الْجِهَاد فِي: بَاب فضل قَول الله تَعَالَى: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} (آل عمرَان: ١٦٩) الْآيَة. فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن جَابر إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَمر فِي الْمَغَازِي أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد.
والْحَدِيث أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: اصطبح نَاس الْخمر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قتلوا شُهَدَاء يَوْم أُحد. فَقَالَت الْيَهُود: فقد مَاتَ بعض الَّذين قتلوا وَهِي فِي بطونهم، فَأنْزل الله تَعَالَى: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} (الْمَائِدَة: ٩٣) ثمَّ قَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح، وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَلَكِن فِي سِيَاقه غرابة، وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن تَحْرِيم الْخمر كَانَ بعد غَزْوَة أحد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة.
٤٦١٩ - ح دَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ أخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إدْرِيسَ عَنْ أبي حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهُ عَلَى مِنْبَرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ أمَّا بَعْدُ أيُّها النَّاسُ إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ والحِنْطَةِ والشَّعِيرِ وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَعِيسَى هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَابْن إِدْرِيس هُوَ عبد الله بن إِدْرِيس الأودي الْكُوفِي، وَأَبُو حَيَّان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: يحيى بن سعيد التَّيْمِيّ، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن إِسْحَاق أَيْضا وَفِي الْأَشْرِبَة أَيْضا عَن أَحْمد بن أبي رَجَاء، وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَشْرِبَة عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْوَلِيمَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن آخَرين، وَهَذَا الحَدِيث مَوْقُوف على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة وَمُحَمّد بن قيس كِلَاهُمَا عَن الشّعبِيّ، وَمن رِوَايَة أبي حُصَيْن عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمْرَة (وَلم يذكر عمر) .
قَوْله: (وَالْخمر مَا خمرالعقل) أَي: ستره وغطاه وَسَار عَلَيْهِ كالخمار، وَهُوَ بِعُمُومِهِ يتَنَاوَل كل مَا أَزَال الْعقل سَوَاء كَانَ متخذا من الْعِنَب وَالزَّبِيب والحبوب بأنواعها أَو نباتا كجوز الْهِنْد والحشيش وَلبن الخشخاش وكل ذَلِك إِذا أسكر حرم، وَلَا تعَارض بَين حَدِيث عمر هَذَا وَبَين حَدِيث ابْنه عبد الله الْمَذْكُور فِي أول الْبَاب لما ذكرنَا من الْجَواب عَنهُ هُنَاكَ.
١١ - (بابٌ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُناحٌ فِيمَا طعِمُوا} إلَى قَوْلِهِ: {وَالله يُحِبُّ المُحْسِنينَ} (الْمَائِدَة: ٩٣)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا} الْآيَة. هَذَا الْمِقْدَار الْمَذْكُور رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: بَاب {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} إِلَى قَوْله: {وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} لَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ بَاب، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: حَدثنَا أسود بن عَامر أَنبأَنَا إِسْرَائِيل عَن سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: لما حرمت الْخمر قَالَ أنَاس: يَا رَسُول الله أَصْحَابنَا الَّذين مَاتُوا وهم يشربونها؟ فَأنْزل الله عز وَجل: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} قَالَ: وَلما حولت الْقبْلَة قَالَ أنَاس: يَا رَسُول الله! أَصْحَابنَا الَّذين مَاتُوا وهم يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس، فَأنْزل الله: {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} (الْبَقَرَة: ١١٣) قَوْله: (جنَاح) أَي: إِثْم. قَوْله: (إِذا مَا اتَّقوا) ، يَعْنِي الْمعاصِي والشرك. قَوْله: (وآمنوا) قيل بِاللَّه وَرَسُوله، وَقيل بِتَحْرِيم الْخمر. قَوْله: (وَعمِلُوا الصَّالِحَات) يَعْنِي: أَقَامُوا على الْفَرَائِض. قَوْله: (ثمَّ اتَّقوا) هَذِه الثَّانِيَة المُرَاد بهَا اجتنبوا الْعود إِلَى الْخمر بعد التَّحْرِيم، وَقيل: ظلم الْعباد، وَقيل: ثمَّ اتَّقوا الشُّبُهَات، وَقيل: جَمِيع الْمَحَارِم. قَوْله: (وأحسنوا) أَي الْعَمَل.
٤٦٢٠ - ح دَّثنا أبُو النُّعْمَانِ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ حدَّثنا ثابِتٌ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله عنهُ أنَّ