مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي (الْأَدَب) عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ عَن زَائِدَة. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم) يَعْنِي ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر جُمْهُور أهل السّير أَنه مَاتَ فِي السّنة الْعَاشِرَة من الْهِجْرَة، قيل: فِي ربيع الأول، وَقيل: فِي رَمَضَان. وَقيل: فِي ذِي الْحجَّة، وَالْأَكْثَر على أَنَّهَا وَقعت فِي عَاشر الشَّهْر، وَقيل: فِي رابعه، وَقيل: فِي رَابِع عشره، وَلَا يَصح شَيْء مِنْهَا على قَول ذِي الْحجَّة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذْ ذَاك بِمَكَّة فِي الْحَج، وَقد ثَبت أَنه شهد وَفَاته وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ بِلَا خلاف فلعلها كَانَت فِي آخر الشَّهْر. فَإِن قلت: الْكُسُوف فِي الشَّمْس إِنَّمَا يكون فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين أَو التَّاسِع وَالْعِشْرين من آخر الشَّهْر الْعَرَبِيّ، فَكيف تكون وَفَاته فِي الْعَاشِر؟ قلت: هَذَا التَّارِيخ يَحْكِي عَن الْوَاقِدِيّ، وَهُوَ ذكر ذَلِك بِغَيْر إِسْنَاد، فقد تكلمُوا فِيمَا يسْندهُ الْوَاقِدِيّ، فَكيف فِيمَا يُرْسِلهُ؟ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: فِي بَاب مَا يحول على جَوَاز الِاجْتِمَاع للعيد وللخسوف لجَوَاز وُقُوع الخسوف فِي الْعَاشِر، ثمَّ رُوِيَ عَن الْوَاقِدِيّ مَا ذَكرْنَاهُ عَن تَارِيخ وَفَاة إِبْرَاهِيم. وَقَالَ الذَّهَبِيّ، فِي (مُخْتَصر السّنَن) : لم يَقع ذَلِك وَلنْ يَقع، وَالله قَادر على كل شَيْء، لَكِن امْتنَاع وُقُوع ذَلِك كامتناع رُؤْيَة الْهلَال لَيْلَة الثَّامِن وَالْعِشْرين من الشَّهْر، وَأم إِبْرَاهِيم مَارِيَة الْقبْطِيَّة، ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان، وَتُوفِّي وعمره ثَمَانِيَة عشر شهرا، هَذَا هُوَ الْأَشْهر. وَقيل: سِتَّة عشر شهرا. وَقيل: سَبْعَة عشر شهرا وَثَمَانِية أَيَّام. وَقيل: سنة وَعشرَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام، وَدفن بِالبَقِيعِ. قَوْله:(فَإِذا رَأَيْتُمْ) ، مَفْعُوله مَحْذُوف تَقْدِيره إِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من ذَلِك، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك.
٢ - (بابُ الصَّدَقَةِ فِي الكُسُوفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّدَقَة فِي حَالَة الْكُسُوف، ذكر البُخَارِيّ فِيمَا قبل هَذَا الْبَاب أَرْبَعَة أَحَادِيث فِي ثَلَاثَة مِنْهَا الْأَمر بِمُجَرَّد الصَّلَاة من غير بَيَان هيئتها، وَذكر الحَدِيث الْوَاحِد الَّذِي رَوَاهُ أَبُو بكرَة مُبينًا بِرَكْعَتَيْنِ، ثمَّ ذكر فِي هَذَا الْبَاب هَيْئَة لصَلَاة الْكُسُوف غير هَيْئَة ذَاك، وَالظَّاهِر أَن تَقْدِيمه حَدِيث أبي بكرَة على غَيره لميله إِلَيْهِ لموافقته الْقيَاس.