للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحميدِي صُورَة المنافيين، فَلَا مُطَابقَة؟ قلت: معنى قَول الْفضل: لم يصلِّ مَا علم أَنه صلى، وَلَعَلَّه كَانَ مشتغلاً بِالدُّعَاءِ وَنَحْوه فَلم يره صلى، فنفاه عملا بظنه، وَقد مضى هَذَا الَّذِي علقه عَن الْحميدِي وَهُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى بن عبد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد بأتم مِنْهُ فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب الْعشْر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن عبد الله بن وهب، الحَدِيث، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

كَذَلِكَ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أنَّ لِفُلانٍ علَى فُلَانٍ ألْفَ دِرْهَمٍ وشَهِدَ آخَرَان بألْفٍ وخَمْسمِائَةٍ يُقْضَى بالزِّيَادَةِ

أَي: كَالْحكمِ الْمَذْكُور يحكم إِن شهد شَاهِدَانِ أَن لفُلَان على فلَان ألف دِرْهَم بِأَن شَهدا: أَن لزيد على عَمْرو مثلا ألف دِرْهَم، وَشهد شَاهِدَانِ آخرَانِ: أَن لَهُ عَلَيْهِ ألفا وَخَمْسمِائة دِرْهَم، يقْضِي أَي: يحكم بِالزِّيَادَةِ أَيْضا وَهِي خَمْسمِائَة، يَعْنِي: يحكم بِأَلف وَخَمْسمِائة، لِأَن عدم علم الْغَيْر لَا يُعَارض علمه، وَفِي بعض النّسخ يُعْطي بِالزِّيَادَةِ، فالباء فِي: بِالزِّيَادَةِ، على هَذَا زَائِدَة، وَقيد بقوله: وَشهد آخرَانِ، لِأَنَّهُ لَو شهد وَاحِد بِالزِّيَادَةِ لَا تلْزم الزِّيَادَة إلَاّ بِشَاهِد آخر، وَفِي تَمْثِيل هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا قبله بقوله كَذَلِك نظر، لِأَن مَا قبله مُشْتَمل على صُورَتَيْنِ إِحْدَاهمَا صُورَة مَا علمنَا، وَالثَّانيَِة صُورَة المنافيين، وَلَا تطابق هَذِه الْمَسْأَلَة الصُّورَتَيْنِ المذكورتين وَلَا وَاحِدَة مِنْهُمَا. فَإِن قلت: شَهَادَة الآخرين بِأَلف وَخمْس مائَة يُنَافِي شَهَادَة الشَّاهِدين بِأَلف ظَاهرا. قلت: لَا نسلم ذَلِك بل كلهم متفقون فِي الْألف، وَإِنَّمَا انْفَرد الْآخرَانِ بالخمسمائة الزَّائِدَة، فثبتت الزِّيَادَة لوُجُود نِصَاب الشَّهَادَة، حَتَّى لَو كَانَ الَّذِي يشْهد بِالزِّيَادَةِ وَاحِدًا لَا يلْزم الزِّيَادَة إلَاّ بِشَاهِد آخر، كَمَا ذكرنَا.

٠٤٦٢ - حدَّثنا حِبَّانُ قَالَ أخبرنَا عبدُ الله قَالَ أخبرنَا عُمَرُ بنُ سَعِيدِ بنِ أبِي حُسَيْنٍ قَالَ أَخْبرنِي عبدُ الله بنُ أبي مُلَيْكَةَ عنْ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ أنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبِي إهَابِ بنِ عَزِيزٍ فأتَتْهُ امْرَأةٌ فقالَتْ قدْ أرْضَعْتُ عُقْبَةَ والَّتِي تَزَوَّجَ فَقَالَ لَها عُقْبَةُ مَا أعْلَمُ أنَّكِ أرْضَعْتِنِي وَلَا أخْبَرْتِنِي فأرْسَلَ إِلَى آلَ أبي إهَابٍ يَسْألُهُمْ فَقَالُوا مَا عَلِمْنَا أرْضَعَتْ صاحِبَتَنا فرَكِبَ إِلَى الْنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمَدِينَةِ فَسَألَهُ فَقَالَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيْفَ وقَدْ قِيلَ فَفَارَقَها ونَكَحَتْ زَوْجاً غَيْرَهُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَهَادَة وَلَا حكم، وَلَكِن قَالَ الْكرْمَانِي: أَمر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالمفارقة. بقوله: (كَيفَ وَقد قيل؟) كَالْحكمِ، وإخبار الْمُرضعَة كَالشَّهَادَةِ، وَقَالَ بَعضهم: الْمُرضعَة أَثْبَتَت الرَّضَاع وَعقبَة نَفَاهُ، فأعمل النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْلهَا، فَأمره بالمفارقة، إِمَّا وجوبا عِنْد من يَقُول بِهِ، وَإِمَّا ندبا على طَرِيق الْوَرع. قلت: فِي كل مِنْهُم نظر، أما الأول: فَفِيهِ التجويز. وَأما الثَّانِي: فَلَو لاحظ فِيهِ صُورَة مَا علمنَا لَكَانَ أقرب وأوجه، لِأَن فِيهِ نفي الْعلم. وَهُوَ يُطَابق التَّرْجَمَة.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب الرحلة فِي الْمَسْأَلَة النَّازِلَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله عَن عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن ... إِلَى آخِره نَحوه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى. وإهاب، بِكَسْر الْهمزَة، وعزيز على وزن) عَظِيم، بزايين معجمتين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والحموي عَزِيز، بِضَم الْعين وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، مصغر، قيل: وَالْأول أصوب.

٥ - (بابُ الشُّهَدَاءِ العُدُولِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الشُّهَدَاء الْعُدُول، يَعْنِي: من هم، وَالشُّهَدَاء جمع شَهِيد بِمَعْنى: الشَّاهِد، والعدول جمع عدل، وَالْعدْل من ظهر مِنْهُ الْخَيْر، وَقَالَ أبراهيم: الْعدْل الَّذِي لم يظْهر فِيهِ رِيبَة، قَالَ ابْن بطال: وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَإِسْحَاق، وروى ابْن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: الْعدْل فِي الْمُسلمين مَا لم يطعن فِي بطن وَلَا فرج، وَقَالَ الشّعبِيّ: يجوز شَهَادَة الْمُسلم مَا لم يصب حدا أَو يعلم عَنهُ جريمة فِي دينه، وَكَانَ الْحسن يُجِيز شَهَادَة من صلَّى إلَاّ أَن يَأْتِي الْخصم بِمَا يجرحه، وَعَن حبيب:

<<  <  ج: ص:  >  >>