الْأسود عَن عَائِشَة الْكل فِي الْحَج، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا. قو لَهُ: (أَن تقلد) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّقْلِيد وَهُوَ أَن يعلق فِي عُنُقهَا شَيْء ليعلم أَنَّهَا هدي قَوْله: (بدنته) هِيَ نَاقَة تنحر بِمَكَّة. قَوْله: (قَالَ: فَسمِعت) أَي: قَالَ مَسْرُوق: فَسمِعت (تصفيقها) أى: تصفيق عَائِشَة وَهُوَ ضرب إِحْدَى الْيَدَيْنِ على الْأُخْرَى ليسمع لَهَا صَوت، وَإِنَّمَا صفقت عَائِشَة إِمَّا تَعَجبا من ذَلِك، وَأما تأسفا على وُقُوع ذَلِك.
وَفِي هَذَا الحَدِيث رد على من قَالَ: إِن من بعث بهدية إِلَى الْحرم لزمَه الْإِحْرَام إِذا قَلّدهُ ويجتنب مَا يجتنبه الْحَاج حَتَّى ينْحَر هَدْيه، وَرُوِيَ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو بِهِ قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وأئمة الْفَتْوَى على خِلَافه. وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث يرد مَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: من رأى مِنْكُم هِلَال ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أَن يُضحي فَلَا يَأْخُذ من شعره وأظفاره حَتَّى يُضحي رَوَاهُ مُسلم فِي (صَحِيحه) مَرْفُوعا، وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالَ اللَّيْث: قد جَاءَ هَذَا الحَدِيث وَأكْثر النَّاس على خِلَافه، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدِيث عَائِشَة أحسن مجيئا من حَدِيث أم سَلمَة لِأَنَّهُ قد جَاءَ مجيئا متواترا وَحَدِيث أم سَلمَة قد طعن فِي إِسْنَاده، فَقيل: إِنَّه مَوْقُوف على أم سَلمَة وَلم يرفعهُ وَفِي (التَّوْضِيح) ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر وَأهل الظَّاهِر، فَمن دخل عَلَيْهِ عشر ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره وَلَا من أَظْفَاره شَيْئا. وَنقل ابْن الْمُنْذر عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يرخصان فِي أَخذ الشّعْر والأظفار لمن أَرَادَ أَن يُضحي مَا لم يحرم غير أَنَّهُمَا يستحبان الْوُقُوف عَن ذَلِك عِنْد دُخُول الْعشْر إِذا أَرَادَ أَن يُضحي، وَرَأى الشَّافِعِي أَن أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَمر اخْتِيَار.
١٦ - (بَابُ: {مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأضَاحِي وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْها} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز أكله من لُحُوم الْأَضَاحِي من غير تَقْيِيد بِثلث أَو نصف كَذَا، قَالَه بَعضهم: قلت: يتَنَاوَل أَيْضا جَوَاز أكلهَا فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَأكْثر، فعلى كل حَال هُوَ مُبْهَم توضح إبهامه أَحَادِيث الْبَاب، فَحَدِيث جَابر يدل على جَوَاز التزود مِنْهَا للْمُسَافِر فَيدل على جَوَاز الْأكل فِي أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، وَحَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع يدل أَولا على عدم الْجَوَاز بعد الثَّلَاث وآخرا يدل على الْجَوَاز أَكثر من ذَلِك لعِلَّة ذكرهَا. وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يدل على الرُّخْصَة فِي ذَلِك أَكثر من ذَلِك وَأثر عَليّ بن أبي طَالب يدل على عدم الْجَوَاز فِي أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، وَيَأْتِي الْجَواب عَنهُ.
قَوْله: (وَمَا يتزود مِنْهَا) أَي: وَفِي بَيَان جَوَاز مَا يتزود مِنْهَا للسَّفر.
٥٥٦٧ - ح دَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ: عَمْرٌ و: أخْبَرَنِي عَطاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُما، قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأضَاحِي عَلَى عَهْدِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إلَى المَدِينَةِ. وَقَالَ غَيْر مَرَّةٍ لُحُومَ الهَدْي.
مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعلي بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن عَليّ بن عبد الله أَيْضا.
قَوْله: (على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: على زَمَانه، وَقد علم أَن قَول الصَّحَابِيّ: كُنَّا نَفْعل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حكم الْمَرْفُوع. قَوْله: (وَقَالَ غير مرّة) أَي: قَالَ سُفْيَان غير مرّة، وَابْن الْمَدِينِيّ كَانَ يَقُول: قَالَ سُفْيَان مرّة لُحُوم الْأَضَاحِي، ومرارا يَقُول: لحم الْهَدْي، وَوَقع هُنَا عَن الْكشميهني وَقَالَ غَيره يَعْنِي: غير سُفْيَان وَهُوَ غير صَحِيح، وَالصَّحِيح أَن قَائِله هُوَ سُفْيَان يَحْكِي عَنهُ عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ.
٥٥٦٨ - ح دَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عَنِ القَاسِمِ أنَّ ابنَ خَبَّابٍ أخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ أبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أنَّهُ كَانَ غَائِبا، فَقَدِمَ فَقُدِّمَ إلَيْهِ لَحْمٌ قَالُوا: هاذا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانا، فَقَالَ: أخْروه لَا أذُوقُهُ، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ أخِي أبَا قَتَادَةَ وَكَانَ أخَاهُ لأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيا فَذَكَرْتُ ذالِكَ لَهُ فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أمْرٌ.