الْمَرْأَة خُصُوصا الْحَائِض بَين الْمُصَلِّي وَبَين الْقبْلَة لَا يقطع الصَّلَاة، فالمارة بطرِيق الأولى. وَبَوَّبَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) بَاب من قَالَ الْحمار لَا يقطع الصَّلَاة. وَبَوَّبَ أَيْضا بَاب من قَالَ الْكَلْب لَا يقطع الصَّلَاة، ثمَّ روى عَن الْفضل بن عَبَّاس قَالَ: (أَتَانَا رَسُول الله وَنحن فِي بادية وَمَعَهُ عَبَّاس، فصلى فِي صحراء لَيْسَ بَين يَدَيْهِ ستْرَة وحمارة، لنا وكلبة تعبثان بَين يَدَيْهِ، فَمَا بالى ذَلِك) . وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَتَأَول الْجُمْهُور الْقطع الْمَذْكُور فِي الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة على قطع الْخُشُوع، جمعا بَين الْأَحَادِيث. فَإِن قلت: قلت: هَذَا جيد فِيمَا إِذا كَانَت الْأَحَادِيث الَّتِي رويت فِي هَذَا الْبَاب مستوية الْأَقْدَام، وَأما إِذا قُلْنَا: أَحَادِيث الْجُمْهُور أقوى وَأَصَح من أَحَادِيث من خالفهم فالأخذ بالأقوى أولى وَأقوى: فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْقصار: من قَالَ: إِن الْحمار يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: إِن مُرُور حمَار عبد اكان خلف الإِمَام بَين يَدي بعض الصَّفّ، وَالْإِمَام ستْرَة لمن خَلفه. قلت: رد هَذَا بِمَا رَوَاهُ الْبَزَّار أَن الْمُرُور كَانَ بَين يَدَيْهِ: فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث سعيد بن غَزوَان عَن أَبِيه أَنه نزل بتبوك وَهُوَ حَاج، فَإِذا بِرَجُل مقْعد فَسَأَلَهُ عَن أمره فَقَالَ: سأحدثك بِحَدِيث فَلَا تحدث بِهِ مَا سَمِعت، إِنِّي حَيّ: أَن رَسُول الله نزل بتبوك إِلَى نَخْلَة فَقَالَ: هَذِه قبلتنا، ثمَّ صلى إِلَيْهَا. فَأَقْبَلت وَأَنا غُلَام أسعى حَتَّى مَرَرْت بَينه وَبَينهَا فَقَالَ: قطع صَلَاتنَا قطع اأثره، فَمَا قُمْت عَلَيْهَا إِلَى يومي هَذَا. قلت: قَوْله: عَلَيْهَا، أَي: على رجْلي وَلَيْسَ بإضمار قبل الذّكر لوُجُود الْقَرِينَة. قلت: أَبُو دَاوُد سكت عَنهُ. وَقَالَ غير حَدِيث واهٍ، وَلَئِن سلمنَا صِحَّته فَهُوَ مَنْسُوخ بِحَدِيث ابْن عَبَّاس، لِأَن ذَلِك كَانَ بتبوك وَحَدِيثه كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع بعْدهَا. وَا أعلم. وَفِيه: جَوَاز قصر الصَّلَاة الرّبَاعِيّة، بل هُوَ أفضل من الْإِتْمَام، وَهل هُوَ رخصَة أَو عَزِيمَة؟ فِيهِ خلاف بَيْننَا وَبَين الشَّافِعِي على مَا يَأْتِي بَيَانه فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ اتعالى.
١٩ - (بابُ قَدْرِ كِمْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قدركم ذِرَاع يَنْبَغِي أَن يكون بَين الْمُصَلِّي والسترة؟ وَقد علم أَن لَفْظَة: كم، سَوَاء كَانَت إستفهامية أَو خبرية لَهَا صدر الْكَلَام، وَإِنَّمَا قدم لفظ: قدر، عَلَيْهَا لِأَن الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فِي حكم كلمة وَاحِدَة. ومميز: كم، مَحْذُوف، لِأَن الْفِعْل لَا يَقع مُمَيّزا، وَالتَّقْدِير: كم زراع وَنَحْوه، كَمَا ذكرنَا: (وَالْمُصَلي) ، بِكَسْر اللَّام: اسْم فَاعل. قيل: يحْتَمل أَن يكون بِفَتْح اللَّام، أَي: الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ. قلت: هَذَا احْتِمَال أَخذه قائلة من كَلَام الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ: فَإِن قلت: الحَدِيث دلّ على الْقدر الَّذِي بَين الْمُصَلِّي بِفَتْح اللَّام والسترة، والترجمة بِكَسْر اللَّام؟ قلت: مَعْنَاهُمَا متلازمان. انْتهى. قلت: لَا يلْزم من تلازمهما عقلا اعْتِبَار الْمِقْدَار، لِأَن اعْتِبَار الْمِقْدَار بَين الْمُصَلِّي وَبَين الستْرَة لَا بَينهَا وَبَين الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ.
١٤٥ - (حَدثنَا عَمْرو بن زُرَارَة قَالَ أخبرنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سهل قَالَ كَانَ بَين مصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين الْجِدَار ممر الشَّاة) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. (ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة الأول عَمْرو بِالْوَاو بن زُرَارَة بِضَم الزَّاي ثمَّ بالراء قبل الْألف وَبعدهَا هَاء أَبُو مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ الثَّانِي عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم الثَّالِث أَبوهُ حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي اسْمه سَلمَة بن دِينَار وَقد تقدم فِي بَاب غسل الْمَرْأَة أَبَاهَا الرَّابِع سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَقد تقدم فِيهِ أَيْضا. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل وَفِيه عَن أَبِيه وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد والإسماعيلي أَخْبرنِي أبي وَفِيه سهل غير مَنْسُوب وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ عَن سهل بن سعد. (ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن النُّفَيْلِي والقعنبي (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " بَين مصلى " بِفَتْح اللَّام وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ وَالْمرَاد بِهِ مقَامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا القعْنبِي والنفيلي قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز هُوَ ابْن أبي حَازِم قَالَ أَخْبرنِي أبي عَن سهل قَالَ " كَانَ بَين مقَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين الْقبْلَة ممر العنز " وَقَالَ الْكرْمَانِي المُرَاد بالمصلى مَوضِع الْقدَم (قلت) يتَنَاوَل ذَلِك مَوضِع الْقدَم وَمَوْضِع السُّجُود أَيْضا قَوْله " ممر الشَّاة " وَهُوَ مَوضِع مرورها وَهُوَ مَنْصُوب لِأَنَّهُ خبر كَانَ وَالِاسْم قدر الْمسَافَة أَو الْمَمَر والسياق يدل عَلَيْهِ كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي ثمَّ قَالَ وَفِي بَعْضهَا بِالرَّفْع (قلت) وَجه الرّفْع أَن تكون كَانَ تَامَّة وَيكون ممر الشَّاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute