للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِن شَاءَ أَخذ الأدون وَأخذ تَمام قيمَة الْوَاجِب من الدَّرَاهِم. وَقَالَ صَاحب (الْبَدَائِع) : وَقيل: يَنْبَغِي الْخِيَار لصَاحب السَّائِمَة إِن شَاءَ دفع الْأَفْضَل واسترد الْفضل من الدَّرَاهِم، وَإِن شَاءَ دفع الأدون وَدفع الْفضل من الدَّرَاهِم، لِأَن دفع الْقيمَة جَائِز فِي الزَّكَاة، وَالْخيَار فِي ذَلِك لصَاحب المَال دون الْمُصدق إلَاّ فِي فصل وَاحِد، وَهُوَ مَا إِذا أَرَادَ صَاحب المَال أَن يدْفع بعض الْعين لأجل الْوَاجِب، فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ ذَلِك وَإِن شَاءَ لم يَأْخُذهُ، كَمَا إِذا وَجَبت بنت لبون، فَأَرَادَ صَاحب المَال أَن يدْفع بعض الحقة بطرِيق الْقيمَة أَو كَانَ الْوَاجِب الحقة فَأَرَادَ أَن يدْفع عَنْهَا بعض الْجَذعَة بطرِيق الْقيمَة فالمصدق بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ قبل، وَإِن شَاءَ لم يقبل لما فِيهِ من عيب التشقيص.

ثمَّ اعْلَم أَن الأَصْل فِي هَذَا الْبَاب أَن دفع الْقيمَة فِي الزَّكَاة جَائِز عندنَا، وَكَذَا فِي الْكَفَّارَة وَصدقَة الْفطر وَالْعشر وَالْخَرَاج وَالنّذر، وَهُوَ قَول عمر وَابْنه عبد الله وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ومعاذ وطاووس. وَقَالَ الثَّوْريّ: يجوز إِخْرَاج الْعرُوض فِي الزَّكَاة إِذا كَانَت بِقِيمَتِهَا، وَهُوَ مَذْهَب البُخَارِيّ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد. وَلَو أعْطى عرضا عَن ذهب وَفِضة، قَالَ أَشهب: يجْزِيه. وَقَالَ الطرطوشي: هَذَا قَول بَين فِي جَوَاز إِخْرَاج الْقيم فِي الزَّكَاة، قَالَ: وَأجْمع أَصْحَابنَا على أَنه لَو أعْطى فضَّة عَن ذهب أَجزَأَهُ، وَكَذَا إِذا أعْطى درهما عَن فضَّة عِنْد مَالك: وَقَالَ سَحْنُون: لَا يجْزِيه وَهُوَ وَجه للشَّافِعِيَّة، وَأَجَازَ ابْن حبيب دفع الْقيمَة إِذا رَآهُ أحسن للْمَسَاكِين، وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز، وَهُوَ قَول دَاوُد. قلت: حَدِيث الْبَاب حجَّة لنا لِأَن ابْن لبون لَا مدْخل لَهُ فِي الزَّكَاة إلَاّ بطرِيق الْقيمَة لِأَن الذّكر لَا يجوز فِي الْإِبِل إِلَّا بِالْقيمَةِ، وَلذَلِك احْتج بِهِ البُخَارِيّ أَيْضا فِي جَوَاز أَخذ الْقيم مَعَ شدَّة مُخَالفَته للحنفية.

قَوْله: (على وَجههَا) ، أَي: وَجه الزَّكَاة الَّتِي فَرضهَا الله تَعَالَى بِلَا تعد. قَوْله: (ابْن لبون) ، وَفِي (التَّلْوِيح) قَالَ: ابْن لبون ذكر، وَجعل لفظ الذّكر من متن الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: وَمن الْمَعْلُوم أَنه لَا يكون إلَاّ ذكرا، وَإِنَّمَا قَالَه تَأْكِيدًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} (التَّوْبَة: ٠٦) . وَكَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان) ، وَزعم بَعضهم أَنه احْتِرَاز من الْخُنْثَى، وَقيل: ذكر ذَلِك تَنْبِيها لرب المَال وعامل الزَّكَاة، لتطيب نفس رب المَال بِالزِّيَادَةِ الْمَأْخُوذَة مِنْهُ وللمصدق، ليعلم أَن سنّ الذُّكُور مَقْبُول من رب المَال فِي هَذَا الْموضع.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من حَدِيث الْبَاب جَوَاز الْكِتَابَة فِي الحَدِيث، وَقيل لمَالِك فِي الرجل يَقُول لَهُ الْعَالم: هَذَا كتابي فاحمله عني وَحدث بِمَا فِيهِ، قَالَ: لَا أرَاهُ يجوز، وَمَا يُعجبنِي. وروى عَنهُ غير هَذَا وَأَنه قَالَ: كتبت ليحيى بن سعيد مائَة حَدِيث من حَدِيث ابْن شهَاب فحملها عني، وَلم يَقْرَأها عَليّ وَقد أجَاز الْكتاب ابْن وهب وَغَيره، والمقاولة أقوى من الْإِجَازَة إِذا صَحَّ الْكتاب. وَفِيه: حجَّة لجَوَاز كِتَابَة الْعلم، وَالله أعلم.

٩٤٤١ - حدَّثنا مُؤملٌ قَالَ حدَّثنا إسْماعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ عَطَاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ. قَالَ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أشْهَدُ عَلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ فَرَأى أنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فأتاهُنَّ ومَعَهُ بِلالٌ فَوعَظَهُنَّ وَأمَرَهُنَّ أنْ يتصَدَّقْنَ فجَعَلَتِ المَرْأةُ تُلْقِي وأشَارَ أيّوبُ إلَى أُذُنِهِ وَإلَى حَلْقِهِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر النِّسَاء بِدفع الزَّكَاة فدفعن الْحلق والقلائد، فَهَذَا يدل على جَوَاز أَخذ الْعرض فِي الزَّكَاة والْحَدِيث تقدم عَن ابْن عَبَّاس فِي أَبْوَاب الْعِيدَيْنِ فِي: بَاب الْعلم الَّذِي بالمصلى، وَفِي: بَاب موعظة الإِمَام النِّسَاء، فَإِنَّهُ أخرجه فِي: بَاب الْعلم، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَابس عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي: بَاب موعظة الإِمَام عَن طَاوُوس عَنهُ، وَهنا أخرجه: عَن مُؤَمل، بِلَفْظ الْمَفْعُول من التأميل، وَهُوَ مُؤَمل بن هِشَام أَبُو هِشَام الْبَصْرِيّ ختن إِسْمَاعِيل بن علية، يروي عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْن علية عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ إِلَى آخِره.

قَوْله: (لصلى) ، بِفَتْح اللامين: اللَّام الأولى جَوَاب قسم مَحْذُوف يتضمنه لفظ: أشهد، لِأَنَّهُ كثيرا مَا يسْتَعْمل فِي معنى الْقسم، تَقْدِيره: وَالله لقد صلى، وَمَعْنَاهُ: أَحْلف بِاللَّه على أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْعِيد قبل الْخطْبَة. قَوْله: (فَرَأى أَنه) أَي: فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يسمع النِّسَاء، من الإسماع، وَذَلِكَ لبعدهن عَنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>