للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن الصّرْف للعدل وَالْوَصْف، وَقيل: للعدل والتأنيث لِأَن الْعدَد كُله مؤنث، وَالْوَاو جَاءَت على طَرِيق الْبَدَل كَأَنَّهُ قَالَ: وَثَلَاث بدل من ثِنْتَيْنِ وَربَاع بدل من ثَلَاث، وَلَو جَاءَت: أَو، لجَاز أَن لَا يكون لصَاحب الْمثنى ثَلَاث وَلَا لصَاحب الثَّلَاث رباع، وَالْمقَام مقَام امتنان وَإِبَاحَة، فَلَو كَانَ يجوز الْجمع بَين أَكثر من أَربع لذكره. وَقَالَ الشَّافِعِي: وَقد دلّت سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المبينة عَن الله أَنه: لَا يجوز لأحد غير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجمع بَين أَكثر من أَربع، وَهَذَا الَّذِي قَالَه الشَّافِعِي مجمع عَلَيْهِ بَين الْعلمَاء إِلَّا مَا حكى عَن طَائِفَة من الشِّيعَة فِي الْجمع بَين أَكثر من أَربع إِلَى تسع، وَقَالَ بَعضهم: لَا حصر، وَقد يتَمَسَّك بَعضهم بِفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمعه بَين أَكثر من أَربع، أما تسع كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأما إِحْدَى عشرَة كَمَا جَاءَ فِي بعض أَلْفَاظ البُخَارِيّ، وَهَذَا عِنْد الْعلمَاء من خَصَائِص رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون غَيره من الْأمة. قَوْله: (فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي) ، وَذَلِكَ لِأَن عُرْوَة ابْن أَسمَاء أُخْت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (فِي حجر وَليهَا) ، بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: يجوز أَن يكون من حجر الثَّوْب وَهُوَ طرفه الْمُقدم، لِأَن الْإِنْسَان يُربي وَلَده فِي حجره، وَالْحجر، بِالْفَتْح وَالْكَسْر: الثَّوْب والحضن، والمصدر بِالْفَتْح لَا غير، ووليها: هُوَ الْقَائِم بأمرها. قَوْله: (بِغَيْر أَن يقسط) ، بِضَم الْيَاء، من: الإقساط، وَهُوَ الْعدْل يُقَال: أقسط يقسط فَهُوَ مقسط إِذا عدل، وقسط يقسط من بَاب ضرب يضْرب فَهُوَ قاسط إِذا جَار، فَكَأَن الْهمزَة فِي أقسط للسلب، كَمَا يُقَال شكى إِلَيْهِ فأشكاه. قَوْله: (فنهوا) ، بِضَم النُّون وَالْهَاء، لِأَنَّهُ صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَصله نهيوا، فنقلت ضمة الْيَاء إِلَى الْهَاء فَالتقى ساكنان، فحذفت الْيَاء فَصَارَ: نهوا، على وزن: فعوا، لِأَن الْمَحْذُوف لَام الْفِعْل. قَوْله: (ثمَّ إِن النَّاس استفتوا) ، أَي: طلبُوا مِنْهُ الْفَتْوَى فِي أَمر النِّسَاء. الْفَتْوَى والفتيا بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ الإسم، والمفتي من يبين الْمُشكل من الْكَلَام، وَأَصله من الفتي وَهُوَ الشَّاب الْقوي، فالمفتي يقوى ببيانه مَا أشكل. قَوْله: (بعد هَذِه الْآيَة) ، وَهِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن خِفْتُمْ} إِلَى {وَربَاع} (النِّسَاء: ٣) . قَوْله: فَأنْزل الله تَعَالَى: {ويستفتونك فِي النِّسَاء} (النِّسَاء: ٧٢١) . أَي: يطْلبُونَ مِنْك الْفَتْوَى فِي أَمر النِّسَاء. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَرَأت على مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: ثمَّ إِن النَّاس استفتوا رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة فِيهِنَّ، فَأنْزل الله {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب} (النِّسَاء: ٧٢١) . الْآيَة، قَالَت: وَالَّذِي ذكر الله أَن يُتْلَى عَلَيْهِم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فأنكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} (النِّسَاء: ٣) . وَبِهَذَا الْإِسْنَاد عَن عَائِشَة قَالَت: وَقَول الله: {وترغبون أَن تنكحوهن} (النِّسَاء: ٧٢١) . رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون قَليلَة المَال ... إِلَى آخر مَا سَاقه البُخَارِيّ وَالْمَقْصُود أَن الرجل إِذا كَانَ فِي حجره يتيمة يحل لَهُ تَزْوِيجهَا، فَتَارَة يرغب فِي أَن يَتَزَوَّجهَا، فَأمره الله تَعَالَى أَن يمهرها أُسْوَة أَمْثَالهَا من النِّسَاء، فَإِن لم يفعل فليعدل إِلَى غَيرهَا من النِّسَاء، فقد وسع الله عز وَجل، وَهَذَا الْمَعْنى فِي الْآيَة الأولى الَّتِي فِي أول السُّورَة، وَتارَة لَا يكون للرجل فِيهَا رَغْبَة لدمامتها عِنْده أَو فِي نفس الإمر، فَنَهَاهُ الله، عز وَجل، أَن يعضلها عَن الْأزْوَاج خشيَة أَن يشركوه فِي مَاله الَّذِي بَينه وَبَينهَا، كَمَا قَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: {فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتوهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن} (النِّسَاء:؟ ؟) . فَكَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يكون عِنْده الْيَتِيمَة فيلقي عَلَيْهَا ثَوْبه، فَإِذا فعل ذَلِك بهَا لم يقدر أحد أَن يَتَزَوَّجهَا أبدا، فَإِن كَانَت جميلَة فَهُوَ بهَا تزَوجهَا وَأكل مَالهَا، وَإِن كَانَت دَمِيمَة منعهَا من الرِّجَال حَتَّى تَمُوت، فَإِذا مَاتَت ورثهَا فَحرم ذَلِك وَنهى عَنهُ. قَوْله: (رَغْبَة أحدكُم بيتيمته) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عَن يتيمته، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَضَبطه الْحَافِظ الدمياطي هَكَذَا.

٨ - (بابُ الشَّرِكَةِ فِي الأرَضينَ وغَيْرِها)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشّركَة فِي الْأَرْضين وَغَيرهَا، أَي: وَغير الْأَرْضين كَالدَّارِ والبساتين، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن للشركاء فِي الأَرْض وَغَيرهَا الْقِسْمَة مُطلقًا، خلافًا لمن خصها بِالَّتِي ينْتَفع بهَا إِذا قسمت على مَا يَجِيء بَيَانه عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

٥٩٤٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا هِشامٌ قَالَ أخْبرنَا مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيِّ عنْ أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>