عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث، وَلَفظه: صليت مَعَ عَليّ الْعِيد وَعُثْمَان مَحْصُور، وَعَن الشَّافِعِي: لَعَلَّ عليا لم يبلغهُ النّسخ وَالنَّهْي عَن إمْسَاك لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث مَنْسُوخ فِي كل حَال، وَقَالَ أَبُو عمر: لَا خلاف فِيمَا عَلمته بَين الْعلمَاء فِي إجَازَة أكل لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث، وَإِن النَّهْي عَن ذَلِك مَنْسُوخ.
وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَحَادِيث النّسخ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. مِنْهُم: عَليّ بن أبي طَالب. قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث قَالَ: حَدثنِي عَليّ ابْن زيد قَالَ: حَدثنِي النَّابِغَة بن مُخَارق بن سليم قَالَ: حَدثنِي أبي أَن عَليّ بن أبي طَالب. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن لُحُوم الْأَضَاحِي أَن تؤخروها فَوق ثَلَاثَة أَيَّام فادخروها مَا بدا لكم) . وَأخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) من حَدِيث ربيعَة بن النَّابِغَة عَن أَبِيه عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن زِيَارَة الْقُبُور الحَدِيث، وَفِي آخِره: نَهَيْتُكُمْ عَن لُحُوم الْأَضَاحِي أَن تحبسوها بعد ثَلَاث فاحبسوا مَا بدا لكم قَالَ الذَّهَبِيّ: ربيعَة بن النَّابِغَة عَن أَبِيه عَن عَليّ فِي الْأُضْحِية لم يَصح، وَقَالَ ابْن حبَان: ربيعَة روى عَن أَبِيه عَن عَليّ، وعداده فِي أهل الْكُوفَة وَهُوَ ثِقَة، ثمَّ وفْق الطَّحَاوِيّ بَين الرِّوَايَتَيْنِ المتنافيتين بِمَا ذَكرْنَاهُ الْآن بقولنَا وَالْجَوَاب عَن أثر عَليّ، رَضِي الله عَنهُ.
{وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبِي عُبَيح ٦ نَحْوَهُ}
هَذَا ظَاهره أَنه مَعْطُوف على السَّنَد الْمَذْكُور، فَيكون من رِوَايَة حبَان بن مُوسَى عَن ابْن الْمُبَارك عَن معمر بن رَاشد، وَيحْتَمل أَن يكون مُعَلّقا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي (الْأُم) فَقَالَ: حَدثنَا الثِّقَة عَن معمر فَذكره. قَوْله: (نَحوه) ، أَي: نَحْو مَا روى عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ قَوْله: نهاكم أَن تَأْكُلُوا لُحُوم نسككم فَوق ثَلَاث.
٥٥٧٤ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ عَنْ ابنِ أخِي ابنِ شِهابٍ عَنْ عَمِّهِ ابنِ شهابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُلُوا مِنَ الأضَاحِيِّ ثَلاث. وَكَانَ عَبْدُ الله يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حِينَ يَنْفِرُ مِنْ مِنًى مِنْ أجْلِ لُحُومِ الْهَدْيِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّهَا تشمله كَمَا ذكرنَا فِي أول الْبَاب. وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ: صَاعِقَة، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَابْن أخي ابْن شهَاب مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم يروي عَن عَمه ابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُم.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (ثَلَاثًا) ، أَي: ثَلَاثَة أَيَّام. قَوْله: (وَكَانَ عبد الله يَأْكُل بالزيت) ، أَي: يَأْكُل الْخبز بالزيت حَتَّى يرجع من منى احْتِرَازًا عَن أكل لُحُوم الْهدى، قيل: الْهدى أخص من الْأُضْحِية فَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه كَانَ محترزا من لُحُوم الضَّحَايَا. وَأجِيب: بِأَن ذكر الْهدى لمناسبة النَّفر من منى. قَوْله: (حِين ينفر) ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: حَتَّى ينفر بدل حِين وَهُوَ تَصْحِيف لِأَنَّهُ مُفسد الْمَعْنى لِأَن ابْن عمر كَانَ لَا يَأْكُل من لحم الْأُضْحِية بعد ثَلَاثَة. فَكَانَ إِذا انْقَضتْ ثَلَاثَة منى إيتدم بالزيت وَلَا يَأْكُل اللَّحْم تمسكا بِالْأَمر الْمَذْكُور، وعَلى رِوَايَة الْكشميهني ينعكس الْأَمر ويعير الْمَعْنى: كَانَ يَأْكُل الزَّيْت إِلَى أَن ينفر، فَإِذا نفر أكل الزَّيْت فَيدْخل فِيهِ لحم الْأُضْحِية وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ، لم يبلغ النَّهْي عليا وَلَا عبد الله بن وَاقد وَلَو بلغهما مَا حَدثا بِالنَّهْي، وَالنَّهْي مَنْسُوخ، بِكُل حَال، وَالله أعلم.
{بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيم}
٧٤ - ( {كِتابُ الأشْرِبَةِ} )
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْأَشْرِبَة مَا يحرم من ذَلِك وَمَا يُبَاح، وَهِي جمع شراب وَهُوَ إسم لما يشرب وَلَيْسَ بمصدر لِأَن الْمصدر: هُوَ الشّرْب بِتَثْلِيث الشين يُقَال: شرب المَاء وَغَيره شربا وشربا. وقرىء (فشاربون شرب الهيم) بالوجوه الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الشّرْب بِالْفَتْح مصدر، وبالخفض وَالضَّم إسمان من شرب.