للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جُنْدُبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيَانِي فأخْرَجَانِي إلَى أرْضٍ مُقَدَّسَةٍ فانْطَلَقْنَا حَتَّى أتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ منْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قائِمٌ وعَلَى وسَطِ النَّهْرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فأقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ فإذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ الَّذِي رَأيْتَهُ فِي النَّهْرِ آكِلُ الرِّبَا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الَّذِي رَأَيْته فِي النَّهر آكل الرِّبَا) ، وَهَذَا الحَدِيث قد تقدم فِي كتاب الْجَنَائِز بعد: بَاب مَا قيل فِي أَوْلَاد الْمُشْركين فِي: بَاب، كَذَا مُجَردا عَن تَرْجَمَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ مطولا بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا. وَأَبُو رَجَاء اسْمه عمرَان العطاردي.

قَوْله: (رَأَيْت) من الرُّؤْيَا، ويروى: (أريت) ، بِضَم الْهمزَة على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فِي أَرض مُقَدَّسَة) ، بالتنكير للتعظيم. قَوْله: (وعَلى وسط النَّهر) هَكَذَا بِالْوَاو، ويروى: (على وسط النَّهر) ، بِلَا: وَاو، فعلى الرِّوَايَة الأولى: الْوَاو، للْحَال وَلَكِن فِيهِ الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف تَقْدِيره: وَهُوَ على وسط النَّهر، وعَلى الرِّوَايَة الثَّانِيَة يكون: على، مُتَعَلقَة بقوله: (قَائِم) . فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون: رجل، فِي قَوْله: (رجل بَين يَدَيْهِ حِجَارَة) مُبْتَدأ. وَقَوله: (وعَلى وسط النَّهر) يكون خَبره مقدما؟ قلت: لَا يجوز، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة: (وَرجل بَين يَدَيْهِ حِجَارَة) بِالْوَاو، وَلَا يجوز دُخُول الْوَاو بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَلِأَن الرجل الَّذِي بَين يَدَيْهِ حِجَارَة هُوَ على شط النَّهر لَا على وَسطه، كَمَا تقدم فِي آخر كتاب الْجَنَائِز.

٥٢ - (بابُ مُوكِلِ الرِّبا)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم مُوكل الرِّبَا أَي مطعمه، وَهُوَ بِضَم الْمِيم وَكسر الْكَاف، اسْم فَاعل من مزِيد أكل وَهُوَ: أءكل، بهمزتين، فقلبت الْهمزَة الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ من نفس الْكَلِمَة ألفا لانفتاح مَا قبلهَا، فَصَارَ: آكل، على وزن: افْعَل، وَاسم الْفَاعِل مِنْهُ: مُوكل، على وزن: مفعل، وَأَصله، مؤكل، بِهَمْزَة سَاكِنة بعد مِيم فقلبت واوا لضمة مَا قبلهَا.

لِقَوْلِهِ تعَالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإنْ لَمْ تَفْعَلُوا فأذَنُوا بحَرْبٍ مِنَ الله ورَسُولِهِ وإنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ ولَا تُظْلَمُونَ وإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ وأنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون ,َواتقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله ثمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) .

لقَوْله تَعَالَى، وَفِي بعض النّسخ: لقَوْل الله تَعَالَى، اللَّام فِيهِ للتَّعْلِيل لِأَن مُوكل الرِّبَا وآكلها آثمان، لِأَن الله تَعَالَى نهى عَنهُ بقوله: {وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . فَأمر الله عباده الْمُؤمنِينَ بتقواه ناهيا لَهُم عَمَّا يقربهُمْ إِلَى سخطه ويبعدهم عَن رِضَاهُ، فَقَالَ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: خافوه وراقبوه فِيمَا تَفْعَلُونَ: {وذروا} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي اتْرُكُوا. {مَا بَقِي من الرِّبَا} وَغير ذَلِك، وَقد ذكر زيد بن أسلم وَابْن جريج وَمُقَاتِل بن حبَان وَالسُّديّ أَن هَذَا السِّيَاق نزل فِي بني عَمْرو بن عُمَيْر من ثَقِيف، وَبني الْمُغيرَة من بني مَخْزُوم، كَانَ بَينهم رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام ودخلوا فِيهِ طلب ثَقِيف أَن يَأْخُذهُ مِنْهُم، فتشاجروا، وَقَالَ بَنو الْمُغيرَة: لَا نُؤَدِّي الرِّبَا فِي الْإِسْلَام، فَكتب فِي ذَلِك عتاب بن أسيد، نَائِب مَكَّة، إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنزلت هَذِه الْآيَة، فَكتب بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا إِن كُنْتُم مُؤمنين فَإِن لم تَفعلُوا فأْذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . فَقَالُوا: نتوب إِلَى الله وَنذر مَا بَقِي من الرِّبَا، فَتَركه كلهم. قَوْله: {فأْذنوا بِحَرب من الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . قَالَ ابْن عَبَّاس أَي: استيقنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله، وَعَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: يُقَال، يَوْم الْقِيَامَة لآكل الرِّبَا: خُذ سِلَاحك للحرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>