لَهُ فرض لَا تجزىء صَلَاة لأحد من أَن يدع من هَذَا كُله عَامِدًا، فَإِن لم يَأْتِ بِهِ نَاسِيا ألغى ذَلِك وأتى بِهِ كَمَا أَمر ثمَّ سجد للسَّهْو، فَإِن عجز عَن شَيْء مِنْهُ لجهل أَو عذر مَانع سقط عَنهُ، وتمت صلَاته. انْتهى. وَقَالَ السفاقسي: وَاخْتلفُوا فِيمَن ترك التَّكْبِير فِي الصَّلَاة، فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: من أسقط ثَلَاث تَكْبِيرَات فَأكْثر، أَو التَّكْبِير كُله سوى تَكْبِيرَة الْإِحْرَام يسْجد قبل السَّلَام، وَإِن لم يسْجد قبل السَّلَام سجد بعده، وَإِن لم يسْجد حَتَّى طَال بطلت صلَاته. وَفِي (الْمُوَضّحَة) : وَإِن نسي تكبيرتين سجد قبل أَن يسلم، فَإِن لم يسْجد لم تبطل صلَاته، وَإِن ترك تَكْبِيرَة وَاحِدَة فَاخْتلف قَوْله: هَل عَلَيْهِ سُجُود أم لَا؟ وَقَالَ ابْن عبد الحكم وَأصبغ: لَيْسَ على من ترك التَّكْبِير سوى السُّجُود، فَإِن لم يفعل حَتَّى تبَاعد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : فَلَو ترك التَّكْبِير عمدا أَو سَهوا حَتَّى ركع لم يَأْتِ بِهِ لفَوَات مَحَله. وَقَالَ أَصْحَابنَا: لَا يجب السُّجُود بترك الْأَذْكَار: كالثناء والتعوذ وتكبيرات الرُّكُوع وَالسُّجُود وتسبيحاتهما.
وَفِيه: فِي قَوْله: (يكبر كلما رفع وَكلما خفض مُتَعَلق لأبي حنيفَة وَأَصْحَابه أَنه يكبر مَعَ فعل الْخَفْض وَالرَّفْع، سَوَاء لَا يتقدمه وَلَا يتأخره فِيمَا ذكره الطَّحَاوِيّ من غير مد، وَالشَّافِعِيّ يَقُول: ينحط للرُّكُوع وَهُوَ يكبر وَكَذَا فِي الرّفْع وَشبهه، ويمد التَّكْبِير إِلَى أَن يصل إِلَى حد الراكعين وَقيل: يحرم، وَالْقَوْلَان جائزان فِي جَمِيع تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات، وَالصَّحِيح الْمَدّ، قَالَه فِي (شرح الْمُهَذّب) : فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي مَشْرُوعِيَّة التَّكْبِير فِي الْخَفْض وَالرَّفْع لكل مصل؟ قلت: قيل: إِن الْمُكَلف أَمر بِالنِّيَّةِ أول الصَّلَاة مقرونة بِالتَّكْبِيرِ، وَكَانَ من حَقه أَن يستصحب النِّيَّة إِلَى آخر الصَّلَاة، فَأمر أَن يجدد الْعَهْد فِي أَثْنَائِهَا بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ شعار النِّيَّة.
٧٨٥ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ كانَ يُصَلِّي بِهِمْ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ ورَفَعَ فَإذَا انْصَرَفَ قَالَ إنِّي لأَشْبَهُكُمْ صَلاةً بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَابْن شهَاب هُوَ: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك، وَالنَّسَائِيّ أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن مَالك.
قَوْله: (يُصَلِّي بهم) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (يُصَلِّي لَهُم) . قَوْله: (فَإِذا انْصَرف) ، أَي: عَن الصَّلَاة. قَوْله: (إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَعْنِي: فِي تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات والإتيان بِهِ فِيهَا.
١١٦ - (بابُ إتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي السُّجُودِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إتْمَام التَّكْبِير فِي السُّجُود، وَالْكَلَام فِيهِ مَا تقدم فِي أول الْبَاب الَّذِي قبله.
٧٨٦ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ غَيْلَانَ بنِ جَرِيرٍ عنْ مُطَرِّفَ بنِ عَبْدِ الله قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ رَضِي الله عنْهُ أَنا وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ فَكانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ وإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وإذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فلَمَّا قَضَي الصَّلَاةَ أَخذ بِيَدِي عِمْرَانُ ابنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ قَدْ ذَكَّرَنِي هذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قالَ لَقدْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (انْظُر الحَدِيث ٧٨٤ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَكَانَ إِذا سجد كبر) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وغيلان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَابْن جرير بِفَتْح الْجِيم، وطرف بِضَم الْمِيم قد مضى عَن قريب.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (صليت خلف عَليّ) ، قد مضى فِي الْبَاب السَّابِق أَن ذَلِك كَانَ بِالْبَصْرَةِ، وَكَذَا رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور من رِوَايَة حميد بن هِلَال عَن عمرَان، وَوَقع فِي رِوَايَة أَحْمد من رِوَايَة سعيد ابْن أبي عرُوبَة عَن غيلَان: بِالْكُوفَةِ، وَكَذَا فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة وَغير وَاحِد عَن مطرف، وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك وَقع مرَّتَيْنِ: مرّة بِالْبَصْرَةِ وَمرَّة بِالْكُوفَةِ. قَوْله: (أَنا) إِنَّمَا ذكر هَذِه اللَّفْظَة ليَصِح الْعَطف على الضَّمِير الَّذِي فِي: صليت، وَهَذَا