للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْن عبد الْبر عَن بعض أهل الظَّاهِر تمسكا بِظَاهِر الْأَمر. ولمخالفة مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة من الْبحيرَة والسائبة، وَفِي (الاستذكار) : كره مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأكْثر الْفُقَهَاء شرب لبن النَّاقة بعد ري فصيلها. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: إِن نَقصهَا الرّكُوب وَالشرب فَعَلَيهِ قيمَة ذَلِك. وَقَالَ مَالك: لَا يشرب من لَبنهَا فَإِن شرب لم يغرم، وَكَذَا إِن ركب للْحَاجة لَا يغرم شَيْئا.

وَاخْتلف المجيزون: هَل يحمل عَلَيْهَا مَتَاعه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَمَنعه مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَجَازَهُ الْجُمْهُور، وَكَذَا إِن حمل عَلَيْهَا غَيره أجَازه الْجُمْهُور على التَّفْصِيل الْمَذْكُور.

وَيجوز فِي الْهَدْي الْأُنْثَى وَالذكر، وَإِلَيْهِ ذهب مَالك، وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّه لَا يهدي إلَاّ الْإِنَاث، نَقله عَن الشَّافِعِي. وَفِي (التَّوْضِيح) : يجوز إهداء الذّكر وَالْأُنْثَى من الْإِبِل، وَهُوَ مَذْهَبنَا. وَقَول جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: لِأَن الْهَدْي جِهَة من جِهَات الْقرب فَلم يخْتَص بالذكور وَلَا الْإِنَاث كالضحايا.

وَفِيه: من الْعلم تَكْرِير الْعَالم الْفَتْوَى وتوبيخ من لَا يأتم بهَا وزجره.

٠٩٦١ - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا هِشامٌ وشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ قَالَا حدَّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنةٍ فَقَالَ ارْكَبْها قَالَ إنَّهَا بَدَنةٌ قَالَ ارْكَبْها قَالَ إنَّهَا بَدَنةٌ قَالَ اركَبْها ثَلاثا.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد مضوا، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن قَتَادَة عَن أنس وَشعْبَة وَهِشَام وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَهَمَّام وَالْحكم بن عبد الْملك وَأَبُو عوَانَة: أما حَدِيث شُعْبَة وَهِشَام فَانْفَرد بِهِ البُخَارِيّ. وَأما سعيد بن أبي عرُوبَة فَانْفَرد بِإِخْرَاجِهِ النَّسَائِيّ. وَأما حَدِيث همام فَأخْرجهُ البُخَارِيّ مُنْفَردا بِهِ فِي الْأَدَب. وَأما حَدِيث الحكم بن عبد الْملك فَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي الضَّحَايَا. وَأما حَدِيث أبي عوَانَة فَأخْرجهُ التِّرْمِذِيّ، فَقَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن قَتَادَة (عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة، فَقَالَ: إركبها. فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّهَا بَدَنَة {فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة: إركبها وَيحك أَو وَيلك) . وَرَوَاهُ أَيْضا عَن أنس جمَاعَة مِنْهُم: ثَابت الْبنانِيّ، وَبُكَيْر بن الْأَخْنَس وَعِكْرِمَة وَالْمُخْتَار بن فلفل. أما حَدِيث ثَابت فَرَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة حميد عَن ثَابت (عَن أنس، قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل يَسُوق بَدَنَة فَقَالَ: إركبها} فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. قَالَ: إركبها، مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا) . وَأما حَدِيث بكير بن الْأَخْنَس فَانْفَرد بِإِخْرَاجِهِ مُسلم من رِوَايَة مسعر عَنهُ عَن أنس، قَالَ: سمعته يَقُول: (مر رجل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببدنة أَو هَدِيَّة، فَقَالَ: إركبها. قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة أَو هَدِيَّة. قَالَ: وَإِن) . وَأما حَدِيث عِكْرِمَة وَالْمُخْتَار بن فلفل فأخرجهما أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي الضَّحَايَا.

قَوْله: (قَتَادَة عَن أنس) ، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ: سَمِعت أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (قَالَ: إركبها) إِلَى آخِره، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (إركبها ثَلَاثًا مُخْتَصرا) . قَوْله: (ثَلَاثًا) أَي: قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات، وَبَقِيَّة الْكَلَام مرت فِي الحَدِيث السَّابِق.

٤٠١ - (بابُ منْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من سَاق الْبدن مَعَه من الْحل إِلَى الْحرم. وَقَالَ الْمُهلب: أَرَادَ البُخَارِيّ أَن يعرف أَن السّنة فِي الْهَدْي أَن يساق من الْحل إِلَى الْحرم، فَإِن اشْتَرَاهُ من الْحرم خرج بِهِ إِذا حج إِلَى عَرَفَة وَهُوَ قَول مَالك، فَإِن لم يفعل فَعَلَيهِ الْبَدَل، وَهُوَ قَول اللَّيْث، وَهُوَ مَذْهَب ابْن عمر وَسَعِيد بن جُبَير. وَرُوِيَ عَن ابْن الْقَاسِم أَنه أجَازه وَإِن لم يقف بِهِ بِعَرَفَة، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر. وَقَالَ الشَّافِعِي: وقف الْهَدْي بِعَرَفَة سنة لمن شَاءَ إِذا لم يسقه من الْحل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ بِسنة لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا سَاق الْهَدْي من الْحل لِأَن مَسْكَنه كَانَ خَارج الْحرم، وَهَذَا كُله فِي الْإِبِل، فَأَما الْبَقَرَة فقد يضعف عَن ذَلِك وَالْغنم أَضْعَف، وَمن ثمَّة قَالَ مَالك، رَحمَه الله: إلَاّ من عَرَفَة أَو مَا قَارب مِنْهَا لِأَنَّهَا تضعف عَن الْقطع طول الْمسَافَة.

١٩٦١ - حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَالِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>