١١٦٦ - حدّثنا عَبْدَانُ أخبرنَا عَبْدُ الله أخْبَرَنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني أبُو سَلَمَةَ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا اسْتُخْلِفَ خلِيفةٌ إلاّ لهُ بِطانتانِ: بِطانَةٌ تأمُرُهُ بالخَيْرِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وبِطانَةٌ تأمُرُهُ بالشَّرِّ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، والمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَحْكَام عَن إصبغ: وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْبيعَة وَفِي السّير عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى.
قَوْله: (بطانتان) ، البطانة بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة الصاحب الوليجة المشاور وَهُوَ اسْم جنس يَشْمَل الْوَاحِد وَالْجمع. قَوْله: (ويحضه) أَي: يحثه. قَوْله: (وبطانة تَأمره بِالشَّرِّ) قَالَ الْكرْمَانِي: لفظ: تَأمره، دَلِيل على أَنه لَا يشْتَرط فِي الْأَمر الْعُلُوّ وَلَا الاستعلاء.
٩ - (بابٌ {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} (الْأَنْبِيَاء: ٥٩) {إِنَّه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} (هود: ٦٣) {وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} (نوح: ٧٢)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَحرَام} ... إِلَى آخِره. قَالَ الْكرْمَانِي: الْغَرَض من هَذِه الْآيَات أَن الْإِيمَان وَالْكفْر بِتَقْدِير الله تَعَالَى، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {وَحرم على قَرْيَة أهلكناها} الْآيَة وَفِي رِوَايَة غَيره: {وَحرَام} إِلَى آخر الْآيَة، والقراءاتان مشهورتان فَقَرَأَ أهل الْحجاز وَالْبَصْرَة وَالشَّام: حرَام، وَقَرَأَ أهل الْكُوفَة: وَحرم.
وَقَالَ منْصُورُ بنُ النُّعْمانِ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: وحِرْمٌ بالحَبَشِيَّةِ: وجَبَ.
مَنْصُور بن النُّعْمَان الْيَشْكُرِي الْبَصْرِيّ، سكن مرو ثمَّ بخاري وَمَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَنْصُور بن النُّعْمَان فِي النّسخ هَكَذَا، لَكِن قَالُوا: صَوَابه مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر السّلمِيّ الْكُوفِي، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو جَعْفَر عَن ابْن قهزاد عَن أبي عوَانَة عَنهُ، هَكَذَا قَالَه صَاحب (التَّلْوِيح) : وَتَبعهُ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَقَالَ بَعضهم: لم أَقف على ذَلِك فِي (تَفْسِير أبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ)
قلت: هَذَا مُجَرّد تشنيع، وَعدم وُقُوفه على هَذَا لَا يسْتَلْزم عدم وقُوف غَيره، وَنسخ الطَّبَرِيّ كَثِيرَة فَلَا تَخْلُو عَن زِيَادَة ونقصان. قَوْله: (وَحرم بالحبشية وَجب) يَعْنِي: معنى حرم باللغة الحبشية وَجب، وروى غير عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: وَجب عَلَيْهِم أَنهم لَا يتوبون، يَعْنِي فِي تَفْسِير قَوْله عز وَجل: {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} (الْأَنْبِيَاء: ٥٩) وَعَن أبي هُرَيْرَة: لَا، هُنَا زَائِدَة، وَذهب إِلَى أَن حَرَامًا على بَابه، وَأنكر البصريون زِيَادَة: لَا، هُنَا. وَقيل: الْمَعْنى: وَحرَام أَن يتَقَبَّل مِنْهُم عمل لأَنهم لَا يرجعُونَ، أَي: لَا يتوبون، وَكَذَا قَالَ الزّجاج، وَقيل: الْحَرَام الْمَنْع، فَالْمَعْنى حرَام عَلَيْهِم الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا، وَقَالَ الْمُهلب: وَجب عَلَيْهِم أَنهم لَا يتوبون، وَحرم وَحرَام بِمَعْنى وَاحِد، وَالتَّقْدِير: وَحرَام على قَرْيَة أردنَا إهلاكها التَّوْبَة من كفرهم، وَهَذَا كَقَوْلِه: {إِنَّه لن يُؤمن من قَوْمك إلَاّ من قد آمن} (هود: ٦٣) أَي: تقدم علم الله فِي قوم نوح أَنه لن يُؤمن مِنْهُم غير من آمن، وَلذَلِك قَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} (نوح: ٦٢) إِلَى قَوْله: {فَاجِرًا كفَّارًا} (نوح: ٦٢) إِذا قد اعلمتني {إِنَّه لن يُؤمن مِنْهُم إلاّ من قد آمن} (هود: ٦٣) وأهلكهم لعلمه تَعَالَى أَنهم لَا يرجعُونَ إِلَى الْإِيمَان.
٢١٦٦ - حدّثني مَحْمُودُ بنُ غَيْلَانَ حَدثنَا عبْدُ الرَّزَّاق أخبرَنا مَعَمَرٌ عنِ ابنِ طاوُوس عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رأيْتُ شَيْئاً أشْبهَ باللّمَمِ مِمَّا قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إنَّ الله كَتَبَ عَلَى ابنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنا، أدْرَكَ ذَلِكَ لَا مْحالَةَ، فَزِنا العيْنِ النَّظَرُ وزِنا اللِّسانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ ويُكَذِّبُهُ) . (انْظُر الحَدِيث ٣٤٢٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ الْآيَات الَّتِي تدل على أَن كل شَيْء غير خَارج عَن سَابق قدره، وَكَذَلِكَ حَدِيث الْبَاب، لِأَن الزِّنَا