للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُم للْمُسلمين إِلَى عمَارَة بِلَادهمْ، وصلاحها. قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَهَذَا قَول أبي حنيفَة، وَبِه نَأْخُذ.

قَالَ عُرْوَةُ قَضَىَ بِهِ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فِي خِلافَتِهِ

أَي: قَالَ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام: قضى بالحكم الْمَذْكُور وَهُوَ أَن من: أحيى أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي أَيَّام خِلَافَته، وَقد تقدم فِي أول الْبَاب عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من أحيى أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ. وَقد ذكرنَا أَن مَالِكًا وَصله، وَهَذَا قَوْله، وَالَّذِي رَوَاهُ عُرْوَة فعله، وَفِي (كتاب الْخراج) ليحيى بن آدم: من طَرِيق مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب: من أحيى مواتاً من الأَرْض فَهُوَ أَحَق بِهِ، وروى من وَجه آخر عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَو غَيره: أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: من عطل أَرضًا ثَلَاث سِنِين لم يعمرها فجَاء غَيره فعمرها فَهِيَ لَهُ، وَعنهُ قَالَ أَصْحَابنَا: إِنَّه إِذا حجر أَرضًا وَلم يعمرها ثَلَاث سِنِين أَخذهَا الإِمَام وَدفعهَا إِلَى غَيره، لِأَن التحجير لَيْسَ بإحياء ليتملكها بِهِ، لِأَن الإحيار هُوَ الْعِمَارَة، والتحجير للإعلام. وَذكر فِي (الْمُحِيط) أَنه يصير ملكا للمحجر، وَذكر خُوَاهَر زادة: أَن التحجير يُفِيد ملكا مؤقتاً إِلَى ثَلَاث سِنِين، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأَصَح، وَأحمد. وَالْأَصْل عندنَا: أَن من أحيى مواتاً هَل يملك رقبَتهَا؟ قَالَ بَعضهم: لَا يملك رقبَتهَا، وَإِنَّمَا يملك استغلالها، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي قَول. وَعند عَامَّة الْمَشَايِخ، يملك رقبَتهَا، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي قَول، وَثَمَرَة الْخلاف فِيمَن أَحْيَاهَا ثمَّ تَركهَا فزرعها غَيره، فعلى قَول الْبَعْض: الثَّانِي أَحَق بهَا، وعَلى قَول الْعَامَّة الأول يَنْزِعهَا من الثَّانِي كمن أخرب دَاره أَو عطل بستانه وَتَركه حَتَّى مرت عَلَيْهِ سنُون، فَإِنَّهُ لَا يخرج عَن ملكه، وَلَكِن إِذا حجرها وَلم يعمرها ثَلَاث سِنِين يَأْخُذهَا الإِمَام كَمَا ذكرنَا، وَتَعْيِين الثَّلَاث بأثر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ عندنَا: يملكهُ الذِّمِّيّ بِالْإِحْيَاءِ كَالْمُسلمِ، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة. وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة: لَا يملكهُ فِي دَار الْإِسْلَام، وَسَوَاء فِي ذَلِك الْحَرْبِيّ وَالذِّمِّيّ والمستأمن، وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي بِحَدِيث أسمر بن مُضرس، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَاسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِعُمُوم الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب، وَحكى الرَّافِعِيّ عَن الْأُسْتَاذ أبي طَاهِر: أَن الذِّمِّيّ يملك بِالْإِحْيَاءِ إِذا كَانَ بِإِذن الإِمَام.

٦١ - (١٧٧ بابٌ)

قد ذكرنَا غير مرّة أَن لَفْظَة بَاب، إِذا ذكرت مُجَرّدَة عَن التَّرْجَمَة تكون بِمَعْنى الْفَصْل من الْبَاب السَّابِق، وَلَيْسَ فِيهِ تَنْوِين، لِأَن الْإِعْرَاب لَا يكون إلَاّ بعد العقد والتركيب، أللهم إلَاّ إِذا قُلْنَا: هَذَا بَاب، فَيكون حِينَئِذٍ منوناً مَرْفُوعا على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف.

٦٣٣٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرَ عنْ مُوسَى بنِ عقْبَةَ عنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُرِيَ وهْوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الوَادِي فَقِيلَ لَهُ إنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ فَقَالَ موسَى وقَدْ أناخَ بِنا سالِمٌ بالمُناخِ الَّذِي كانَ عبدُ الله يُنِيخُ بِهِ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ أسْفَلُ مِنَ المَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الوَادِي بَيْنَهُ وبَيْنَ الطَّرِيقِ وسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَجه دُخُول هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب من حَيْثُ إِنَّه أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن ذَا الحليفة لَا يملك بِالْإِحْيَاءِ لما فِيهِ من منع النَّاس النُّزُول فِيهِ، وَأَن الْموَات يجوز الِانْتِفَاع بِهِ، وَأَنه غير مَمْلُوك لأحد، وَهَذَا الْمِقْدَار كافٍ فِي وَجه الْمُطَابقَة، وَقد تكلم الْمُهلب فِيهِ بِمَا لَا يجدي، ورد عَلَيْهِ ابْن بطال بِمَا لَا ينفع، وَجَاء آخر نصر الْمُهلب فِي ذَلِك، وَالْكل لَا يشفي العليل وَلَا يروي الغليل، فَلذَلِك تَرَكْنَاهُ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العقيق وادٍ مبارك، فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>