لشخص آخر، وَأما انبعاث شَيْء مِنْهُ إِلَيْهِ فَهُوَ من الممكنات. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: الْعين نظر باستحسان وَأَن يشوبه شَيْء من الْحَسَد وَيكون النَّاظر خَبِيث الطَّبْع كذوات السمُوم، وَلَوْلَا هَذَا لَكَانَ كل عاشق يُصِيب معشوقه بِالْعينِ، يُقَال: عنت الرجل إِذا أصبته بِعَيْنِك فَهُوَ معِين ومعيون وَالْفَاعِل عائن.
٥٧٣٨ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرنَا سُفْيان قَالَ: حدّثني مَعْبَدُ بنُ خالِد قَالَ: سمِعْتُ عبْدَ الله بنَ شَدَّادٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: أمَرَني رسولِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ: أمَرَ أَن يُسْتَرْقَى مِن العَيْن.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن كثير، قَالَ الْكرْمَانِي ضد الْقَلِيل وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : شيخ البُخَارِيّ مُحَمَّد بن كَبِير بِالْبَاء الْمُوَحدَة بعد الْكَاف. قلت: هَذَا غلط، وَالظَّاهِر أَنه من النَّاسِخ الْجَاهِل، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، ومعبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن خَالِد القَاضِي الْكُوفِي التَّابِعِيّ، وَعبد الله بن شَدَّاد هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْهَاد، لَهُ رُؤْيَة وَأَبوهُ صَحَابِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن أبي بكر وَأبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن مَنْصُور وَأخرجه ابْن ماجة فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد.
قَوْله:(أَو أَمر) ، شكّ من الرَّاوِي، وَأخرجه أَبُو نعيم فِي (مستخرجه) عَن شيخ البُخَارِيّ فِيهِ فَقَالَ: أَمرنِي، جزما، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ والإسماعيلي من طَرِيق أبي نعيم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم من طَرِيق عبد الله بن نمير عَن سُفْيَان: كَانَ يَأْمُرنِي أَن أسترقي، وَعِنْده من طَرِيق مسعر عَن معبد بن خَالِد: كَانَ يأمرها. قَوْله:(أَن يسترقي) أَي: بِطَلَب الرّقية مِمَّن يعرف الرقي بِسَبَب الْعين، وَقَالَ الْخطابِيّ: الرّقية الَّتِي أَمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ مَا يكون بقوارع الْقُرْآن، وَبِمَا فِيهِ ذكر الله تَعَالَى على ألسن الْأَبْرَار من الْخلق الطاهرة النُّفُوس، وَهُوَ الطِّبّ الروحاني، وَعَلِيهِ كَانَ مُعظم الْأَمر فِي الزَّمَان الْمُتَقَدّم الصَّالح أَهله، فَلَمَّا عز وجود هَذَا الصِّنْف من أبرار الخليقة مَال النَّاس إِلَى الطِّبّ الجسماني حَيْثُ لم يَجدوا الطِّبّ الروحاني نجوعاً فِي الأسقام لعدم الْمعَانِي الَّتِي كَانَ يجمعها الرقاة المقدسة من البركات، وَمَا نهى عَنهُ هُوَ رقية العزامين وَمن يدعى تسخير الْجِنّ.