يفْسد فِي يَوْم مَا لَا يفْسد السَّاحر فِي شهر قَوْله: (يعيب) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: يغتاب بالغين الْمُعْجَمَة الساكنة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالباء الْمُوَحدَة.
٦٠٥٦ - حدَّثنا أبُو نعيْمٍ حَدثنَا سُفْيانُ عَنْ مَنْصورٍ عَنْ إبِراهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: كُنا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الحَدِيثَ إِلَى عُثْمانَ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي معنى الحَدِيث فَإِن القَتَّات هُوَ النمام على مَا نذكرهُ. وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَهَمَّام هُوَ ابْن الْحَارِث النَّخعِيّ الْكُوفِي، وَحُذَيْفَة هُوَ ابْن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن عَليّ بن حجر. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسَدّد وَأبي بكر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن مُحَمَّد بن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود.
قَوْله: (يرفع الحَدِيث إِلَى عُثْمَان) أَي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، قَوْله: (فَقَالَ لَهُ) فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره بِغَيْر لفظ. لَهُ (والقتات) فعال بِالتَّشْدِيدِ من قت الحَدِيث يقته بِضَم الْقَاف قت وَالرجل قَتَّات أَي: تَمام، وَقَالَ ابْن بطال: وَقد فرق أهل اللُّغَة بَين النمام والقتات فَذكر الْخطابِيّ أَن النمام الَّذِي يكون مَعَ الْقَوْم يتحدثون فينم حَدِيثهمْ، والقتات الَّذِي يتسمع على الْقَوْم وهم لَا يعلمُونَ ثمَّ ينم حَدِيثهمْ، وَمعنى: (لَا يدْخل الْجنَّة) يَعْنِي إِن أنفذ الله عَلَيْهِ الْوَعيد، لِأَن أهل السّنة مجمعون على أَن الله تَعَالَى فِي وعيده بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ عَفا عَنْهُم بفضله، أَو يؤول على أَنه لَا يدخلهَا دُخُول الفائزين، أَو يحمل على المستحل بِغَيْر تَأْوِيل مَعَ الْعلم بِالتَّحْرِيمِ.
١٥ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (الْحَج: ٣٠)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل: {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} والزور الْكَذِب، قيل لَهُ ذَلِك لكَونه مائلاً عَن الْحق، والزور بِالْفَتْح الْميل، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الزُّور الْكَذِب والتهمة وَالْبَاطِل.
٦٠٥٧ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونِسَ حدّثنا ابنُ أبي ذئبٍ عَنِ المَقْبُرِيِّ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بِهِ والجَهْلَ فَلَيْسَ لله حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وَشَرابَهُ.
قَالَ أحْمَدُ: أفْهَمَنِي رَجُلٌ إسْنادَهُ. (انْظُر الحَدِيث ١٩٠٣) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (من لم يدع قَول الزُّور) لِأَن مَعْنَاهُ: من لم يتْرك وَلم يجْتَنب وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله ابْن يُونُس الْيَرْبُوعي الْكُوفِي نسب إِلَى جده، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب واسْمه هِشَام الْقرشِي الْمدنِي، والمقبري بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ سعيد بن أبي سعيد واسْمه كيسَان كَانَ يسكن عِنْد مَقْبرَة فنسب إِلَيْهَا.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب من لم يدع قَول الزُّور، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم ابْن أبي إِيَاس عَن ابْن أبي ذِئْب بِهِ ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (وَالْعَمَل بِهِ) أَي: بِمُقْتَضى قَول الزُّور. قَوْله: (وَالْجهل) بِالنّصب أَي: وَلم يدع الْجَهْل وَهُوَ فعل الْجُهَّال أَو السفاهة على النَّاس، وَجَاء الْجَهْل بمعناها. قَوْله: (فَلَيْسَ لله حَاجَة) مجَاز عَن عدم الْقبُول.
قَوْله: (قَالَ أَحْمد) هُوَ ابْن يُونُس الْمَذْكُور: أفهمني رجل إِسْنَاده أَي: إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور، كَأَنَّهُ لم يتَيَقَّن إِسْنَاده من لفظ شَيْخه ابْن أبي ذِئْب فأفهمه رجل غَيره، وبعكس هَذَا قَالَه أَبُو دَاوُد، وَذَلِكَ أَنه لما روى هَذَا الحَدِيث قَالَ فِي آخِره: قَالَ أَحْمد فهمت إِسْنَاده من ابْن أبي ذِئْب، وأفهمني الحَدِيث رجل إِلَى جنبه أرَاهُ ابْن أَخِيه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ أَحْمد: أفهمني، أَي: كنت نسيت هَذَا الْإِسْنَاد فذكرني رجل إِسْنَاده، أَو أَرَادَ رجلا عَظِيما والتنوين يدل عَلَيْهِ، وَالْغَرَض مدح شَيْخه ابْن أبي ذِئْب أَو رجل آخر غَيره أفهمهُ. انْتهى.
وَقَالَ بَعضهم: خبط الْكرْمَانِي هُنَا. قلت: هُوَ من الَّذِي خبط من وُجُوه: الأول: فِيهِ ترك الْأَدَب فِي حق من تقدمه فِي الْإِسْلَام وَالْعلم