الشّعبِيّ، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن سعيد بن مَنْصُور عَن هشيم عَن إِسْمَاعِيل بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن أَبِيه عَن زَكَرِيَّا بِهِ، وَعَن أبي مُوسَى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى عَن إِسْمَاعِيل بِهِ. فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث لَا يدل ظَاهرا على كَون القلائد للغنم، فَلَا يُطَابق التَّرْجَمَة؟ قلت: لفظ الْهَدْي يتَنَاوَل الْغنم أَيْضا لِأَنَّهُ فَرد من أَفْرَاد مَا يهدى إِلَى الْحرم، وَأَيْضًا إرداف هَذَا الحَدِيث بِالْحَدِيثين السَّابِقين يدل على أَنه مثلهمَا فِي حكم تَقْلِيد الْغنم.
١١١ - (بابُ الْقَلائِدِ مِنَ الْعِهْنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم القلائد من العهن، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخِره نون: وَهُوَ الصُّوف الْمَصْبُوغ ألوانا. وَيُقَال: كل صوف عهن، والقطعة مِنْهُ عهنة، وَالْجمع عهون، ذكره فِي (الموعب) وَفِي (الْمُحكم) : الْمَصْبُوغ أَي لون كَانَ، وَقَالَ ابْن قرقول: هُوَ الْأَحْمَر من الصُّوف.
٥٠٧١ - حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ قَالَ حدَّثنا مُعاذُ بنُ مُعَاذٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الْقَاسِمِ عنْ أمِّ المُؤمِنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ فَتَلْتُ قَلائِدَه مِنْ عِهْنٍ كانَ عِنْدِي..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعَمْرو بن عَليّ بن كثير أَبُو حَفْص الصَّيْرَفِي الْبَصْرِيّ، ومعاذ بن معَاذ، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة فِي اللَّفْظَيْنِ: ابْن نصر بن حسان الْعَنْبَري التَّمِيمِي قَاضِي الْبَصْرَة، مَاتَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون أرطبان مر فِي كتاب الْعلم.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بأتم من البُخَارِيّ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي.
قَوْله: (عَن أم الْمُؤمنِينَ) ، هِيَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بَينه أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) عَن يحيى بن حَكِيم عَن معَاذ، وَكَذَا فِي كتاب الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عون. قَوْله: (فتلت قلائدها) ، أَي: الْبدن أَو الْهَدَايَا. وَفِي رِوَايَة يحيى الْمَذْكُورَة: (أَنا فتلت تِلْكَ القلائد) ، وَرَوَاهُ مُسلم من وَجه آخر عَن ابْن عون مثله، وَزَاد: فَأصْبح فِينَا حَلَالا يَأْتِي مَا يَأْتِي الْحَلَال من أَهله.
وَفِيه: رد على من كره القلائد من الأوبار وَاخْتَارَ أَن يكون من نَبَات الأَرْض. وَهُوَ مَنْقُول عَن ربيعَة وَمَالك. وَقَالَ ابْن التِّين: لَعَلَّه أَرَادَ الأولى مَعَ القَوْل بِجَوَاز كَونهَا من الصُّوف.
٢١١ - (بابُ تَقْلِيدِ النَّعْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم تَقْلِيد الْهَدْي بالنعل، وَهُوَ الْحذاء، مؤنثه وتصغيرها نعيلة، تَقول: نعلت وانتعلت إِذا احتذيت، وَالْألف وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس يتَنَاوَل الْوَاحِدَة وَمَا فَوْقهَا، وَفِي حكمهَا خلاف، فَعِنْدَ الثَّوْريّ: الشَّرْط نَعْلَانِ فِي التَّقْلِيد، وَعند غَيره: تجوز الْوَاحِدَة. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يتَعَيَّن النَّعْل فِي التَّقْلِيد، بل كل مَا قَامَ مقَامهَا يجزىء، حَتَّى أذن الْإِدَاوَة والقطعة من المزادة. وَالْحكمَة فِيهِ أَنه إِشَارَة إِلَى السّفر وَالْجد فِيهِ. وَقيل: الْحِكْمَة فِيهِ أَن الْعَرَب تَعْتَد النَّعْل مركوبة لكَونهَا تَقِيّ عَن صَاحبهَا، وَتحمل عَنهُ وعر الطَّرِيق. فَكَانَ الَّذِي أهْدى وقلده بالنعل خرج عَن مركوبه لله تَعَالَى حَيَوَانا، وَغَيره فبالنظر إِلَى هَذَا يسْتَحبّ النَّعْلَانِ فِي التَّقْلِيد.
٦٠٧١ - حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرَنا عَبْدُ الأعْلَى بنُ عَبْدِ الأعْلَى عنْ مَعْمَرٍ عنْ يَحْيَى بنِ أبي كَثيرٍ عَن عِكْرَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ نبيَّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأى رجُلاً يَسُوقُ بَدَنةً قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إنَّهَا بَدَنَةً قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ فَلَقَدْ رَأيْتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا.