وَقَالَ الحَسَنُ وَإبْرَاهِيمُ: إذَا ضَرَبَ صَيْدا فَبَانَ مِنْهُ يَدٌ أوْ رِجْلٌ لَا تَأْكُلُ الَّذِي بَانَ وَتَأْكُلُ سَائِرَهُ} .
قيل: لَا وَجه لإيراد الْأَثر الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب قلت: الْوَجْه لِأَنَّهُ يُمكن ضرب صيد بِسَهْم قَوس فأبان مِنْهُ يَده أَو رجله. وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ أما أثر الْحسن فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن يُونُس عَنهُ فِي رجل ضرف صيدا فأبان مِنْهُ بدا أَو رجلا، وَهُوَ حَيّ ثمَّ مَاتَ تَأْكُله وَلَا تَأْكُل مَا بَان مِنْهُ إلَاّ أَن تضربه فتقطعه فَيَمُوت من سَاعَته فَإِذا كَانَ ذَلِك فلتأكله كُله وَفِي (الْأَشْرَاف) عَن الْحسن خلاف هَذَا، قَالَ فِي الصَّيْد يقطع مِنْهُ عُضْو، قَالَ: يَأْكُلهُ جَمِيعًا مَا بَان وَمَا بَقِي وَأما أثر إِبْرَاهِيم فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة. قَالَ: إِذا ضرب رجل الصَّيْد فَبَان عُضْو مِنْهُ ترك مَا سقط وَأكل مَا بَقِي، وَإِبْرَاهِيم لما روى هَذَا وَلم يعْتَرض عَلَيْهِ بِشَيْء فَكَأَنَّهُ رضيه. قَوْله: (سائره) ، أَي: بَاقِيه، وَقيل: لَا يسْتَعْمل سائره إلَاّ بِمَعْنى جَمِيعه، وَلَيْسَ كَذَلِك بل اللُّغَة الفصيحة أَنه يسْتَعْمل بِمَعْنى بَاقِيه قلَّ الْبَاقِي أَو كثر.
{وَقَالَ إبْرَاهِيمُ إذَا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أوْ وَسَطَهُ فَكُلْهُ} .
أَي: قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. قَوْله: (أَو وَسطه) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة لِأَنَّهُ اسْم لِمَعْنى مَا بَين طرفِي الشَّيْء كمركز الدائرة، وبالسكون اسْم مُبْهَم لداخل الدائرة.
{وَقَالَ الأعْمَشُ عَنْ زَيْدٍ: اسْتَعْصَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ الله حِمارٌ فَأمَرَهُمْ أنْ يَضْرِبُوهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا مَا سَقَطَ مِنْهُ وَكُلُوهُ} .
الْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَزيد هُوَ ابْن وهب، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن عِيسَى بن يُونُس عَن الْأَعْمَش عَن زيد بن وهب قَالَ: سُئِلَ ابْن مَسْعُود عَن رجل ضرب رجل حمَار وَحشِي فقطعها فَقَالَ: دعوا سقط وذكوا مَا بَقِي وكلوه، وَحَكَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من حَدِيث الْحَارِث عَنهُ، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَعَطَاء: لَا تَأْكُل الْعُضْو وذَكِ، الصَّيْد وَكله. وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن عدا حَيا بعد سُقُوط الْعُضْو مِنْهُ فَلَا تَأْكُل الْعُضْو، وذِك الصَّيْد وَكله، وَإِن مَاتَ حِين ضرب فكله كُله وَبِه قَالَ قَتَادَة وَأَبُو ثَوْر وَالشَّافِعِيّ: كَذَلِك قَالَ: إِذا كَانَ لَا يعِيش بعد ضَرْبَة سَاعَة أَو مُدَّة أَكثر مِنْهَا وَفِي التَّمْهِيد عَن مَالك إِن قطع عضوه لَا يُؤْكَل الْعُضْو وَأكل الْبَاقِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِن قطع قطعتين أكله وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا أقل من الْأُخْرَى إِذا مَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري: إِذا قطعه نِصْفَيْنِ أكلا جَمِيعًا وَإِن قطع الثُّلُث فَإِن كَانَ مِمَّا يَلِي الرَّأْس أكله جَمِيعه، وَإِن كَانَ من الَّذِي يَلِي الْعَجز أكل الثُّلثَيْنِ مِمَّا يَلِي الرَّأْس وَلَا يَأْكُل الثُّلُث الَّذِي يَلِي الْعَجز.
٥٤٧٨ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ حدَّثنا حَيْوَةُ، قَالَ: أخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أبِي إدْرِيس عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ الخُشْنِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله {إنَّا بِأرْضِ قَوْمٍ مِنْ أهْلِ الكِتَابِ، أفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ} وَبِأرْضِ صَيْد أصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَبِكَلْبِي المُسْلِّم، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: أمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أهْلِ الكِتابِ؟ فَإنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَها فَلا تَأْكُلُوا فِيها، وَإنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوها وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْت اسْمَ الله فَكُلْ، وَما صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ الله فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعلِّمٍ فَأدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الْمقري، وحيوة ابْن شُرَيْح. مصغر شرح بالشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمصْرِيّ أَبُو زرْعَة، وَرَبِيعَة بن يزِيد من الزِّيَادَة الدِّمَشْقِي الْقصير، وَأَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة الْخَولَانِيّ، وَأَبُو ثَعْلَبَة بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور الْخُشَنِي بِضَم الْخَاء وَفتح الشين المعجمتين وبالنون نِسْبَة إِلَى خشين بن النمر بن وبرة بن ثَعْلَب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute