للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ نَفراً مِنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرُّوا بِماءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أوْ: سَليمٌ فَعَرَض لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الماءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ راقٍ؟ إنَّ فِي الماءِ رَجُلاً لَدِيغاً أوْ: سَلِيماً، فانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأ بِفاتِحَةِ الكِتابِ عَلى شاءٍ فبَرَأ، فجاءَ بالشَّاءِ إِلَى أصحابِهِ، فَكرِهُوا ذالِكَ وَقَالُوا: أخَذْتَ عَلى كِتابِ الله أجْراً؟ حتَّى قَدِمُوا المَدينَةَ، فَقَالُوا: يَا رسولَ الله! أخَذَ عَلى كِتابِ الله أجْراً. فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ أحَقَّ مَا أخَذْتُمْ عَليْهِ أجْراً كِتابُ الله.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب على شَاءَ) وسيدان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة وبالنون ابْن مضَارب اسْم فَاعل من الْمُضَاربَة بالضاد الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة أَبُو مُحَمَّد الْبَاهِلِيّ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْهَاء نِسْبَة إِلَى باهلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة قَبيلَة، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد الْأَسْمَاء غَرِيب، وَأَبُو معشر اسْمه يُوسُف بن يزِيد الْبَراء بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء، كَانَ يبري السهْم وَكَانَ عطاراً، أَو إِنَّمَا قَالَ: (هُوَ صَدُوق) لكَونه صَدُوقًا عِنْده فَلذَلِك خرج لَهُ، وَكَذَلِكَ خرج لَهُ مُسلم، وَقَالَ يحيى بن معِين: ضَعِيف، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه، وَقَالَ الْمقدمِي: ثِقَة، وَعبيد الله بِضَم الْعين ابْن الْأَخْنَس بخاء مُعْجمَة سَاكِنة وَنون مَفْتُوحَة وسين مُهْملَة، نخعي كُوفِي يكنى أَبَا مَالك، وَثَّقَهُ الْأَئِمَّة، وَقَالَ ابْن حبَان: يخطىء كثيرا. وَمَا لهَؤُلَاء الثَّلَاثَة فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَلَكِن لِعبيد الله بن الْأَخْنَس حَدِيث آخر فِي الْحَج، وَلأبي معشر آخر فِي الْأَشْرِبَة، وَابْن أبي مليكَة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة واسْمه: زُهَيْر قَاضِي ابْن الزبير.

والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهَذَا وَحَدِيث أبي سعيد الْمَذْكُور فِي قصَّة وَاحِدَة، وَأَنَّهَا وَقعت لَهُم مَعَ الَّذِي لدغ.

قَوْله: (مروا بِمَاء) أَي: بِقوم نازلين على مَاء. قَوْله: (أَو: سليم) شكّ من الرَّاوِي، سمي اللديغ سليما على الْعَكْس تفاؤلاً، كَمَا قيل للمهلكة: مفازة. قَوْله: (إِن فِي المَاء رجلا) ويروى: رجل، بِالرَّفْع على لُغَة بني ربيعَة. قَوْله: (فَانْطَلق رجل مِنْهُم) وَهُوَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ. قَوْله: (على شَاءَ) أَي: قَرَأَ مَشْرُوطًا على شَاءَ أَو مقرراً أَو مصالحاً عَلَيْهِ، وَالشَّاء جمع شَاة أَصله شاهة. فحذفت الْهَاء وَجَمعهَا: شِيَاه وَشاء وشوي. قَوْله: (إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله) قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) فِيهِ: حجَّة على أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي مَنعه أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن. قلت: من لَهُ ذوق من مَعَاني الْأَحَادِيث لَا يتَلَفَّظ بِهَذَا الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ لَهُ معنى، وَلَيْسَ معنى هَذَا مَا فهمه هُوَ حَتَّى يُورِدهُ على الإِمَام، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي أَخذ الْأُجْرَة على الرّقية بِالْفَاتِحَةِ أَو غَيرهَا من الْقُرْآن، فالإمام لَا يمْنَع هَذَا، وَإِنَّمَا الَّذِي يمنعهُ عَن أَخذ تَعْلِيم الْقُرْآن وَتَعْلِيم الْقُرْآن غير الرّقية بِهِ، وَمَعَ هَذَا أَبُو حنيفَة مَا انْفَرد بِهَذَا، وَهُوَ مَذْهَب عبد الله بن شَقِيق وَالْأسود بن ثَعْلَبَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعبد الله بن يزِيد وَشُرَيْح القَاضِي وَالْحسن بن حييّ، وَتَعْيِين هَذَا الْمُعْتَرض الإِمَام من بَين هَؤُلَاءِ من أريحة التعصب الْبَارِد وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم حَدثنَا أبان بن يزِيد الْعَطَّار حَدثنِي يحيى بن أبي كثير عَن زيد هُوَ ابْن أبي سَلام مَمْطُور الحبشي عَن أبي رَاشد الحبراني عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول؛ (تعلمُوا الْقُرْآن وَلَا تغلوا فِيهِ وَلَا تجفوا عَنهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ) . قَوْله: (لَا تغلوا) من الغلو بالغين الْمُعْجَمَة: وَهُوَ التشدد والمجاوزة عَن الْحَد. قَوْله: (وَلَا تجفوا) أَي: تعاهدوه وَلَا تبعدوا عَن تِلَاوَته وَهُوَ من الْجفَاء وَهُوَ الْبعد عَن الشَّيْء. قَوْله: (وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ) أَي: بِمُقَابلَة الْقُرْآن أَرَادَ: لَا تجْعَلُوا لَهُ عوضا من سحت الدُّنْيَا.

٣٥ - (بابُ رُقْيَةِ العَيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان رقية الْعين أَي: رقية الَّذِي يصاب بِالْعينِ، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الرمد، بل الْإِضْرَار بِالْعينِ والإصابة بهَا كَمَا يتعجب الشَّخْص من الشَّيْء بِمَا يرَاهُ بِعَيْنِه فيتضرر ذَلِك الشَّيْء من نظره. وَقَالَ النَّوَوِيّ: أنْكرت طَائِفَة الْعين، قَالُوا: لَا أثر لَهَا، وَالدَّلِيل على فَسَاد قَوْلهم أَنه أَمر مُمكن، والصادق أخبر بذلك، يَعْنِي بِوُقُوعِهِ فَلَا يجوز رده، وَقَالَ بَعضهم: العائن تنبعث من عينه قُوَّة سمِّية تتصل بالمعين فَيهْلك، كَمَا تنبعث من الأفعى، وَالْمذهب أَن الله تَعَالَى أجْرى الْعَادة بِخلق الضَّرَر عِنْد مُقَابلَة هَذَا الشَّخْص

<<  <  ج: ص:  >  >>