هُوَ الْعظم الناتىء فِي مفصل السَّاق والقدم، وَهُوَ الَّذِي يُمكن إلزاقه، وَقَالَ بَعضهم، خلافًا لمن ذهب: إِلَى أَن المُرَاد بالكعب مُؤخر الْقدَم، وَهُوَ قَول شَاذ ينْسب إِلَى بعض الْحَنَفِيَّة. قلت: هِشَام روى عَن مُحَمَّد بن الْحسن هَذَا التَّفْسِير، وَلكنه مَا أَرَادَ بِهَذَا الَّذِي فِي بَاب الْوضُوء، وَإِنَّمَا مُرَاده الَّذِي فِي بَاب الْحَج، فنسبة هَذَا إِلَى بعض الْحَنَفِيَّة على هَذَا غير صَحِيحَة.
٧٢٥ - حدَّثنا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ قَالَ حدَّثنا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَن أنَسٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإنِّي أرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وكانَ أحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكبَهُ بِمَنْكِبِ صاحِبِهِ وقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. (أنظر الحَدِيث ٧١٨ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد مضوا غير مرّة، وَعَمْرو بن خَالِد بن فروخ الْحَرَّانِي الْجَزرِي سكن مصر، وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وَحميد الطَّوِيل، وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور عَن هشيم فَصرحَ فِيهِ بتحديث أنس لحميد، وَفِيه الزِّيَادَة الَّتِي فِي آخِره، وَهِي قَوْله: وَكَانَ أَحَدنَا ... إِلَى آخِره. وَصرح بِأَنَّهَا من قَول أنس. وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة معمر عَن حميد بِلَفْظ: قَالَ أنس: فَلَقَد رَأَيْت أَحَدنَا ... إِلَى آخِره، وَزَاد مُعْتَمر فِي رِوَايَته: (وَلَو فعلت ذَلِك بأحدهم الْيَوْم لنفر كَأَنَّهُ بغل شموص) .
٧٧ - (بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: إِذا قَامَ ... إِلَى آخِره. وَقَوله: (تمت صلَاته) ، جَوَاب: إِذا، يَعْنِي: لَا يضر صلَاته. وَقَوله: (خَلفه) ، مَنْصُوب بالظرفية، أَي: فِي خَلفه، أَو بِنَزْع الْخَافِض أَي: من خَلفه، وَالضَّمِير رَاجع إِلَى الإِمَام. قَالَ الْكرْمَانِي: أَو إِلَى الرجل، لَا يُقَال: الإِمَام أقرب، فَهُوَ أولى، لِأَن الْفَاعِل، وَإِن تَأَخّر لفظا، لكنه مقدم رُتْبَة، فَلِكُل مِنْهُمَا قرب من وَجه، فهما متساويان قلت: الأولى أَن يكون الضَّمِير للْإِمَام، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يحوله من خَلفه، ويحترز بِهِ من أَن يحوله من بَين يَدَيْهِ، وَلَا معنى لتحويله من خلف الرجل. وَقَوله: (تمت صلَاته) أَي: صَلَاة الْمَأْمُوم، لِأَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا حَيْثُ لم يكن يعلم فِي ذَلِك الْوَقْت موقفه، وَيحْتَمل أَن يكون الضَّمِير للْإِمَام فَلَا تفْسد صلَاته، لِأَن تحويله إِيَّاه لم يكن عملا كثيرا مَعَ أَنه كَانَ فِي مقَام التَّعْلِيم والإرشاد، وَقد مر قبل هَذَا الْبَاب بِعشْرين بَابا: بَاب إِذا قَامَ الرجل عَن يسَار الإِمَام فحوله الإِمَام إِلَى يَمِينه، لم تفْسد صلاتهما، وَهَذِه التَّرْجَمَة مثل تَرْجَمَة هَذَا الْبَاب الَّذِي هُنَا، غير أَنه لم يذكر لفظ: خَلفه، هُنَاكَ وفيهَا قَالَ: لم تفْسد صلاتهما، وَهَذَا يدل على جَوَاز رُجُوع الضَّمِير فِي قَوْله: (تمت صلَاته) إِلَى الْمَأْمُوم وَإِلَى الإِمَام، كَمَا ذكرنَا.
٧٢٦ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا دَاوُدُ عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ عَن كُرَيْبٍ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ عنِ ابنِ عباسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأخَذَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ ورَائِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى وَرَقَدَ فَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ فقَامَ وصَلَّى ولَمْ يَتَوضَّأْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَقُمْت عَن يسَاره) إِلَى آخِره، وَقد تكَرر هَذَا الحَدِيث فِيمَا مضى وَهَهُنَا فِي عدَّة مَوَاضِع، أَولهَا: فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب السمر بِالْعلمِ، ومباحث هَذَا الحَدِيث قد مر فِي الْأَبْوَاب الَّتِي تقدّمت، وأكثرها فِي كتاب الْعلم وَفِي: بَاب تَخْفيف الْوضُوء، وَدَاوُد الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار، وَيُقَال: دَاوُد بن عبد الله، يكنى أَبَا سُلَيْمَان، مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة.
٧٨ - (بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الْمَرْأَة تكون صفا، اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ: الْوَاحِد والواحدة لَا تسمى صفا إِذا انْفَرد، وَإِن جَازَت صلَاته مُنْفَردا خلف الصَّفّ، وَأَقل مَا يُسمى إِذا جمع بَين اثْنَيْنِ على طَريقَة وَاحِدَة، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قيل فِي قَوْله تَعَالَى: