مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله (لَا مَال لَك) إِلَى آخِره، لِأَن المُرَاد مِنْهُ الصَدَاق الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ وَدخل بهَا، وانعقد الْإِجْمَاع على أَن الْمَدْخُول بهَا تسْتَحقّ جَمِيع الصَدَاق، وَالْخلاف فِي غير الْمَدْخُول بهَا، فالجمهور على: أَن لَهَا النّصْف كَغَيْرِهَا من المطلقات قبل الدُّخُول وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد وَالْحكم وَحَمَّاد: بل لَهَا جَمِيعه، وَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَا شَيْء لَهَا أصلا، وَرُوِيَ عَن مَالك نَحوه. وَعَمْرو بن زُرَارَة مر عَن قريب.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي اللّعان عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن زِيَاد بن أَيُّوب.
قَوْله: (رجل قذف امْرَأَته) ، يَعْنِي: مَا الحكم فِيهِ. قَوْله: (بَين أخوي بني العجلان) ، حَاصِل مَعْنَاهُ: بَين الزَّوْجَيْنِ كليهمَا من قَبيلَة بني عجلَان. وَقَوله: (بَين أخوي بني العجلان) من بَاب التغليب حَيْثُ جعل الْأُخْت كالأخ، وَإِطْلَاق الإخوَّة بِالنّظرِ إِلَى أَن الْمُؤمنِينَ أخوة، وَالْعرب تطلق الْأَخ عل الْوَاحِد من قوم فَيَقُولُونَ: يَا أَخا بني تَمِيم، يُرِيدُونَ وَاحِدًا مِنْهُم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم نوح} (الشُّعَرَاء: ٦٠١) . قيل: أخوهم لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُم. قَوْله: (وَقَالَ: الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب) ، يحْتَمل أَن يكون قبل اللّعان تحذيراً لَهما مِنْهُ وترغيباً فِي تَركه، وَأَن يكون بعده، وَالْمرَاد بَيَان أَنه يلْزم الْكَاذِب التَّوْبَة، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: أَحَدكُمَا لَكَاذِب، بِاللَّامِ. قَوْله: (فَهَل مِنْكُمَا تائب؟) ظَاهره أَن ذَلِك كَانَ قبل صُدُور اللّعان مِنْهُمَا.
قَوْله: (قَالَ أَيُّوب) مَوْصُول بالسند الْمُتَقَدّم، وَهُوَ أَيُّوب السختاين الرَّاوِي. قَوْله: (قَالَ لي عَمْرو بن دِينَار) إِلَى آخِره، حَاصله أَن عَمْرو بن دِينَار وَأَيوب سمعا الحَدِيث من سعيد بن جُبَير فحفظ عَمْرو مَا لم يحفظه أَيُّوب وَهُوَ قَوْله: (قَالَ الرجل: مَالِي) أَي: الصَدَاق الَّذِي دَفعه إِلَيْهَا، فَقيل لَهُ: لَا مَال لَك لِأَنَّك إِن كنت صَادِقا فِيمَا ادعيته عَلَيْهَا فقد دخلت بهَا واستوفيت حَقك مِنْهَا قبل ذَلِك، وَإِن كنت كَاذِبًا فِيمَا قلته فَهُوَ أبعد لَك من مطالبتها بِمَال، لِئَلَّا تجمع عَلَيْهَا الظُّلم فِي عرضهَا ومطالبتها بِمَال قَبضته مِنْك قبضا صَحِيحا تستحقه.
وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: فِيهِ: دَلِيل على وجوب صَدَاقهَا، وَأَن الزَّوْج لَا يرجع عَلَيْهَا بِالْمهْرِ وَإِن أقرَّت بِالزِّنَا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن كنت صَادِقا. .) الخ.
٣٣ - (بابُ قَوْلِ الإمامِ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: إنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ؟ .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الإِمَام إِلَى آخِره، وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ تَغْلِيب الْمُذكر على الْمُؤَنَّث. قلت: لَا يُقَال فِي مثل هَذَا: تَغْلِيب للمذكر على الْمُؤَنَّث، لِأَن التَّثْنِيَة إِذا كَانَت للخطاب يَسْتَوْفِي فِيهَا الْمُذكر والمؤنث، وَقَالَ عِيَاض: فِي قَوْله: أَحَدكُمَا، رد على من قَالَ من النُّحَاة: إِن لفظ أحد لَا يسْتَعْمل إلَاّ فِي النَّفْي، وعَلى من قَالَ مِنْهُم: لَا يسْتَعْمل إلَاّ فِي الْوَصْف، وَأَنه لَا يوضع مَوضِع وَاحِد وَلَا يَقع موقعه، وَقد جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيث فِي غير وصف وَلَا نفي، وَبِمَعْنى: وَاحِد، ورد عَلَيْهِ بِأَن الَّذِي قالته النُّحَاة إِنَّمَا هُوَ فِي أحد الَّذِي للْعُمُوم نَحْو: فِي الدَّار من أحد، وَمَا جَاءَنِي من أحد، وَأما أحد بِمَعْنى وَاحِد فَلَا خلاف فِي اسْتِعْمَاله فِي الْإِثْبَات. نَحْو: {قل هُوَ الله أحد} (الْإِخْلَاص: ١) وَنَحْو: {فشهادة أحدهم} (النُّور: ٦) وَنَحْو: أَحَدكُمَا كَاذِب. قَوْله: (فَهَل مِنْكُمَا تائب) يحْتَمل أَن يكون إرشاداً لِأَنَّهُ لم يحصل مِنْهُمَا وَلَا من أَحدهمَا اعْتِرَاف، وَلِأَن الزَّوْج إِذا أكذب نَفسه كَانَت تَوْبَة مِنْهُ.
٢١٣٥ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ عَمْرٌ و: سَمِعْتُ سَعيدَ بنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: سألْتُ ابنَ عُمَرَ عَن المُتَلاعِنَيْنِ، فَقال: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسابُكُما علَى الله، أحَدُكُما كاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَليْها. قَالَ: مالِي؟ قَالَ: لَا مالَ لَكَ، إنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت فَهُوَ من فرجهَا وَإِن كنت كذبت عَلَيْها فَذَاكَ أبْعَدُ لَكَ.
قَالَ سُفيْانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍ و. وَقَالَ أيُّوبُ سَمِعْتُ سَعِيد بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: رجلٌ لَا عَنَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ باصْبَعَيْهِ، وفَرَّقَ سُفْيانُ بَيْنَ أصْبَعَيْهِ السَّبَّايَةِ والوُسْطَى، وفَرَّقَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أخَوَيْ بَنِي العَجْلَانِ، وَقَالَ: الله يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنْكما تائِبٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ سُفْيانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍ ووأيُّوبَ كَمَا أخْبَرْتُكَ.