رَافع بن خديج أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم من سبي حنين مائَة من الْإِبِل، فَأعْطى أَبَا سُفْيَان بن حَرْب مائَة، وَصَفوَان بن أُميَّة مائَة وعيينة بن حُصَيْن مائَة، والأقرع بن حَابِس مائَة، وعلقمة بن غلاثة مائَة، وَمَالك بن عَوْف مائَة، وَالْعَبَّاس ابْن مرادس دون الْمِائَة، وقصتهم مَشْهُورَة.
قَوْله: (إِذْ قَالَ) ، جَوَاب: بَينا، وَالرجل الَّذِي قَالَ لَهُ: إعدل، دو الْخوَيْصِرَة التَّمِيمِي كَمَا ذكره ابْن إِسْحَاق، رجل من بني تَمِيم، وَفِي رِوَايَة قَالَ: هَذِه قسْمَة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله، وَسَيَأْتِي حَدِيث أبي سعيد مطولا قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقسم إِذا أَتَاهُ ذُو الْخوَيْصِرَة، رجل من بني تَمِيم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إعدل. . الحَدِيث. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ) ، أَي: فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل: شقيت إِن لم أعدل، وشقيت، بِضَم التَّاء فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَمَعْنَاهُ ظَاهر وَلَا مَحْذُور فِيهِ، وَالشّرط لَا يسْتَلْزم الْوُقُوع لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّن لَا يعدل حَتَّى يحصل لَهُ الشَّقَاء، بل هُوَ عَادل فَلَا يشقى، وَحكى القَاضِي عِيَاض فتح التَّاء على الْخطاب، وَرجحه النَّوَوِيّ، وَالْمعْنَى على هَذَا: لقد ضللت أَنْت أَيهَا التَّابِع حَيْثُ تقتدي بِمن لَا يعدل، أَو حَيْثُ تعتقد ذَلِك فِي نبيك هَذَا القَوْل الَّذِي لَا يصدر عَن مُؤمن، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: ذُو الْخوَيْصِرَة الْقَائِل، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إعدل، يُقَال هُوَ: حرقوص بن زُهَيْر رَأس الْخَوَارِج، قتل فِي الْخَوَارِج يَوْم النَّهر.
٦١ - (بابُ مَا مَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أنْ يُخَمِّسَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على الْأُسَارَى من غير تخميس، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ أَن يتَصَرَّف فِي الْغَنِيمَة بِمَا يرَاهُ مصلحَة، فَتَارَة ينفل من رَأس الْغَنِيمَة، وَتارَة من الْخمس، وَتارَة يمن بِلَا تخميس، يَعْنِي بِغَيْر فدَاء.
٩٣١٣ - حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ مُحَمَّدِ ابنِ جُبَيْرٍ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أُسَارى بَدْرٍ لَوْ كانَ المطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حيَّاً ثُمَّ كلَّمَنِي فِي هاؤلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من معنى الحَدِيث. وَإِسْحَاق بن مَنْصُور شيخ البُخَارِيّ صرح أَصْحَاب الْأَطْرَاف إِنَّه إِسْحَاق ابْن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، وَكَذَا ذكره فِي الْمَغَازِي، فَقَالَ: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّزَّاق وَرَوَاهُ أَبُو نعيم عَن الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، وَلما رَوَاهُ فِي الْمَغَازِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن مكي حَدثنَا الْفربرِي حَدثنَا البُخَارِيّ حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن عبد الرَّزَّاق، وَكَذَا هُوَ فِي بعض نسخ المغاربة أَنه ابْن مَنْصُور، وَجبير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر الْجَبْر أسلم قبل الْفَتْح وَمَات بِالْمَدِينَةِ، وَأَبوهُ مطعم بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من الْإِطْعَام ابْن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف الْقرشِي، مَاتَ كَافِرًا فِي صفر قبل بدر بِنَحْوِ سَبْعَة أشهر، وَكَانَ قد أحسن السَّعْي فِي نقض الصَّحِيفَة الَّتِي كتبهَا قُرَيْش فِي أَن لَا يبايعوا الهاشمية والمطلبية، وَلَا يناكحوهم وحصروهم فِي الشّعب ثَلَاث سِنِين، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يكافيه، وَقيل: لما مَاتَ أَبُو طَالب وَخَدِيجَة خرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى الطَّائِف فَلم يلق عِنْدهم خيرا، وَرجع إِلَى مَكَّة فِي جوَار الْمطعم.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَقَالَ الْمزي: أخرجه فِي الْخمس عَن إِسْحَاق وَلم ينْسبهُ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن عبد الرَّزَّاق بِهِ.
قَوْله: (فِي هَؤُلَاءِ النتنى) قَالَ الْخطابِيّ: النتنى، جمع النتن مثل الزمنى والزمن، يُقَال: أنتن الشَّيْء فَهُوَ منتن ونتن.
وَفِيه: دلَالَة على أَن للْإِمَام أَن يمن على الْأُسَارَى بِغَيْر فدَاء خلافًا للْبَعْض. وَفِيه: حجَّة لأبي حنيفَة وَمَالك على أَن الْغَنَائِم لَا تَسْتَقِر ملكا للغانميم إلَاّ بعد الْقِسْمَة. وَقَالَ الشَّافِعِي: يملكُونَ بِنَفس الْغَنِيمَة، وَقَالَ بَعضهم: الْجَواب عَن الحَدِيث أَنه مَحْمُول على أَنه كَانَ يَسْتَطِيب أنفس الْغَانِمين، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يمْنَع ذَلِك، فَلَا يصلح للاحتجاج. قلت: رد هَذَا بِأَن طيب قُلُوب الغانميم بذلك من الْعُقُود الاختيارية، فَيحْتَمل أَن لَا يذعن بَعضهم. قَوْله: وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يمْنَع ذَلِك، فَنَقُول كَذَلِك: لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يَقْتَضِي ذَلِك، وَقَالَ ابْن قصار: لَو ملكوا بِنَفس العقد لَكَانَ من لَهُ أَب أَو ولد أَو مِمَّن يعْتق عَلَيْهِ إِذا