٠٩ - (بابُ الجُبَّةِ فِي السَّفَرِ والحَرْبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان لبس الْجُبَّة فِي السّفر وَالْحَرب، يَعْنِي فِي الْغُزَاة، وَهُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام. وَفِي (الْمطَالع) : الْجُبَّة مَا قطع من الثِّيَاب مشمراً.
٨١٩٢ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثَنا عبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثَنا الأعْمَشُ عنْ أبِي الضُّحَى مُسْلِمٍ هُوَ ابنُ صُبَيْحٍ قَالَ حدَّثَنِي عنْ مَسْرُوق المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحَاجَتهِ ثُمَّ أقْبَلَ فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ وعلَيْهِ جُبَّةٌ شَأمِيَّةٌ فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وغَسَلَ وجْهَهُ فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكانا ضَيِّقَيْنِ فأخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ فَغَسَلَهُمَا ومسَحَ بِرَأسِهِ وعَلَى خُفَّيْهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعَلِيهِ جُبَّة شامية) وَكَانَ فِي السّفر وَكَانَ فِي غزَاة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الصَّلَاة فِي الْجُبَّة الشامية، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن يحيى عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره.
وَفِيه: جَوَاز إِخْرَاج الْيَدَيْنِ من تَحت الثَّوْب. وَفِيه: خدمَة الْعَالم فِي السّفر.
١٩ - (بابُ الحَرِيرِ فِي الحَرَبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز اسْتِعْمَال الْحَرِير فِي الْحَرْب، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَزعم بَعضهم أَنه بِالْجِيم وَفتح الرَّاء، وَلَيْسَ لذَلِك وَجه لِأَنَّهُ لَا يبْقى لَهُ مُنَاسبَة فِي أَبْوَاب الْجِهَاد.
٩١٩٢ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ قَالَ حدَّثنا سَعِيدٌ عنْ قَتَادَةَ أنَّ أنَساً حدَّثَهُمْ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ والزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ مِنْ حِكَّةٍ كانَتْ بِهِمَا..
قيل: لَيْسَ فِي الحَدِيث لفظ الجرب، فَلَا مُطَابقَة إلَاّ إِذا كَانَ قَوْله: فِي الجرب، بِالْجِيم، كَمَا زَعمه بَعضهم. وَأجِيب: بِأَن ترخيصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الرَّحْمَن وَالزُّبَيْر فِي قَمِيص من حَرِير كَانَ من حكة، وَكَانَ فِي الْغُزَاة، وَيشْهد لَهُ بذلك حَدِيث أنس الَّذِي يَأْتِي عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور، وَصرح فِيهِ بقوله: ورأيته عَلَيْهِمَا فِي غزَاة، وَلِهَذَا ترْجم التِّرْمِذِيّ أَيْضا: بَاب مَا جَاءَ فِي لبس الْحَرِير فِي الْحَرْب، ثمَّ روى عَن أنس أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر بن الْعَوام شكيا الْقمل فِي غزَاة لَهما فَرخص لَهما فِي قَمِيص الْحَرِير، قَالَ: ورأيته عَلَيْهِمَا. قَالَ شَيخنَا زين الدّين: كَانَ التِّرْمِذِيّ رأى تَقْيِيد ذَلِك بِالْحَرْبِ، وَفهم ذَلِك من قَوْله: فِي غزَاة لَهما. وَمِنْهُم من لَا يرى الترخيص بِوُجُود الحكة أَو الْقمل إِلَّا بِقَيْد ذَلِك فِي السّفر، كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم فِي السّفر على مَا يَجِيء، وَقيل: التَّعْلِيل ظَاهر فِي ذكر الحكة وَالْقمل، وَأما كَونه فِي سفر أَو فِي غزَاة فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَرْجِيح كَون ذَلِك سَببا، وَإِنَّمَا ذكر فِيهِ الْمَكَان الَّذِي رخص لَهما فِيهِ، وَلَا يلْزم مِنْهُ كَون ذَلِك سَببا. قلت: بل هُوَ سَبَب أَيْضا، لِأَن فِيهِ إرهاب الْعَدو كَمَا أُبِيح الْخُيَلَاء فِيهِ، فَيجوز أَن يكون كل وَاحِد من السّفر والغزو والحكة سَببا مُسْتقِلّا. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: قد روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرخص فِي كل وَاحِد مِنْهَا مُفردا، فإفرادها فِي رِوَايَة اقْتضى أَن يكون كل وَجه لَهُ حكم، وَجَمعهَا يُوجب أَن يكون ثَلَاث علل اجْتمعت فأثرت فِي الحكم على الِاجْتِمَاع كَمَا تَقْتَضِيه على الإنفراد.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن الْمِقْدَام أَبُو الْأَشْعَث الْعجلِيّ الْبَصْرِيّ. الثَّانِي: خَالِد بن الْحَارِث بن سليم الهُجَيْمِي، بِضَم الْهَاء وَفتح الْجِيم، وَقد مر فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة. الثَّالِث: سعيد بن أبي عرُوبَة، وَفِي بعض النّسخ: شُعْبَة، مَوضِع: سعيد. الرَّابِع: قَتَادَة. الْخَامِس: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء حَدثنَا أَبُو أُسَامَة