هَذَا السَّنَد بِعَين هَؤُلَاءِ الرِّجَال قد مر غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع.
والْحَدِيث مضى فِي: بَاب شركَة الْيَتِيم وَأهل الْمِيرَاث بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (بِأَدْنَى من سنة نسائها) أَي: بِأَقَلّ من مهر مثلهَا من قراباتها. قَوْله: (ثمَّ استفتى النَّاس، رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد) ، أَي: بعد نزُول قَوْله تَعَالَى: {وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فأنكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} (النِّسَاء: ٣١) . وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَرَأت على مُحَمَّد بن عبد الحكم: أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب اخبرني عُرْوَة بن الزبير، قَالَت عَائِشَة: ثمَّ إِن النَّاس استفتوا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد هَذِه الْآيَة فِيهِنَّ، فَأنْزل الله: {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب} (النِّسَاء: ٧٢١) . الْآيَة. قَالَت: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْهِم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي هِيَ قَول الله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} (النِّسَاء: ٧٢١) . قَوْله: (بإكمال الصَدَاق) بَيَان للإلحاق بسنتها.
٢٢ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وابتلُوا اليَتَاماى حَتَّى إِذا بلَغُوا النِّكَاحَ فإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فادْفَعُوا إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ وَلَا تأكُلُوهَا إِسْرَافاً وبِداراً أَن يَكْبَرُوا ومنْ كانَ غَنيَّاً فَلْيَسْتَعْفِفِ ومنْ كانَ فَقِيراً فلْيَأْكُلْ بالمَعْرُوفِ فإذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ فأشْهِدُوا علَيْهِمْ وكفاى بِاللَّه حسيباً للرِّجَالِ نَصِيبٌ مَمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ وللنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً {حَسِيباً يَعْنِي كافِياً} (النِّسَاء: ٦ ٧)
فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة سبق من قَوْله: {وابتلوا الْيَتَامَى} إِلَى قَوْله: {نَصِيبا مَفْرُوضًا} (النِّسَاء: ٦ ٧) . وَفِي رِوَايَة أبي ذَر من قَوْله: {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا. .} إِلَى آخرهَا، أَعنِي: إِلَى قَوْله: {نَصِيبا مَفْرُوضًا} (النِّسَاء: ٦ ٧) . قَوْله: {وابتلوا الْيَتَامَى} (النِّسَاء: ٦ ٧) . أَي: اختبروهم. قَالَه ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَالْحسن وَالسُّديّ وَمُقَاتِل بن حَيَّان. قَوْله: {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} (النِّسَاء: ٣١) . قَالَ مُجَاهِد، يَعْنِي: الْحلم، وَقَالَ الْجُمْهُور من الْعلمَاء: الْبلُوغ فِي الْغُلَام تَارَة يكون بالحلم، وَهُوَ أَن يرى فِي مَنَامه مَا ينزل بِهِ المَاء الدافق الَّذِي يكون مِنْهُ الْوَلَد، وَقد روى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: حفظت من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتم بعد احْتِلَام وَلَا صمَات يَوْم إِلَى اللَّيْل أَو يستكمل خمس عشرَة سنة، وَأخذُوا ذَلِك من حَدِيث عبد الله بن عمر: عرضت على النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَأَنا ابْن أَربع عشرَة، فَلم يجزني، وَعرضت عَلَيْهِ يَوْم الخَنْدَق، وَأَنا ابْن خمس عشرَة فأجازني. قَوْله: (رشدا) أَي: صلاحاً فِي دينهم وحفظاً لأموالهم، كَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَغير وَاحِد من الْأَئِمَّة. قَوْله: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً} (النِّسَاء: ٦ ٧) . يَعْنِي: من غير حَاجَة ضَرُورِيَّة إسرافاً ومبادرة قبل بلوغهم، وَالْخطاب للأولياء والأوصياء، فانتصاب: إسرافاً وبداراً، على الْحَال، أَي: مسرفين ومبادرين. قَوْله: {أَن يكبروا} (النِّسَاء: ٢١ ٣١) . أَي: حذرا من أَن يكبروا، أَي: يبلغُوا ويلزموكم بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِم. قَوْله: {فليستعفف} (النِّسَاء: ٢١ ٣١) . أَي: بِمَالِه عَن مَال الْيَتِيم، يُقَال: استعفف وعف: إِذا امْتنع، وَيُقَال: مَعْنَاهُ من كَانَ فِي غنية عَن مَال الْيَتِيم فليتعفف عَنهُ، وَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ عَلَيْهِ كالميتة وَالدَّم. قَوْله: {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (النِّسَاء: ٢١ ٣١) . وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا مُحَمَّد ابْن سعيد الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنَا عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن عَائِشَة، قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي وَالِي الْيَتِيم: {من كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (النِّسَاء: ٢١ ٣١) . بِقدر قِيَامه عَلَيْهِ، وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب حَدثنَا حُسَيْن عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: لَيْسَ لي مَال ولي يَتِيم. (فَقَالَ: كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا مبذر وَلَا متأثل مَالا، وَمن غير أَن تَقِيّ مَالك، أَو قَالَ: تفدي مَالك) ، وَفِي كَيْفيَّة الْأكل بِالْمَعْرُوفِ أَن يَأْكُل بأطراف أَصَابِعه وَلَا يسرف وَلَا يلبس من ذَلِك، قَالَه السّديّ. وَقَالَ النَّخعِيّ: لَا يلبس الْكَتَّان وَلَا الْحلَل وَلَكِن مَا يستر الْعَوْرَة وَيَأْكُل مَا يسد الجوعة. وَقيل: هُوَ أَن يَأْكُل من ثَمَر نخله وَلبن مواشيه، وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ، فَأَما الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَا، فَإِن أَخذ مِنْهُ شَيْئا فَلَا بُد أَن يردهُ عَلَيْهِ، قَالَه الْحسن وَجَمَاعَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِن كَانَ غَنِيا فَأَجره على الله، وَإِن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ وَينزل نَفسه منزلَة الْأَجِير فِيمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ، وَقَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: نزلت نَفسِي من مَال الله تَعَالَى بِمَنْزِلَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute