بَعضهم فِي بَيَان الْمُطَابقَة بقوله: لَا فرق بَين أَن يناوله من إِنَاء إِلَى إِنَاء أَو يضم ذَلِك إِلَيْهِ فِي نفس الْإِنَاء الَّذِي يَأْكُل مِنْهُ أَخذ ذَلِك من قَول ثُمَامَة: (فَجعلت أجمع الدُّبَّاء بَين يَدَيْهِ) قلت: هَذَا فِيهِ بعد عَظِيم لِأَن الْإِنَاء الَّذِي يَأْكُل مِنْهُ لَهُ حق شَائِع فِيمَا فِي هَذَا الْإِنَاء بِخِلَاف الْإِنَاء الآخر الَّذِي لَا يَأْكُل مِنْهُ.
٣٩ - (بابُ: {الرُّطَبِ بِالْقِثَاءِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أكل الرطب بالقثاء، وَأَرَادَ بهالجمع بَينهمَا فِي حَالَة الْأكل، القثاء مَمْدُود وَفِي ضم الْقَاف وَكسرهَا لُغَتَانِ، وَقَرَأَ يحيى بن وثاب وَطَلْحَة بن مصرف، وقثائها بِضَم الْقَاف وَقَالَ أَبُو نصر: القثاء الْخِيَار وَفِي (الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: القثاء الشعرور عِنْد من جعله فعلا من قث، وَعند ابْن ولاد: هُوَ بِالْكَسْرِ وَالضَّم مَمْدُود، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: ذكر بعض الروَاة أَنه يُقَال للقثاء القشعر بلغَة أهل الجون من الْيمن، الْوَاحِدَة قشعرة، قَالَ: أَحْسبهُ الجون من مُرَاد.
٥٤٤٠ - حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ: حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ جَعْفَر بنِ أبِي طَالِبٍ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا، قَالَ: رَأيْتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأما على النُّسْخَة الَّتِي وَقع فِيهَا: بَاب القثاء بالرطب فوجهها أَن الْبَاء للمصاحبة وكل مِنْهُمَا مصاحب للْآخر أَو للملاصقة وَقد وَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ على وفْق لفظ الحَدِيث كَمَا وَقع فِي نسختنا هَذِه.
وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف من صغَار التَّابِعين، وَعبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب من صغَار الصَّحَابَة وَلدته أَسمَاء بنت عُمَيْس بِأَرْض الْحَبَشَة، وَهُوَ أول مَوْلُود ولد فِي الْإِسْلَام بِأَرْض الْحَبَشَة، وَقدم مَعَ أَبِيه الْمَدِينَة وَحفظ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَنهُ، وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ سنة ثَمَانِينَ وَهُوَ ابْن تسعين سنة، وَصلى عَلَيْهِ أبان بن عُثْمَان وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة وَكَانَ يُسمى: بَحر الْجُود، يُقَال: إِنَّه لم يكن فِي الْإِسْلَام أسخى مِنْهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَطْعِمَة عَن يحيى بن يحيى وَغَيره وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن يَعْقُوب ابْن حميد.
قَوْله: (يَأْكُل الرطب بالقثاء) ، وَصفته مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر، وَفِيه وَرَأَيْت فِي يَمِين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قثاء وَفِي شِمَاله رطبا وَهُوَ يَأْكُل من ذَا مرّة وَمن ذَا مرّة، وَفِي إِسْنَاده أَصْرَم بن حَوْشَب وَهُوَ ضَعِيف جدا، وَلَا يلْزم من هَذَا الحَدِيث. لَو ثَبت أكله بِشمَالِهِ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَأْخُذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى من الشمَال رطبَة فيأكلها مَعَ القثاء الَّتِي فِي يَمِينه فَلَا مَانع من ذَلِك، وَالْحكمَة فِي جمعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا كَمَا ورد فِي بعض طرقه يطفىء حر هَذَا برد هَذَا وروى أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي (كتاب أَخْلَاق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) من رِوَايَة يحيى بن هَاشم عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل الْبِطِّيخ بالرطب والقثاء بالملح، وَيحيى بن هَاشم السمسار كذبه يحيى وَغَيره.
٤٠ - ( {بابٌ} )
أَي: هَذَا بَاب كَذَا وَقع عِنْد جَمِيع الروَاة مُجَردا. وَكَانَت عَادَته أَن يذكر مثل هَذَا كالفصل لما قبله وَيكون الْمَذْكُور بعده مُلْحقًا بِهِ لمناسبة بَينهمَا وَلَا مُنَاسبَة أصلا بَين الحَدِيث الْمَذْكُور بعده وَبَين الحَدِيث قبله، وَلِهَذَا اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ للرطب والقثاء ذكر، وَلم يذكر لفظ: بَاب.
٥٤٤١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاس الجُرَيْرِيِّ عَنْ أبِي عُثْمَانَ. قَالَ: تَضَيَّفْتُ أبَا هُرَيْرَةَ سَبْعا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أثْلاثا يُصَلِّي هاذا ثُمَّ يُوقِظُ هاذا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْنَ أصْحَابِهِ تَمْرا فأصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ إحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ.
الظَّاهِر أَنه أَرَادَ أَن يضع تَرْجَمَة للتمر ثمَّ أهمله إِمَّا نِسْيَانا وَإِمَّا لم يُدْرِكهُ، وَيُمكن أَن يكون سقط من النَّاسِخ بعد الْعَمَل.
وعباس بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالسين الْمُهْملَة، والحريري: بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة إِلَى جرير بن عباد أخي الْحَارِث بن عبَادَة بن ضبيعة بن قيس بن بكر بن وَائِل، وَعباد بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة،