للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيْسَ هدي الْإِحْرَام، وَلِهَذَا أَقَامَ حَلَالا بعد إرْسَاله، وَلم ينْقل أَنه أهْدى غنما فِي إِحْرَامه. وَقَوله: فَلَا تعَارض بَين الْفِعْل وَالتّرْك كَلَام واهٍ، لِأَن من ادّعى التَّعَارُض بَينهمَا والتعارض تقَابل الحجتين، وَهَهُنَا الْفِعْل لم يُوجد، فَكيف يتَصَوَّر التَّعَارُض حَتَّى يحْتَاج إِلَى دَفعه. وَقَوله: ثمَّ من الَّذِي صرح من الصَّحَابَة ... إِلَى آخِره، يرد بِأَن يُقَال من الَّذِي صرح مِنْهُم بِأَنَّهُ كَانَ فِي هداياه فِي حجَّته غنم. وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَالْحَنَفِيَّة فِي الأَصْل يَقُولُونَ لَيست الْغنم من الْهَدْي، فَالْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم. قلت: هَذَا افتراء على الْحَنَفِيَّة، فَفِي أَي مَوضِع قَالَت الْحَنَفِيَّة: إِن الْغنم لَيست من الْهَدْي؟ بل كتبهمْ مشحونه بِأَن الْهَدْي اسْم لما يهدى من الْغنم إِلَى الْحرم ليتقرب بِهِ. قَالُوا: وَأَدْنَاهُ شَاة، لقَوْل ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي شَاة، وَعَن هَذَا قَالُوا: الْهَدْي إبل وبقر وغنم، ذكورها وإناثها، حَتَّى قَالُوا هَذَا بِالْإِجْمَاع، وَإِنَّمَا مَذْهَبهم أَن التَّقْلِيد فِي الْبَدنَة وَالْغنم لَيست من الْبَدنَة فَلَا تقلد لعدم التعارف بتقليدها، إِذْ لَو كَانَ تقليدها سنة لما تركوها، وَقَالُوا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور: تفرد بِهِ الْأسود وَلم يذكرهُ غَيره على مَا ذكرنَا، وَادّعى صَاحب الْمَبْسُوط أَنه أثر شَاذ. فَإِن قلت: كَيفَ يُقَال: تركوها؟ وَقد ذكر ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) أَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: لقد رَأَيْت الْغنم يُؤْتى بهَا مقلدة؟ وَعَن أبي جَعْفَر: رَأَيْت الكباش مقلدة، وَعَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر: أَن الشَّاة كَانَت تقلد، وَعَن عَطاء: رَأَيْت أُنَاسًا من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، يسوقون الْغنم مقلدة؟ قلت: لَيْسَ فِي ذَلِك كُله أَن التَّقْلِيد كَانَ فِي الْغنم الَّتِي سيقت فِي الْإِحْرَام، وَأَن أَصْحَابهَا كَانُوا محرمين، على أنَّا نقُول: إِنَّهُم مَا منعُوا الْجَوَاز، وَإِنَّمَا قَالُوا بِأَن التَّقْلِيد فِي الْغنم لَيْسَ بِسنة.

٢٠٧١ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ عنِ الأسْوَدِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ كُنْتُ أفْتِلُ الْقَلائِدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ ويُقِيمُ فِي أهْلِهِ حَلَالاً..

هَذَا طَرِيق آخر للْحَدِيث الْمَذْكُور عَن أبي النُّعْمَان، بِضَم النُّون، وَهُوَ مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، وَإِنَّمَا أرْدف الطَّرِيق السَّابِق بِهَذَا الطَّرِيق لِأَن فِيهِ تَصْرِيح الْأَعْمَش بِالتَّحْدِيثِ عَن إِبْرَاهِيم. وَفِي هَذَا الطَّرِيق أَيْضا زِيَادَة، وَهُوَ التَّقْلِيد، وَذكر إِقَامَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَهله حَلَالا، وللحنفية أَن يحتجوا بِالزِّيَادَةِ الثَّانِيَة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من أَن تَقْلِيد الْغنم إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ فِي الأحرام.

٣٠٧١ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ قَالَ حدَّثنا منْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ قَالَ (ح) وحدَّثنا محَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرنَا سُفْيانُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ إبْرَاهِيمَ عنِ الأسْوَدِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كنْتُ أفْتِلُ قَلائِدَ الْغَنَمُ لِلنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيَبْعَثُ بِهَا ثُمَّ يَمْكُثُ حَلَالاً..

هَذَانِ طَرِيقَانِ آخرَانِ: أَحدهمَا: عَن أبي النُّعْمَان الْمَذْكُور عَن حَمَّاد بن زيد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة، وَالْآخر: عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن إِبْرَاهِيم.

وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن بنْدَار عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: كنت أفتل قلائد هدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كلهَا غنما، ثمَّ لَا يحرم. وَقَالَ بَعضهم: أرْدف رِوَايَة عبد الْوَاحِد بِرِوَايَة مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم استظهارا لرِوَايَة عبد الْوَاحِد، لما فِي حفظ عبد الْوَاحِد عِنْدهم، وَأَن كَانَ هُوَ عِنْده حجَّة.

٤٠٧١ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ فتَلْتُ لِهَدْيِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَعْنِي الْقَلائِدَ قَبْلَ أنْ يُحْرِمَ..

هَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن عَامر الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَنْهَا.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الضَّحَايَا عَن أَحْمد بن مُحَمَّد عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن إِسْمَاعِيل عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>