مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، ومخارق بِضَم الْمِيم وبالخاء الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء ابْن عبد الله وَقيل: ابْن عبد الرَّحْمَن، وَقيل: ابْن خَليفَة بن جَابر. أَبُو سعيد الأحمسي بالمهملتين، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وطارق بِكَسْر الرَّاء ابْن شهَاب الأحمسي، رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ أَبُو عمر: طَارق بن شهَاب بن عبد شمس أَبُو عبد الله أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وروى بِإِسْنَادِهِ عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب، قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغزوت فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، ثَلَاثًا وَأَرْبَعين بَين غَزْوَة وسرية. والْحَدِيث من أَفْرَاده وَمر تَفْسِير الْهَدْي وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء كَمَا ذكرنَا، ويروى بضَمهَا ضد الضلال.
٧١ - (بابُ الصَّبْرِ عَلَى الأذَى)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فَضِيلَة الصَّبْر على الْأَذَى أَي: أَذَى النَّاس وَالصَّبْر حبس النَّفس على الْمَطْلُوب حَتَّى يدْرك وأصل الصَّبْر الْحَبْس وَمِنْه سمي الصَّوْم صبرا لما فِيهِ من حبس النَّفس عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّكَاح، وَمِنْه نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من صَبر الْبَهَائِم، يَعْنِي: من حَبسهَا للتمثيل بهَا ورميها كَمَا ترمي الْأَغْرَاض، وَالصَّبْر على الْأَذَى من بَاب جِهَاد النَّفس وقمعها عَن شهوتها ومنعها عَن تطاولها، وَهُوَ من أَخْلَاق الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ، وَإِن كَانَ الله قد جعل النُّفُوس مجبولة على تألمها من الْأَذَى ومشقته.
وقوْل الله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} (الزمر: ١٠)
وَقَول الله مجرور عطفا على الصَّبْر على الْأَذَى، أَرَادَ بالصابرين الَّذين صَبَرُوا على البلايا، وَقيل: الَّذين صَبَرُوا على مُفَارقَة أوطانهم وعشائرهم فِي مَكَّة وَهَاجرُوا إِلَى الْمَدِينَة، وَقيل: نزلت فِي جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه حِين لم يتْركُوا دينهم. قَوْله: (بِغَيْر حِسَاب) يَعْنِي: لَا يهتدى إِلَيْهِ عقل وَلَا يُوصف.
٦٠٩٩ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا يَحْياى بنُ سَعِيد عَنْ سُفْيانَ قَالَ: حدّثني الأعْمَشُ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ السُّلَمِيِّ عَنْ أبي مُوسى رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ أحَدٌ أوْ لَيْسَ شَيْءٌ أصْبَرَ عَلَى أَذَى سَمعهُ مِنَ الله، إنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَداً، وإنَّهُ لَيُعافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ. (انْظُر الحَدِيث ٦٠٩٩ طرفه فِي: ٧٣٧٨) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَيْسَ شَيْء أَصْبِر على أَذَى) وَإِطْلَاق الصَّبْر على الله بِمَعْنى الْحلم يَعْنِي حبس الْعقُوبَة عَن مستحقها إِلَى زمن آخر وتأخيرها.
وَيحيى بن سعيد هُوَ الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ النوري، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله ابْن حبيب السّلمِيّ بِضَم السِّين وَفتح اللَّام، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن عَبْدَانِ. وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي بكر وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي البعوت عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله.
قَوْله: (أَو لَيْسَ شَيْء) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (لَيْسَ شَيْء أَصْبِر) فسروا الصَّبْر فِي حق الله بالحلم، وَقد ذَكرْنَاهُ الْآن. قَوْله: (من الله) ، كلمة: من صلَة لقَوْله: أَصْبِر. قَوْله: (ليدعون لَهُ) . أَي لله وَاللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، يَعْنِي: ينسبون إِلَيْهِ مَا هُوَ منزه عَنهُ وَهُوَ يحسن إِلَيْهِم بِمَا يتَعَلَّق بِأَنْفسِهِم، وَهُوَ المعافاة، وبأموالهم وَهُوَ الرزق.
٦١٠٠ - حدَّثني عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقاً يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الله: قَسَمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قِسْمَةً كَبَعْضِ مَا كانَ يَقْسِمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: وَالله إنَّها لَقِسْمَةُ مَا أُرِيدَ بِها وَجْهُ الله! قُلْتُ: أمَّا لأقُولَنَّ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأتيْتُهُ وَهْوَ فِي أصْحابِهِ فَسَارَرْتُهُ، فَشَقَّ ذالِكَ عَلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ حَتَّى وَدِدْتُ أنِّي لَمْ أكُنْ أخْبَرْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أُوذِيَ مُوساى بِأكثَرَ مِنْ ذالِكَ فَصَبَرَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام، عَن أبي الْوَلِيد، وَيَأْتِي فِي الدَّعْوَات عَن حَفْص