِيح، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن نَاسا قَالُوا لَهُم إِن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر، وَلَيْسَ هَذَا تَفْسِير قَوْله: (أروا لَيْلَة الْقدر فِي الْمَنَام) ، بل تَفْسِيره أَن نَاسا أروهم إِيَّاهَا فَرَأَوْا، وعَلى تَفْسِير هَذَا الْقَائِل أخبروا بِأَنَّهَا فِي السَّبع الْأَوَاخِر، وَلَا يسْتَلْزم هَذَا رُؤْيَتهمْ. قَوْله: (فِي السَّبع الْأَوَاخِر) ، لَيْسَ ظرفا للإراءة، قَالَه الْكرْمَانِي، وَسكت، وَمَعْنَاهُ: إِنَّه صفة لقَوْله: (فِي الْمَنَام) ، أَي: فِي الْمَنَام الْوَاقِع أَو الْكَائِن فِي السَّبع الْأَوَاخِر. قَوْله: (قد تواطأت) أَي: توافقت، وأصل الْكَلِمَة بِالْهَمْزَةِ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي التَّعْبِير من طَرِيق الزُّهْرِيّ (عَن سَالم عَن أَبِيه أَن نَاسا أروا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر، وَأَن نَاسا أروا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (التمسوها فِي السَّبع الْأَوَاخِر) ، وَلم يقل: فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ نظر إِلَى الْمُتَّفق عَلَيْهِ من الرؤيتين، فَأمر بِهِ. قَوْله: (فَمن كَانَ متحريها) أَي: طالبها وقاصدها، لِأَن التَّحَرِّي الْقَصْد وَالِاجْتِهَاد فِي الطّلب، ثمَّ إِن هَذَا الحَدِيث دلّ على أَن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر لَكِن من غير تعْيين.

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِيهَا، فَقيل: هِيَ أول لَيْلَة من رَمَضَان. وَقيل: لَيْلَة سبع عشرَة. وَقيل: لَيْلَة ثَمَان عشرَة. وَقيل: لَيْلَة تسع عشرَة. وَقيل: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين. وَقيل: ثَلَاث وَعشْرين. وَقيل: لَيْلَة خمس وَعشْرين. وَقيل: لَيْلَة سبع وَعشْرين. وَقيل: لَيْلَة تسع وَعشْرين. وَقيل: آخر لَيْلَة من رَمَضَان. وَقيل: فِي أشفاع هَذِه الْأَفْرَاد. وَقيل: فِي السّنة كلهَا. وَقيل: جَمِيع شهر رَمَضَان. وَقيل: يتَحَوَّل فِي ليَالِي الْعشْر كلهَا. وَذهب: أَبُو حنيفَة إِلَى أَنَّهَا فِي رَمَضَان، تتقدم وتتأخر. وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: لَا تتقدم وَلَا تتأخر، لَكِن غير مُعينَة. وَقيل: هِيَ عِنْدهمَا فِي النّصْف الْأَخير من رَمَضَان. وَعند الشَّافِعِي فِي الْعشْر الْأَخير لَا تنْتَقل وَلَا تزَال إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ: هِيَ غير مَخْصُوصَة بِشَهْر من الشُّهُور، وَبِه قَالَ الحنفيون، وَفِي (قاضيخان) : الْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة أَنَّهَا تَدور فِي السّنة كلهَا، وَقد تكون فِي رَمَضَان، وَقد تكون فِي غَيره، وَصَحَّ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَغَيرهم، وَقد زيف الْمُهلب هَذَا القَوْل. وَقَالَ: لَعَلَّ صَاحبه بناه على دوران الزَّمَان لنُقْصَان الْأَهِلّة، وَهُوَ فَاسد، لِأَن ذَلِك لم يعْتَبر فِي صِيَام رَمَضَان، فَلَا يعْتَبر فِي غَيره حَتَّى تنْتَقل لَيْلَة الْقدر عَن رَمَضَان انْتهى. قلت: تزييفه هَذَا القَوْل فَاسد، لِأَن قَصده تزييف قَول الْحَنَفِيَّة، وَلَا يدْرِي أَنه فِي نفس الْأَمر تزييف

<<  <  ج: ص:  >  >>