وَأما أثر عَطاء فَأخْرجهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ عَطاء: إِذا رميت صيدا ببندقة فأدركت ذَكَاته فكله وإلَاّ فَلَا تؤكله. وَأما أثر الْحسن فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن هِشَام عَن الْحسن، إِذْ رمى الرجل الصَّيْد بالجلاهقة فَلَا تَأْكُل إِلَّا أَن تدْرك ذَكَاته وَقَالَ بَعضهم: والجلاهقة بِضَم الْجِيم وَتَشْديد اللَّام وَكسر الْهَاء بعْدهَا قَاف هِيَ: البندقة بِالْفَارِسِيَّةِ، وَالْجمع جلاهق قلت: الْمَشْهُور فِي لِسَان الفارسية أَن اسْم البندقة كل كمان. قَوْله: (وَكره الْحسن) ، أَي: الْبَصْرِيّ (رمى البندقة فِي الْقرى) الخ. إِنَّمَا كرهه فِي الْقرى والأمصار تَحَرُّزًا عَن إِصَابَة النَّاس بِخِلَاف الصَّحرَاء، وَهَذَا ظَاهر. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَمِمَّنْ روينَا عَنهُ أَنه كره صيد البندقة ابْن عمر وَالنَّخَعِيّ وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر.
٥٤٧٦ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيٍّ بنَ حَاتِمٍ، رَضِيَ الله عَنهُ، قَالَ: سألْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنِ المِعْرَاضِ؟ فَقَالَ: إذَا أصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ فَإذَا أصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإنَّهُ وَقِيذٌ فَلا تَأْكُلْ فَقُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي؟ قَالَ: إذَا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَكُلْ قُلْتُ: فِإنْ أكَلَ؟ قَالَ: فَلا تَأْكُلْ فَإنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْكَ إنَّمَا أمَسَكَ عَلَى نَفْسِهِ قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فأجِدُ مَعَهُ كَلْبا آخَرَ؟ قَالَ: لَا تَأْكُلْ فَإنَّكَ إنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى آخَرَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقد مضى الحَدِيث الْآن، وَالْكَلَام فِيهِ وَعبد الله بن أبي السّفر بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء، وَاسم أبي السّفر سعيد بن يحمد الْهَمدَانِي الْكُوفِي يروي عَن عَامر الشّعبِيّ.
قَوْله: (فَإِنَّهُ لم يمسك عَلَيْك) ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} (الْمَائِدَة: ٤) .
٣ - (بَابُ: {مَا أصَابَ المِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم مَا أصَاب المعراض بعرضه.
٥٤٧٧ - حدَّثنا قَبِيصَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بنِ الحَارِثِ عَنْ عَدِيٍّ بنِ حَاتِمٍ، رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله! إنَّا نُرْسِلُ الكِلابَ المُعَلَّمَةَ؟ قَالَ: كُلْ مِمَّا أمْسَكْنَ عَلَيْكَ قُلْتُ وَإنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: وَإنْ قَتَلْنَ. قُلْتُ: وَإنَّا نَرْمِي بِالمِعْرَاضِ؟ قَالَ: كُلْ مَا خَزَقَ وَمَا أصَابَ بِعَرْضِهِ فَلا تَأُُكُلْ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور قبله، أخرجه عَن قبيصَة بن عقبَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن همام بتَشْديد الْمِيم ابْن الْحَارِث النَّخعِيّ الْكُوفِي.
قَوْله: (كل مَا خزق) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالزَّاي بعْدهَا قَاف أَي: نفذ يُقَال: سهم خازق أَي: نَافِذ، وَيُقَال: خسق، بِالسِّين الْمُهْملَة أَيْضا إِذا أصَاب الرَّمية وَنفذ مِنْهَا وخزق يخزق خزوقا وَسَهْم خازق وخاسق، وَقَالَ ابْن التِّين: خزق أصَاب مجده وأصل الخزق فِي اللُّغَة الطعْن. قَوْله: (وَمَا أصَاب بعرضه) ، بِفَتْح الْعين يَعْنِي: بِغَيْر طرفه الحاد فَلَا تَأْكُل، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالَ الشّعبِيّ وَابْن جُبَير: يُؤْكَل إِذا خزق وَبلغ الْمقَاتل، وَقَالَ ابْن بطال: وَذهب الْأَوْزَاعِيّ وَمَكْحُول وفقهاء الشَّام إِلَى جَوَاز أكل مَا قتل بالمعراض خزقه أَو لم يخزق وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء وفضالة بن عبيد لَا يريان بِهِ بَأْسا.
٤ - (بَابُ: {صَيْدِ القَوْسِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّيْد بِالْقَوْسِ، والقوس يذكر وَيُؤَنث، فَمن أنثه يَقُول فِي تصغيره، قويسة، وَمن ذكره يَقُول: أَسْفَل قويس وَيجمع على قسي وأقواس وَقِيَاس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة منشدا.
(ووتر الأساود القياسا.)
والقوس أَيْضا بَقِيَّة التَّمْر فِي الْحلَّة والقوس برج فِي السَّمَاء وَتقول: قست الشَّيْء بِغَيْرِهِ وعَلى غَيره أَقيس قيسا وَقِيَاسًا فانقاس إِذا قدرته على مِثَاله.