بالسؤال، وَكَذَا مَا رُوِيَ عَن ابْن وهب. وَفِيه: دَلِيل على إجَازَة ذَبِيحَة الْمَرْأَة بِغَيْر ضَرُورَة إِذا أَحْسَنت الذّبْح، وَكَذَا الصَّبِي إِذا طاقه، قَالَه ابْن عبد الْبر، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَالْحسن ابْن حَيّ، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَجَابِر وَعَطَاء وطاووس وَمُجاهد وَالنَّخَعِيّ. وَفِيه: أَن الذّبْح بِالْحجرِ يجوز، لَكِن إِذا كَانَ حدا وأفرى الْأَوْدَاج وأنهر الدَّم. وَفِيه: مَا اسْتدلَّ بِهِ فُقَهَاء الْأَمْصَار: أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري: على جَوَاز مَا ذبح بِغَيْر إِذن مَالِكه، وردوا بِهِ على من أَبى من أكل ذَبِيحَة السَّارِق وَالْغَاصِب، وهم دَاوُد وَأَصْحَابه ومقدمهم عِكْرِمَة، وَهُوَ قَول شَاذ. وَفِيه: جَوَاز أكل الْمَذْبُوح الَّذِي أشرف على الْمَوْت إِذا كَانَ فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة، وإلَاّ فَلَا يجوز. وَفِيه: جَوَاز الذّبْح بِكُل جارح إلَاّ السن وَالظفر فَإِنَّهُمَا مستثنيان.
قَالَ عُبَيْدُ الله فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أمَةٌ وأنَّها ذَبَحَتْ
عبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ رَاوِي الحَدِيث، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور إِلَيْهِ، وَفِي بعض النّسخ: فَأَعْجَبَنِي.
تابَعَهُ عَبْدَةُ عنْ عُبَيْدِ الله
أَي: تَابع الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَبدة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن سُلَيْمَان الْكُوفِي فِي رِوَايَة: عَن عبيد الله الْمَذْكُور، وَذكر البُخَارِيّ فِي الذَّبَائِح هَذِه الْمُتَابَعَة مَوْصُولَة عَن صَدَقَة بن الْفضل، وَسَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٥ - (بابٌ وكالَةُ الشَّاهِدِ والغَائِبِ جائِزَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ وكَالَة الشَّاهِد، أَي: الْحَاضِر، ووكالة الْغَائِب جَائِزَة. قَوْله: (وكَالَة) ، بِالرَّفْع مُبْتَدأ. قَوْله: (الْغَائِب) ، عطف على الشَّاهِد، وَقَوله: (جَائِزَة) ، خبر الْمُبْتَدَأ.
وكَتَبَ عَبْدُ الله بنُ عَمْرٍ وَإِلَى قَهْرَمانِهِ وهْوَ غائِبٌ عنْهُ أنْ يَزَكِّي عنْ أهْلِهِ الصَّغِيرِ والْكَبِيرِ
عبد الله، قَالَ بَعضهم: هُوَ ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: عبد الله هُوَ ابْن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَأَيْت النّسخ فِيهِ مُخْتَلفَة، فَفِي بَعْضهَا: عبد الله بن عَمْرو، بِالْوَاو، وَفِي بَعْضهَا: عبد الله بن عمر، بِلَا وَاو.
قَوْله: (إِلَى قهرمانه) ، القهرمان، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْهَاء وَفتح الرَّاء وَتَخْفِيف الْمِيم وَفِي آخِره نون: وَهُوَ خَادِم الشَّخْص الْقَائِم بِقَضَاء حَوَائِجه، وَهُوَ لُغَة فارسية. قَوْله: (وَهُوَ غَائِب عَنهُ) أَي: وَالْحَال أَن قهرمانه غَائِب عَن عبد الله. قَوْله: (أَن يُزكي) ، أَرَادَ بِهِ أَن يُزكي زَكَاة الْفطر (عَن أَهله الصَّغِير وَالْكَبِير) وَهَذَا يدل على شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا: جَوَاز تَوْكِيل الْحَاضِر الْغَائِب، وَيَجِيء الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَالْآخر: وجوب صَدَقَة الْفطر على الرجل عَن أَهله الصَّغِير وَالْكَبِير، وَهَذَا ظَاهر الْأَثر.
وَفِيه: تَفْصِيل وَخلاف قد مر فِي: بَاب صَدَقَة الْفطر.
٥٠٣٢ - حدَّثنا أبُو نُعَيْم قَالَ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ سلَمَةَ عنْ أبي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كانَ لِرَجُلٍ علَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمَلٌ سِنٌّ مِن الإبِلِ فَجاءَهُ يَتقَاضَاهُ فَقَالَ أعْطُوهُ فطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إلَاّ سِنَّا فَوْقَهَا فَقَالَ أعْطُوهُ فَقَالَ أوْفَيْتَنِي أوفَى الله بِكَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ خَيَارَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضاءً. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي وكَالَة الْحَاضِر، فِي قَوْله: (أَعْطوهُ) وَأما وكَالَة الْغَائِب فَقَالَ بَعضهم: وَأما الْغَائِب فيستفاد مِنْهُ بطرِيق الأولى. قلت: لَيْسَ فِيهِ شَيْء يدل على حكم الْغَائِب، فضلا عَن الْأَوْلَوِيَّة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: التَّرْجَمَة تستفاد من لفظ: (أَعْطوهُ) وَهُوَ، وَإِن كَانَ خطابا للحاضرين لكَونه بِحَسب الْعرف وقرائن الْحَال، شَامِل لكل وَاحِد من وكلاء رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غيبا وحضورا.