أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يجمع إِلَى آخِره. قَوْله:(متفرق) ، بِتَقْدِيم التَّاء على الْفَاء وَتَشْديد الرَّاء رِوَايَة الْكشميهني وَرِوَايَة غَيره: لَا يجمع بَين مفترق، بِتَقْدِيم الْفَاء من الِافْتِرَاق، صُورَة: لَا يجمع بَين متفرق أَن يكون لهَذَا أَرْبَعُونَ شَاة ولذاك أَرْبَعُونَ أَيْضا، وَللْآخر أَرْبَعُونَ فيجمعوها حَتَّى لَا يكون فِيهَا إلَاّ شَاة، وَصُورَة: لَا يفرق بَين مُجْتَمع: أَن يكون شريكان وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة، فَيكون عَلَيْهِمَا فِي مَالهمَا ثَلَاث شِيَاه، ثمَّ يفرقان غنمهما عِنْد طلب السَّاعِي الزَّكَاة، فَلم يكن على كل وَاحِد مِنْهُمَا إلَاّ شَاة وَاحِدَة. قَوْله:(مُجْتَمع) ، بِكَسْر الْمِيم الثَّانِيَة، قيل: لم يُقيد البُخَارِيّ التَّرْجَمَة بقوله خشيَة الصَّدَقَة لاخْتِلَاف نظر الْعلمَاء فِي المُرَاد بذلك لما سَنذكرُهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَن قريب.
ويُذْكَرُ عنْ سالِمٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلُهُ
أَي: يذكر عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله، أَي: مثل لفظ هَذِه التَّرْجَمَة، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره التِّرْمِذِيّ مَوْصُولا مطولا، فَقَالَ: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب الْبَغْدَادِيّ وَإِبْرَاهِيم ابْن عبد الله الْهَرَوِيّ وَمُحَمّد بن كَامِل الْمروزِي، وَالْمعْنَى وَاحِد، قَالُوا: حَدثنَا عَفَّان بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الْهَرَوِيّ (عَن سَالم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب كتاب الصَّدَقَة فَلم يُخرجهُ إِلَى عماله حَتَّى قبض، فقرنه بِسَيْفِهِ فَلَمَّا قبض عمل بِهِ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى قبض، وَعمر حَتَّى قبض) الحَدِيث، وَفِيه:(لَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع مَخَافَة الصَّدَقَة) إِلَى آخِره. وَقَالَ: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث حسن، وخرجه أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ فِي كِتَابه الملقب (بِالصَّحِيحِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي (كتاب الْعِلَل) : سَأَلت مُحَمَّدًا عَن حَدِيث سَالم عَن أَبِيه كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب الصَّدَقَة؟ فَقَالَ: أَرْجُو أَن يكون مَحْفُوظًا، وسُفْيَان بن حُسَيْن صَدُوق. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : كَيفَ سَاغَ للْبُخَارِيّ أَن يعلق هَذَا الحَدِيث ممرضا، وَهُوَ نقض لما يَقُوله المحدثون. قلت: لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِي ذَلِك، فَإِنَّهُ لَا يلْزم من تَحْسِين التِّرْمِذِيّ إِيَّاه أَن يكون حسنا عِنْده.
٠٥٤١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيُّ قَالَ حدَّثني ثُمَامَةُ أنَّ أنسا رَضِي الله تَعَالَى عنهُ حدَّثَهُ أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ كتبَ لَهُ الَّتِي فرَضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن التَّرْجَمَة عين لفظ الحَدِيث، والإسناد بِعَيْنِه مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وَهُوَ: بَاب الْعرض فِي الزَّكَاة. قَوْله:(فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: قدر، قَالَ الْخطابِيّ: لِأَن الْإِيجَاب قد بَينه الله تَعَالَى، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: يحْتَمل أَن يكون على بَابه بِمَعْنى الْأَمر، يُبينهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة الَّتِي مَضَت، وَهِي الَّتِي أَمر الله رَسُوله.