(فضلا) ، أَي: مَا لَا يَفِي بِالدّينِ فضلا من الله تَعَالَى، ويروى قضاهُ، ويروى: وَفَاء. قَوْله: (وإلَاّ) أَي: وَإِن لم يتْرك وَفَاء. (قَالَ للْمُسلمين: صلوا على صَاحبكُم) وامتناعه عَن الصَّلَاة على الْمَدْيُون تحذيرا من الدّين وزجرا عَن المماطلة، وَكَرَاهَة أَن يُوقف دعاؤه عَن الْإِجَابَة بِسَبَب مَا عَلَيْهِ من مظلمه الْحق.
١٦ - (بابُ: {المَرَاضِعِ مِنَ المَوَالِياتِ وَغَيْرِهِنَّ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَانه حكم المراضع من المواليات. وَقَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي رِوَايَة بِضَم الْمِيم وَبِفَتْحِهَا فِي أُخْرَى، وَالْأول أولى لِأَنَّهُ إسم فَاعل من والى يوالي. قلت: على قَوْله: (يكون) ، مواليات جمع موالية وَلَيْسَ كَمَا قَالَه، بل الأولى أَن يضْبط الْمِيم بِالْفَتْح جمع مولاة الَّتِي هِيَ الْأمة وَلَيْسَت من الْمُوَالَاة. وَقَالَ ابْن بطال: الْأَقْرَب أَن يُقَال: الموليات جمع مولاة والموليات جمع مولى جمع التكسير، ثمَّ جمع جمع السَّلامَة بِالْألف وَالتَّاء فَصَارَ: مواليات. وَقَالَ: كَانَت الْعَرَب فِي أول أمرهَا تكره رضَاع الْإِمَاء وتحب العربيات طلبا لنجابة الْوَلَد فَأَرَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قد رضع من غير الْعَرَب وَأَن رضَاع الْإِمَاء لَا يهجن.
٥٣٧٢ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ أخبرَنِي عُرْوَةُ أنَّ زَيْنَبَ ابُنَةَ أبِي سَلمَة أخْبرته أنَّ أُمَّ حَبيبةَ زَوْجَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: قلت يَا رَسُول الله أنكح أُخْتِي ابْنة أبي سُفْيَانَ. قَالَ: وَتُحبِّينَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وأحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي الخَيْرِ أُخْتِي. فَقَالَ: إنَّ ذلِكَ لَا يَحِلُّ لِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! فَوَالله إنّا نَتَحَدَّثُ أنَّكَ تُرِيدُ أنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ ابْنَةَ أبِي سَلَمَةَ. فَقَالَ: ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَالله لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إنَّها ابْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضاعَةِ أرْضَعَتْنِي وَأبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أخْوَاتِكُنَّ.
وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: ثُوَيْبَةُ أعْتَقَها أبُو لَهَبٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: {أرضعتني وَأَبا سَلمَة ثوبية} (النِّسَاء: ٢٣) وَكَانَت ثوبية مولاة أبي لَهب فأرضعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يكره رضَاع الْأمة.
والْحَدِيث قد مضى فِي النِّكَاح فِي: بَاب {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم} وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
وَأم حَبِيبَة اسْمهَا رَملَة بنت أبي سُفْيَان وَاسم أُخْتهَا عزة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الزَّاي.
قَوْله: (بمخلية) إسم فَاعل من أخليت الْمَكَان إِذا صادفته خَالِيا، وأخليت غَيْرِي يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى. قَوْله: (درة) بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء، وَأَرَادَ أَن درة لَا تحل لَهُ من جِهَتَيْنِ: كَونهَا ربيبتي، وَكَونهَا بنت أخي، وَاسْتِعْمَال: لَو هَاهُنَا كاستعماله فِي نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ. قَوْله: (ثوبية) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: جَارِيَة أبي لَهب عبد الْعُزَّى عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد أعْتقهَا حِين بَشرته بِالنَّبِيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (وَقَالَ شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ) إِلَى آخِره، تَعْلِيق مر فِي حَدِيث مَوْصُول فِي أَوَائِل كتاب النِّكَاح، وَأَرَادَ بِذكرِهِ هُنَا إِيضَاح أَن ثوبية كَانَت مولاة ليطابق التَّرْجَمَة.
٧ - (كتابُ: {الأَطْعِمَةِ} )
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَنْوَاع الْأَطْعِمَة وأحكامها، وَهُوَ جمع طَعَام. قَالَ الْجَوْهَرِي: الطَّعَام مَا يُؤْكَل وَرُبمَا خص بِالطَّعَامِ الْبر والطعم بِالْفَتْح مَا يُؤَدِّيه ذوف الشَّيْء من حلاوة ومرارة وَغَيرهمَا، والطعم بِالضَّمِّ الْأكل يُقَال: طعم يطعم طعما فَهُوَ طاعم إِذا أكل أَو ذاق مثل: غنم يغنم غنما فَهُوَ غَانِم.
وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (الْبَقَرَة: ٥٧، ١٧٢) وَقَوْلِهِ: {أنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} (الْبَقَرَة: ١٦٧) وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحا} (الْمُؤْمِنُونَ: ٥١)