للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِمَام وَلَا يحرق مَتَاعه، وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَجَمَاعَة كَثِيرَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ، وَقَالَ الْحسن وَأحمد وَإِسْحَاق وَمَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيّ: يحرق رَحْله ومتاعه كُله، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إلَاّ سلاحه وثيابه الَّتِي عَلَيْهِ، قَالَ الْحسن: إِلَّا الْحَيَوَان والمصحف. وَقَالَ: أما حَدِيث ابْن عمر عَن عَمْرو، رَضِي الله تَعَالَى عنهُ مَرْفُوعا فِي تحريق رَحل الغال فَهُوَ حَدِيث تفرد بِهِ صَالح بن مُحَمَّد وَهُوَ ضَعِيف عَن سَالم، وَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يحرق رَحل الَّذِي وجد عِنْده الخرز والعباءة، قيل: إِنَّمَا لم يحرق رَحل الرجل الْمَذْكُور لِأَنَّهُ كَانَ مَيتا فَخرج مَاله إِلَى ورثته قلت: قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَلَو صَحَّ حمل على أَنه كَانَ إِذْ كَانَت الْعُقُوبَات فِي الْأَمْوَال كأخذ شطر المَال من مَانع الزَّكَاة وضالة الْإِبِل وسارق التَّمْر وَكله مَنْسُوخ.

٠٩١ - (بابُ القَلِيلِ مِنَ الغُلُولِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْقَلِيل من الْغلُول، هَل هُوَ مثل حكم الْكثير أم لَا؟ وَحكمه أَنه مثله.

ولَمْ يَذْكُرْ عبدُ الله بنُ عَمْرٍ وعنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ حَرَّقَ مَتاعَهُ وهَذا أصَحُّ

أَي: لم يذكر عبد الله بن عَمْرو فِي حَدِيثه الَّذِي يَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب الَّذِي رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه حرق مَتَاعه، أَي: مَتَاع الرجل الَّذِي يُقَال لَهُ كركرة الَّذِي وجد عِنْده عباءة وَقد غلها، وَالْحَاصِل من هَذَا أَن البُخَارِيّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن حرق مَتَاع الغال ورحله لَا يجوز، وَأَن الْعَمَل على مَنعه، وَأَنه هُوَ الصَّحِيح، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله. وَهَذَا أصح. قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: عدم ذكر التحريق أصح من ذكره. قلت: لما روى عَن عبد الله بن عَمْرو حديثان. أَحدهمَا: حَدِيث الْبَاب، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر التحريق. وَالْآخر: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طَرِيق صَالح بن مُحَمَّد بن زَائِدَة اللَّيْثِيّ الْمدنِي. قَالَ: دخلت مَعَ مسلمة بن عبد الْملك أَرض الرّوم. فَأتي بِرَجُل قد غل، فَسَأَلَ سالما، أَي: ابْن عبد الله بن عمر، عَنهُ، قَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن عَمْرو، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إِذا وجدْتُم الرجل غل فأحرقوا مَتَاعه، وَفِيه صَالح بن مُحَمَّد الْمَذْكُور وَهُوَ ضَعِيف، ضعفه يحيى وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ البُخَارِيّ: يحتجون بِهَذَا الحَدِيث فِي إحراق رَحل الغال، وَهُوَ بَاطِل لَيْسَ لَهُ أصل، وَرُوَاته لَا يعْتَمد عَلَيْهِم، وَأَن الصَّحِيح هُوَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ ذكر التحريق، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَهَذَا أصح. وَقيل: حُكيَ عَن الْأصيلِيّ أَن الْمَذْكُور هُنَا: وَيذكر عَن عبد الله بن عَمْرو، بِصِيغَة بِنَاء الْمَجْهُول بدل قَوْله: وَلم يذكر عبد الله بن عَمْرو، فَإِن صَحَّ هَذَا يكون قَوْله: وَهَذَا أصح، إِشَارَة إِلَى أَن حَدِيث الْبَاب الَّذِي لم يذكر فِيهِ التحريق أصح من الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا بِصِيغَة التمريض، وَهِي قَوْله: وَيذكر، على بِنَاء الْمَجْهُول. وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فقد أخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عَوْف عَن مُوسَى بن أَيُّوب عَن وليد بن مُسلم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَبا بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، حرقوا مَتَاع الغال وضربوه.

٤٧٠٣ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ عَمْرٍ وعنْ سالِمِ بنِ أبي الجَعْدِ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَقَالَ كانَ علَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلٌ يُقالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَماتَ فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ فِي النَّارِ فذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فوَجَدُوا عَباءَةً قدْ غَلَّها.

مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (فوجدوا عباءة) لِأَنَّهَا قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيرهَا من الْأَمْتِعَة والنقدين، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ بن دِينَار.

قَوْله: (على ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف: وهوالعيال، وَمَا يثقل حمله من الْأَمْتِعَة، وَيُقَال: الثّقل مَتَاع الْمُسَافِر. قَوْله: (هُوَ فِي النَّار) ، قَالَ ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ يحْتَمل أَن يكون هَذَا جَزَاؤُهُ إلَاّ أَن يعْفُو الله، وَيحْتَمل أَن يُصِيبهُ فِي الْقَبْر، ثمَّ ينجو من جَهَنَّم، وَيحْتَمل أَن يكون وَجَبت لَهُ النَّار من نفاق كَانَ يسره أَو بذنب مَاتَ عَلَيْهِ مَعَ غلوله أَو بِمَا غل، فَإِن مَاتَ مُسلما فقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج من النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>